فوائد من سورة الحديد

سورة الحديد من سور القرآن الكريم المدنية، أي التي نزلَت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المدينة المنورة، أو نزلَت بعد هجرته من مكة إلى المدينة، تقع السورة في الحزب أربعةٍ وخمسين وفي الجزء سبعةٍ وعشرين، رقمُ ترتيبها في المصحف سبعةٌ وخمسون، وعدد آيات السورة تسعةٌ وعشرون آية، ويُقدم لكم موقع معلومات في هذا المقال فوائد من سورة الحديد.

فوائد من سورة الحديد

بما أنَّ سورة الحديد من السور المسبِّحات فإنَّ أعظم فوائد سورة الحديد تتمثَّلُ في تسبيحِ الله تعالى وتمجيده والثناء عليه -جلَّ وعلا-، مع التأكيد على أنَّ الخلائق جميعهم أولهم وآخرهم يسبحون الله تعالى.

جاء هذا التسبيح في سورة الحديد بصيغة الماضي في قوله تعالى: {سبَّحَ للَّهِ ما في السَّماوَاتِ والأرضِ وهُوَ العزِيزُ الحَكيمُ}، وذلك دلالة على عظمة الخالق سبحانه، وتتابع الآيات بتنزيه الله تعالى وتعدِّدُ صفات الكمال والألوهيَّة عند الله -سبحانه وتعالى- وتشيرُ إلى عظمة ملكه وقدرته المطلقة في تصريف جميع ما في الكون، قال تعالى: {هوَ الَّذي خلَقَ السَّمَاواتِ والأَرضَ في ستَّةِ أيَّامٍ ثمَّ اسْتوَى علَى العَرْشِ يَعْلمُ مَا يَلجُ في الأرْضِ ومَا يَخرُجُ منْهَا ومَا ينزِلُ مِنَ السَّمَاءِ ومَا يعْرُجُ فيهَا وهُوَ مَعكُمْ أَينَ مَا كُنتمْ واللَّهُ بمَا تَعْملُونَ بَصيرٌ}، وتذكُرُ عظمةَ علمه الذي يحيطُ بكلِّ شيءٍ.

ومن فوائد سورة الحديد أيضًا أنَّها توجِّهُ نداءً عامًّا مطلقًا لجميع البشر ليؤمنوا بالله تعالى ورسالته، وتحثُّهم على إنفاق أموالهم في سبيل الله تعالى، وتعاتب من يتردَّد في الإنفاق على ذلك، وتذكُرُ الأجر الكبير والثواب الجزيل الذي ينتظر المؤمنين على ما ينفقون في سبيل الله تعالى وحده، قال تعالى: {إنَّ المُصَّدِّقينَ والمُصَّدِّقاتِ وأقْرَضُوا اللَّهَ قَرضًا حسَنًا يُضاعَفُ لهُمْ ولَهُمْ أجْرٌ كرِيمٌ}.

تذم آيات سورة الحديد الحياة الدنيا وتظهِرُ للمسلمين حقارتَها وعدم أهميَّتها، وتشيدُ بالحياة الآخرة وما فيها من نعيم أبديٍّ لا يزول ولا يفنى، ومن مقاصد سورة الحديد أيضًا أنها تحضُّ المؤمنين والمسلمين على تقوى الله -تبارك وتعالى-، قال تعالى: {يا أيُّهَا الَّذينَ آمنُوا اتَّقوا اللَّهَ وآمِنُوا برَسُولهِ يُؤتكُمْ كِفلَيْنِ من رَّحْمتِهِ ويَجْعَل لَّكمْ نورًا تَمشُونَ بهِ وَيَغفِرْ لكُمْ واللَّهُ غفُورٌ رَّحيمٌ}، وتشيرُ إلى عظيم الفضل والجزاء الذي أعدَّه الله تعالى لعباده المؤمنين.

فوائد

لا بدّ من الوقوف بقليلٍ من التّأني والتّفكر عند هذه السّورة الكريمة، والنّظر في بعضٍ من معانيها التي أرداها الله -جلّ وعلا-، ولذلك سنكون مع فوائد بيانية من سورة الحديد من خلال ذكر ما يأتي:

في قوله تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ} وفي سورة الحشر والصّفّ كذلك جاء فعل التّسبيح بصيغة الماضي، وفي سورتي التّغابن والجمعة يقول: {يُسَبِّحُ} بصيغة المضارع، ومردّ هذا الاختلاف إلى أنّه: لمّا أخبر الله -سبحانه وتعالى- أنّ ما في السموات والأرض يسبّحون له أخبر بأنّ ذلك فعلٌ دائمٌ دون انقطاع، وأنّه باقٍ ببقائه -جلّ وعلا-، دائمٌ ما دامت صفاته الموجبة للتّسبيح موجودة.

ومن ناحيةٍ أخرى فإنّ هذه الكلمة “التسبيح” هي كلمةٌ استأثر الله -تعالى- بها، حيث بدأ بالمصدر في ذكر بني إسرائيل؛ وذلك لأَنّه الأَصل، ثمّ ذكرها بالماضي؛ لأَنَّه أَسبق الزَّمانين، ثمّ بعد ذلك بالمستقبل، استيعابًا لهذه الكلمة من جميع جهاتها وهي ثلاث: المصدر، والماضي، والمستقبل.

أما في قوله -تعالى-: {مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}. فإنّ زيادة “ما” في بواقي الآيات كقوله -تعالى-: {وَمَا فِي الْأَرْضِ}مردّه إلى تشاكل ما بعدها من الآيات الثّلاث في قوله تعالى: {لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}، {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}، {لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}.

إذا ما أراد عاقلٌ أن يتفكّر في فوائد لغوية في سورة الحديد فإنّه سيصل إلى الآية الكريمة التي يقول فيها الله -سبحانه وتعالى-: {ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا} وفى سورة الزّمر: {ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا} فيتبادر إلى ذهنه السؤال التّالي: لماذا استخدم الله تعالى الإضافة إليه في هذه المواضع؟ إجابة هذا السؤال تكون بالرّجوع إلى افتتاحية سورة الزّمر، حيث إنّ نسبة إنزال الماء وسلوكه ضمن ينابيع في الأرض وإخراج ما ينبت به إليه، كان ذلك مناسبًا لجعل نسبة الحطام إليه -جل وعلا-، أمّا في سورة الحديد لم ينسبه إليه، إنّما قال: {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا} نجد هنا أنّ الله -تعالى- نسب الأفعال كاملةً إلى الزّرع.

الإعجاز في سورة الحديد

إنَّ القرآن الكريم كلُّه معجزٌ، وهو المعجزةُ الخالدة التي أيَّدَ الله تعالى بها نبيَّه محمد -صلى الله عليه وسلم-، وفي سورة الحديد بالذات وردَ ذكر الحديد في إحدى آياتها فكان من المعجزات العظيمة في هذا الكتاب المبين، قال تعالى: {لقَدْ أَرسَلنَا رسُلَنَا بالبَيِّنَاتِ وأنزَلْنَا معَهُمُ الكِتَابَ والمِيزَانَ ليَقُومَ النّاسُ بِالقسطِ وأنزلنَا الحدِيدَ فيهِ بَأسٌ شدِيدٌ ومنَافِعُ للنَّاسِ وليَعلَمَ اللَّهُ من يَنصرُهُ ورُسلَهُ بالغَيبِ إنَّ اللَّهَ قوِيٌّ عزِيزٌ}.

يخبرُ اللهُ تعالى عبادَه أنَّه أنزلَ عليهم الحديد من السماء إنزالًا، أي إنَّ الحديد لم يتشكَّل في الأرض بل نزلَ كما هو من السماء، وهذه المعلومات لم يكن يعرفها الإنسان سابقًا، ولم يتوصَّل إليها إلا في القرن العشرين، وأكَّدت الكثير من الدراسات العلمية الحديثة على أنَّ الحديد الموجود في الأرض وفي المجموعة الشمسية قد نزلَ من السماء بعد انفجار النجوم المُستعرة وانتشارها في صفحة الكون، فنزلَت على الأرض وابلًا من النيازك الحديدية، والله أعلم.

اقرأ أيضًا:

فوائد من سورة الزمر

أسباب نزول سورة الحديد

المصادر:

مصدر 1

مصدر 2

مصدر 3

مصدر 4

Exit mobile version