تُصنّف سورة الجن ضمن سور القرآن الكريم المكيَّة أي التي نزلَت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة قبل الهجرة إلى المدينة المنورة، نزلت بعد سورة الأعراف، تقعُ سورة الجن في الجزء التاسع والعشرين من القرآن الكريم، ويستعرض موقع معلومات في هذا المقال فوائد من سورة الجن.
فوائد من سورة الجن
تناولت سورة الجن في البداية الحديث عن نفرٍ من الجن كانوا يستمعون إلى كلام الله تعالى يُتلى، وكانوا يتأثرون بالبلاغة التي يحملها هذا الكلام، وتخشع قلوبهم لما فيه من إعجاز، ثمَّ يذهبون لدعوة قومهم لهذا الدين والإيمان بالله تعالى وتنزيهه عن كل عيب، قال تعالى في بداية السورة: {قلْ أوحِيَ إلَيَّ أنَّهُ اسْتمَعَ نفَرٌ منَ الجنِّ فقَالُوا إنَّا سَمعْنَا قُرآنًا عجَبًا * يَهدِي إلَى الرُّشدِ فآمَنَّا بهِ ولَنْ نُشرِكَ برَبِّنَا أحَدًا}.
ومن فوائد سورة الجن أيضًا أنها تبيِّنُ للمسلمين أن الاستعانة بالجن لا تسمنُ ولا تُغني من جوع ولا تجلبُ النفع للإنسان أبدًا، قال تعالى: {وأَنَّهُ كانَ رجَالٌ منَ الإِنسِ يعُوذُونَ برِجَالٍ منَ الجنِّ فزَادُوهُمْ رهَقًا}، وهذا من أهم ما جاءت به السورة المباركة.
بيَّنت آيات سورة الجن سبب عدم قدرة الجن على الاستماع لأخبار السماءِ وفشل جميعُ محاولاتهم في ذلك، وكيف أنَّ الله تعالى بقدرته أرسلَ عليهم شهبًا لحراسة السماء.
من فوائد سورة الجن أنها تخبرُ المسلمين أنَّ الجنَّ ينقسمون إلى طائفةٍ مؤمنة وطائفةٍ كافرة وقد حدَّدت مصير كل منهم، قال تعالى: {وأَنَّا منَّا المُسلِمُونَ ومِنَّا القَاسِطونَ فمَنْ أسلَمَ فأولَئِكَ تحرَّوْا رشَدًا * وأَمَّا القَاسِطُونَ فكَانُوا لجَهَنَّمَ حطَبًا}.
تتحدث بقية الآيات الحديث حول دعوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكيف أن قومه كانوا يحاولون أن يبعدوه عن دعوة الحق والتوحيد، ثمَّ تختمُ الآيات بأحد مقاصد سورة الجن العظيمة وهو أن يسلمَ رسولُ الله أمره كله لله تعالى ويخضعَ له بكل جوارحه لأنَّه وحده فقط الذي يضرُّ وينفعُ ولا يملك ذلك إلا هو وبالتأكيد هذا الكلام له ولغيره من المسلمين، قال تعالى: {قلْ إنِّي لا أمْلِكُ لكُمْ ضرًّا ولَا رشَدًا * قلْ إنِّي لنْ يجِيرَنِي منَ اللَّهِ أحَدٌ ولَنْ أجِدَ منْ دونِهِ ملتَحَدًا}، والله تعالى أعلم.
فوائد قراءة سورة الجن
تجب الإشارة إلى أنَّ كتاب الله -سبحانه وتعالى- خير بأكمله، كتاب متعبَّدٌ بالتلاوة، وسورة الجن إحدى سور القرآن الكريم، لذلك إنَّ فوائد سورة الجن من حيث تلاوتها وتدبُّرِ أحكامها من فوائد كتاب الله تعالى كاملًا، وقد روى عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: “مَن قرأَ حرفًا من كتابِ اللَّهِ فلَهُ بِهِ حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها، لا أقولُ آلم حرفٌ، ولَكِن ألِفٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ”. (( الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : المنذري | المصدر : الترغيب والترهيب، الصفحة أو الرقم: 2/296 | خلاصة حكم المحدث : [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما] ))
فأولى فوائد سورة الجن أنَّ تلاوتها تكسب الأجر والثواب، ففي تلاوة كلِّ حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها والله يضاعف لمن يشاء.
وقد انتشرَ بين الناس أهمية قراءة سورة الجن قبل النوم، ولكن لم يردْ في السنة النبوية المباركة ما يبيِّن فوائد سورة الجن قبل النوم، وهذا لا يعني حرمة قراءتها، فقراءتها في أي وقت من الأوقات خير وأجر، وإنَّما لا يجوز نشر ما لم يردْ عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ففي هذا نشر ما لم يصح ولم يردْ عن رسول الله -عليه الصَّالة والسَّلام-، فلا بأس في قراءة سورة الجن قبل النوم شريطة عدم الإيمان بأن قراءتها من السنة، فهي ليست كذلك.
فوائد
تشتمل سورة الجن على العديد من الفوائد اللغوية، فقد جاء في أول آياتها: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا} حيث افتتح الله تعالى الآية بفعل الأمر “قل” فهو يأمر نبيّه الكريم بأن يسرد على أصحابه قصّته مع الجن وكيف أنّه تلى عليهم القرآن الكريم.
لم تكن الغاية من إخبارهم لتثبت نبوّة الرسول الكريم أو لإقناع المشركين، بل كانت الرسالة موجّهةً لصحابة رسول الله لغايتين، الأولى أن يخبرهم بأنّ قسمًا من الجن أسلم وآمن بالقرآن الكريم،
والغاية الثانية لسرد قصةٍ تثبّت إيمانهم وتسليهم، وأضاف كلمة “أنّه” وهو حرف تعظيم، وذلك لتعظيم شأن القرآن الكريم وتعظيم أمر تلاوة الرسول القرآن للجن.
ويُلاحظ أيضًا مما جاء من فوائد لغوية في سورة الجن أنّ الله تعالى قال: “أنّه استمع نفرٌ من الجن” ولم يقل “استمع إليك”، وذلك لأنّ الغاية من الآية الكريمة هي القرآن وموقف الجن من سماعه، وليس الغاية ذكر رسول الله، ولو أنّه قال “إليك” فلا بدّ أن يذكر شيئًا يتعلّق بالرسول الكريم، ومع أنّ المخاطب هو رسول الله لكنّ الغاية هي ذكر القصة وأحداثها، وليس ذكر الراوي، ثمّ إنّ الله تعالى انتقل إلى قول الجن دون أن يُفصّل ما سمعوه، فهو لم يقل “استمع نفر من الجن إلى القرآن” بل قال “استمع نفرٌ من الجن فقالوا إنّا سمعنا قرآنًا عجبا”.
والغاية هنا الإيجاز في الحديث عن القرآن فلو ذكره لاستوجب الشرح والتفصيل عن القرآن، وقد اوجز لأنّه من المفهوم أنّ الجن عندما استمعوا فهم كانوا يستمعون إلى القرآن، والموقف لا يستدعي تفصيلًا، والله تعالى أعلم.
اقرأ أيضًا:
المصادر: