تحدثت آيات كثيرة في القرآن الكريم عن أحكام الطلاق في حال عدم استقامة الحياة الزوجية، وكثرة الخصومات، وقد كفل الإسلام لكلا الطرفين حق الرجوع، أو الإصرار على الفراق، ضامناً الحياة الكريمة للزوجة، ومهذباً المجتمع الإسلامي بهذه الأحكام، ويهتم الكثير من المسلمين بالتعرف على آيات قرآنية للإصلاح بين الزوجين في حال الخلاف أو الافتراق.
آيات قرآنية للإصلاح بين الزوجين
يقول -سبحانه وتعالى-: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً) ففي الآية الكريمة، أمر منه -سبحانه- بإرسال حكمين عادلين، في حال وقوع النزاع بين الزوجين؛ لينظرا في المشكلة ويحاولا الإصلاح بينهما.
يقول -سبحانه وتعالى-: (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) فالأصل في حل المشكلات بين الزوجين عدم خروجها من بينهما إن كانا يستطيعان حلها بالتفاهم والصلح؛ وذلك حتى لا يُفسحا المجال للآخرين بإفساد العلاقة.
يقول -سبحانه وتعالى-: (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ) وهذه الآية الكريمة تحثّ على أحد طرق الإصلاح لمن كان متزوجاً بأكثر من زوجة، فتحثه على العدل والرحمة في إعطاء الحقوق، والنهي عن ترك الزوجة دون إنصاف واهتمام، فلا هي مطلقة بدون زوج، ولا هي تشعر بوجوده.
يقول -سبحانه وتعالى-: (الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) يريد الحق -سبحانه- أن يربي في نفوس المسلمين حل المشكلات بأيسر الطرق إن تعذر الإصلاح، فشرع الطلاق، فإما أن يعطي الزوج لنفسه فرصة بالتراجع، أو يكون الانفصال بإحسان.
اقرأ أيضا: معنى آية وإن عزموا الطلاق
يقول -سبحانه وتعالى-: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) فالأصل في أخوة الإيمان، أن يكون الحب والسلام والتعاون والوحدة هو الأساس، وما ينشأ من خلاف أو قتال هو الاستثناء الذي يجب تداركه بالإصلاح ومحاولة رد الحال إلى أصله.
يقول -سبحانه وتعالى-: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا) فإن حصلت الشحناء وتوترت العلاقات، كان السعي إلى الإصلاح بالعدل وإزالة أسباب الفرقة.
يقول -سبحانه وتعالى-: (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا) إذا طلق الرجل زوجته ولم تنقضِ عدتها، وأراد إرجاعها رغبة في الإصلاح، فله ذلك دون إذنها أو إذن وليها؛ حرصاً على تغليب المصلحة.
يقول -سبحانه وتعالى-: (فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) تحث الآية الكريمة على تحقيق فرض الكفاية في الإصلاح، وإزالة الظلم والجور، فإن تركه الجميع أصابهم الإثم بذلك.
يقول -سبحانه وتعالى-: (أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) ينهى -سبحانه- المسلمين أن يمتنعوا عن الإحسان، وفعل الخير، والإصلاح بين الناس، بحلف اليمين على ترك ذلك؛ لما فيه من امتناع عن البر، وأفعال الخير.
يقول -سبحانه وتعالى-: (لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) جاء النهي عن النجوى والإسرار بالحديث إلا في حالات معينة، منها أن تكون في إصلاح ذات البين، وجزاء فعل ذلك الأجر العظيم.
يقول -سبحانه وتعالى-: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ) فالمبادرة إلى حل الخصام ومحاولة الإصلاح يجب أن يكون ابتغاء وجه الله -سبحانه- فقط.
يقول -سبحانه وتعالى-: (قُل إِصْلَاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ) وردت هذه الآية الكريمة في اليتامى، لكن يُستخلص منها مفهومين مهمين للإصلاح هما: الإصلاح النفسي أو الروحي، بالشفقة وجبر الكسر، والرحمة واللين. والإصلاح الاقتصادي برعاية المال وأداء حقه.
يقول -سبحانه وتعالى-: (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ) وردت الآية الكريمة على لسان نبي الله شعيب -عليه السلام-، لكنها تعني الرغبة بفعل الصلاح، والإصلاح قدر المستطاع.
اقرأ أيضا: معنى آية ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين
أثر تطبيق آيات الإصلاح على البيت المسلم
- اتخاذ القرآن الكريم المرجع والمصدر الأول في ميدان الإصلاح: فالمجالات فيه واسعة، يمكن عرضها بالعمل والامتثال لأمره -سبحانه-، وبالنصح والإرشاد عن طريق الخطب والمواعظ والكتابات، فتشمل كافة أنواع الخير والطاعة.
- خلق نظام تربوي فريد: ينتج عنه تكوين أجيال مسلمة متوازنة، تستطيع تحمل المسؤولية، وتحقق بذلك سعادة الدارين.
- التربية بالقدوة: ابتداءً بالرسول الكريم مؤسس منهج الإصلاح بطريقة تبهج النفوس، وتترك للناس النماذج التربوية المشرفة والبصمة المميزة في حل الأمور.
- الحرص الدائم على التوبة: فالمتتبع للآيات القرآنية يجد الرابط الوثيق بين التوبة وضرورة الإصلاح بعدها.
- توضيح حقيقة الزوجية: ليظل الاطمئنان والأمن والسكينة؛ فتنمو هذه العلاقة نمواً سليماً مستقيماً.
- شمولية الشريعة الإسلامية: فقد جاءت بنظام شامل، لم يترك ولم يغفل عن صغيرة ولا كبيرة إلا وبينها.
- ربط الأجيال الجديدة بالقرآن الكريم: وذلك بتوصيلها إلى فهم القرآن، وحرصه الدائم على إسعاد الإنسان.
- إصلاح النفس: وذلك بالخوف من الله، واستشعار مراقبته، والصبر والتحمل، وحفظ اللسان، وحفظ النفس عند الغضب.
- إصلاح الأسرة اجتماعياً: والتي تعد المصدر الأول، والخلية الأولى لتنشئة شخصية الأطفال والتأثير بها، والتركيز على أسلوب الوالدين، وانعكاسه في تربية أبنائهم.
اقرأ أيضا: ما هو مفهوم الزواج في الإسلام