معنى آية يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانًا خليلًا

جاءت الأدلة الشرعية لتنهى عن مصاحبة أصدقاء السوء وتبيّن خطورة مخالطتهم وجعلهم أخلاء وأصدقاء، ومن هذه الأدلة قول الله تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ۗ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا}، ويزيد الاهتمام بمعرفة معنى آية يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانًا خليلًا وفوائد إضافةً إلى سبب نزولها.

معنى آية يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانًا خليلًا

معنى آية يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانًا خليلًا

إنّ معنى آية يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانًا خليلًا أي يا هلاكي الذي ليس لي منادم غيره لأنّه ليس بحضرتي سواه، ولمّا كان الظالم يريد مستحيلًا عبّر بأداة التمني ليت حيث قال: “ليتني لم أتخذ فلانًا خليلًا” يعني بفلان الشخص الذي أضلّه ويذكره باسمه، وقد عبّر سبحانه عنه بفلان إرادةً للعموم، على الرغم من أنّ الآية نزلت بشخص محدّد، والخليل هو الصديق الذي وافق ذلك الظالم في الأعمال التي أوردته مواطن السوء والهلاك وسوء العاقبة.

كما فسّر الشيخ محمد متولّي الشعراوي هذه الآية وقال أنّ الويل هو الهلاك وهذا الإنسان يدعو على نفسه بالهلاك والمرء لا يدعو بذلك إلّا إذا كان ما هو فيه أشد من الويل والهلاك، والتمنّي هو طلب حصول أمر محبوب ولكن لا سبيل إلى نواله فالظالم يتمنّى أنّه لم يستمع لكلام خليله الذي أضله وأفسده ولكنّه يعلم استحالة ذلك.

وفي التعبير “فلانًا” يقول الشعراوي أنّ الظالم لم يذكر اسمه لأنّه يكره ذلك الخليل ومن كرهه له وبغضه إيّاه كره أن يذكر اسمه ويتلفظ به، والخليل من الخُلّة والمخالّة ومعناها الصداقة المتداخلة والمتبادلة، ثمّ إنّ الظالم يذكر السبب الذي جعله يتمنّى أن لا يكون اتخذ فلانً خليلًا وهو أنّه أضلّه عن الذكر وحجبه عن الهدى والاستقامة.

وفيما يأتي بيانٌ للثمرات المستفادة من هذه الآية الكريمة:

اقرأ أيضا: معنى آية لا تتخذوا بطانة من دونكم

سبب نزول آية يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانًا خليلًا

ذكر الكثير من المفسرين خصوصًا من أهل الأثر بالتفسير سبب نزول آية يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانًا خليلًا، وفيما يأتي ذكرٌ للآثار التي تعارف أهل العلم والتفسير على أنّها سبب نزول الآية الكريمة:

قال ابن عباس -رضي الله عنهما- في بيان سبب نزول آية: ليتني لم أتخذ فلانًا خليلًا: كان أُبيّ بن خلف يحضر النبي -صلّى الله عليه وسلّم- ويجالسه ويستمع إلى كلامه من غير أن يؤمن به، فزجره عقبة بن أبي معيط عن ذلك، فنزلت هذه الآية.

قال الشعبي -رحمه الله- في بيان سبب نزول آية: ليتني لم أتخذ فلانًا خليلًا: وكان عقبة خليلًا لأمية بن خلف، فأسلم عقبة فقال أمية: وجهي من وجهك حرام إن تابعت محمدًا، وكفر وارتدّ لرضا أمية، فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية.

كما ورد في الكتب التي اهتمّت بأسباب النزول قصةً أخرى تبيّن سبب نزول الآية، وهي: أنّ أُبي بن خلف وعقبة بن أبي معيط كانا متحالفين، وكان عقبة لا يأتي من سفر إلّا ويصنع طعامًا ويدعو إليه أشراف قومه، وكان يجالس رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كثيرًا، وقد عاد من سفره يومًا وصنع طعامًا ودعا الناس إليه ودعا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلى طعامه، فلمّا اقترب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من الطعام؛ قال له: “ما أنا بآكل من طعامك حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله”، فقال عقبة: أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أنّ محمدًا رسول الله، فأكل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من طعامه.

وكان أُبيّ بن خلف غائبًا عن ذلك المجلس، فلمّا علم بما جرى وعرف أن عقبة قد أسلم بنطقه للشهادتين، قال له: صبأت يا عقبة، -أي غيرت دينك وصرت على دين محمد-، فقال له عقبة: والله ما صبأت ولكن دخل عليّ رجل فأبى أن يطعم من طعامي إلّا أن أشهد له، فاستحييت أن يخرج من بيتي ولم يطعم، -أي: لم يأكل-، فشهدت له فطعِم.

فقال أُبيّ: ما أنا بالذي أرضى عنك أبدًا إلّا أن تأتيه فتبزق في وجهه وتطأ عنقه، فاستمع عقبة لكلام أُبيّ وأراد أن يفعل ما طلبه منه، فأخذ أحشاء دابّة وألقاها بين كتفي رسول الله، فقال له الرسول الكريم: “لا ألقاك خارجًا من مكة إلّا علوت رأسك بالسيف”، فقُتل عقبة في معركة بدر، وأمّا أُبيّ بن خلف فقتله رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في مبارزة في معركة أٌحد.

اقرأ أيضا: معنى آية سماعون للكذب أكالون للسحت

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

Exit mobile version