معنى آية يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب

يبحث الكثير من المسلمين عن معنى آية يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أولَ خلقٍ نُعيده وعدًا علينا إنّا كُنّا فاعلين، حيث تأتي هذه الآية الكريمة في خواتيم سورة الأنبياء، فكأنّه -تعالى- يقول لعباده سيروا على خُطى أولئك الرجال العظام -الأنبياء- الذين بدؤوا درب التوحيد والدفاع عن مقام الربوبيّة بكلّ ما أوتوا من نعم قد أكرمهم ربّهم -عزّ وجلّ- بها؛ لأنّ مردّ الجميع إلى الله سبحانه، وهو يتولّى حساب الخلائق كلّها يوم القيامة.

معنى آية يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب

معنى آية يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب

إنّ معنى آية يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب أي أنّ الله تعالى يوم القيامة يطوي السماوات -على عظمها واتساعها- كما يطوي الكاتب للسجل أي: الورقة المكتوب فيها، فتنثر نجومها، ويكور شمسها وقمرها، وتزول عن أماكنها {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} أي: إعادتنا للخلق، مثل ابتدائنا لخلقهم، فكما ابتدأنا خلقهم، ولم يكونوا شيئا، كذلك نعيدهم بعد موتهم، {وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} أي ننفذ ما وعدنا، لكمال قدرته تعالى، وأنه لا تمتنع منه الأشياء.

وردت هذه الآية في إطار الحديث على أهوال يوم القيامة كما يرى ابن كثير الدمشقي وأكثر المفسّرين، ويؤيّدها قوله تعالى في سورة الزُّمَر: {وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ}.

كما يؤيّدها أيضًا حديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الذي يرويه عنه الصحابي الجليل أبو هريرة -رضي الله عنه- ويقول فيه: “يَقْبِضُ اللهُ الأرْضَ يَومَ القِيامَةِ، ويَطْوِي السَّماءَ بيَمِينِهِ، ثُمَّ يقولُ: أنا المَلِكُ أيْنَ مُلُوكُ الأرْضِ”. (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم: 4812 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))

إذًا يطوي الله -عزّ وجل- السماوات كما تُطوى الصحيفة أو كما يُطوى الكتاب على أوراقه، وقيل المقصود بالسجل هو الملك الموكول إليه رفع صحف العباد وأعمالهم، فإذا مات العبد رُفِعَ كتابه إلى هذا الملَك فيطويه إلى يوم القيامة.

ثمّ يقول تعالى: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ۚ وَعْدًا عَلَيْنَا ۚ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ}، أي إنّ إعادة البشريّة إلى الصورة الأولى التي كانوا عليها يوم خلقهم الله -تعالى- هو وعدٌ لا ريب فيه آتٍ لا محالة، ولذلك ختم تعالى الآية بقوله: {إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ}.

ويؤيّد هذا الرأي ما ورد في صحيح الإمام البخاري من قوله -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث الذي يرويه ابن عبّاس -رضي الله عنهما- إذ قال: خَطَبَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقالَ: “إنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إلى اللهِ حُفاةً عُراةً غُرْلًا، {كما بَدَأْنا أوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ، وعْدًا عليْنا إنَّا كُنَّا فاعِلِينَ}”. (( الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم: 6524 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))

ورُوي عن ابن عبّاس أنّه قال إنّ المقصود يقوله تعالى: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ} هو إهلاك كلّ شيء كما كان أوّل مرّة، والله تعالى أعلم.

اقرأ أيضا: معنى آية زين للناس حب الشهوات

الإعجاز العلمي في آية يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب

لقد وقف علماء التفسير مع هذه الآية قديمًا مواقف كثيرة، وفسّروها بناءً على فهمهم لهذه الآية وكذلك ما ذكره السلف الصالح عنها، فذكروا أنّها تتحدّث على أهوال القيامة وحدوث انقلاب هائل في طبيعة الكون غير الطبيعة التي يعرفها الناس واعتادوا عليها؛ إذ في ذلك اليوم يطوي الله -تعالى- بقدرته العظيمة التي ليس كمثلها شيء السماوات كما تُطوى الصحيفة.

وأمّا العلماء المعاصرون فقد وقفوا أمام الآية في ظلّ التطوّر العلميّ الهائل بذهولٍ؛ لِمّا حوته من إعجازٍ علميّ كبير قد سبق الناس منذ زمنٍ بعيدٍ جدًّا.

إذ يرى العلماء أنّ الكون في آخر الزمان سيحدث فيه رتقٌ ثانٍ شبيه بالرّتق الأوّل الذي نشأ عن انفجاره نشوء الكون أوّل مرّة، وبذلك ستتغيّر السماوات والأرض وينفتح عالمٌ جديد مُختلفٌ عن العالم الحالي، وتكون في ذلك العالم الحياة الأبديّة للنّاس، وفي ذلك يقول الله -تعالى- في سورة إبراهيم: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ۖ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}، وهذه المعرفة ممّا لا يمكن للإنسان إدراكها من دون هداية ربّانيّة له.

ويرى العلم الحديث أنّ الكون يكون في حالة اتّساع مستمرّ إلى أن يقضي الله -تعالى- له أن ينهار ويعود بذلك كلّ شيء إلى ما كان عليه أوّل مرّة؛ فيرى العلماء أنّ الكون سينهار على بعضه بعضًا كما تنهار أوراق الكتاب على بعضها بعضًا حين يُغلق دفعة واحدة.

وقد أكّد هذا الرأي العالم الغربي المُلحد ستيفن هوكينج حين رأى أنّ سلوك الكون يخرج فجأة عن المتوقّع من دون تفسير فيزيائيّ علميّ منطقي معروف، وبذلك يكون القرآن الكريم متفقًا مع التجارب والمشاهدات، وكذلك تكون النظريات العلميّة المعاصرة التي تفسّر نهاية الكون التي عارضت القرآن قد باءت بالإخفاق وأثبتت ضعفها، والله غالب على أمره ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون.

اقرأ أيضا: معنى آية الا من اتى الله بقلب سليم

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

Exit mobile version