تعدُّ سورة القيامة سورةً من السور المكيّة التي أنزلها الله -سبحانه وتعالى- على رسوله الكريم في مدينة مكة المكرمة بواسطة الوحي جبريل -عليه السلام- وهي من سور المفصل، يلغ عدد آيات سورة القيامة أربعين آية، وقد نزلت بعد سورة القارعة، وهي السورة الخامسة والسبعون بين سور الكتاب، ويستعرض موقع معلومات في هذا المقال فوائد من سورة القيامة.
فوائد من سورة القيامة
يستهل الله تعالى سورة القيامة بالقسم بيوم البعث والحساب، ثمَّ ينتقل في هذه الآيات المباركة إلى ذكر بعض العلامات التي تبين اقتراب يوم الحساب.
ثمَّ تنتقل الآيات لمخاطبة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وطمئنته على حفظ القرآن الكريم من قبل الله تعالى.
تختلف فوائد سورة القيامة في النص الثاني من آياتها عن فوائد القسم الأول ظاهريًا وتتفق باطنيًا، فالآيات الأولى تشرح يوم القيامة وأهوال هذا اليوم، والقسم الثاني من الآيات يشرح أحوال الناس في يوم الحساب، يفرِق بين السعداء والأشقياء وأحوال كلِّ فريق على حدة.
تذكِّر الآيات الأخيرة من هذه السورة الكريمة كلَّ من أشرك وكفر بعاقبة الكافرين المشركين، وتذكر على أنَّ الله تعالى قادر على بعث الموتى من قبورهم لحسابهم.
دروس مستفادة من سورة القيامة
يمكن للإنسان أن يستخلص من سور القرآن الكريم الكثير من العبر والدروس، وسورة القيامة على وجه الخصوص فيها ما فيها من العبر والدروس، فيما يأتي أبرز الدروس والعبر المستفادة من هذه السورة المباركة:
- قدرة الله تعالى على جمع الإنسان وإعادة إحيائه ورسم أدق التفاصيل التي كانت على جسده قبل أن يموت ويفنى جسده في التراب.
- تعلِّم الآيات أيضًا أنَّه ينبغي على المتعلم أن ينصتَ بكلِّ جوارحه على من يعلمه، حتَّى يتسنَّى له أخذ العلم بطريقة صحيحة سليمة.
- تظهر الآيات إيمان المؤمنين بربهم وفرحهم بنعيمه يوم القيامة، هذا النعيم الذي لا يضاهيه نعيم في الدنيا.
- ينبغي على الإنسان أن يتذكر أصله وحجمه فلا يتكبر على خلق الله تعالى وأنَّ يكون دائمَ الحمد والشكر لله تعالى على نعمه الكثيرة.
لمسات بيانية في سورة القيامة
عند الوقوف عند بعض اللمسات البيانية في سورة القيامة يظهر بشكل واضح ترابط الآيات مع بعضها البعض فقد افتتح الله -تعالى- السورة الكريمة بالقسم بيوم القيامة، ثم بالقسم بالنفس اللوامة، حيث قال: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ*وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ}، ثم ذكر بعض أهوال ذلك اليوم العظيم، وبعدها قال عز وجل: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ*إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ}.
حيث إن أبرز سمات النفس اللومة العجلة في الأمر ثم الندامة عليه، فبعد أن تفعل الفعل تلوم نفسها على ما اقترفت، ومن الجوانب البلاغية البيانية التي يمكن الحديث عنها من خلال الفوائد اللغوية في سورة القيامة اقتران فعل القسم ب “لا” والحاجة منه، إذ إن كل أفعال القسم المسندة إلى الله تعالى في القرآن الكريم مسبوقة ب “لا”.
ولا يوجد في القرآن الكريم “أقسم”، بل كلها “لا أقسم”، كقوله -تعالى-: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ}، وقوله -تعالى-: {لَا أُقْسِمُ بِهَـذَا الْبَلَدِ}، وقد رجح بعض أهل العلم أن هذا التعبير يُعد لونًا لإخبار المخاطب عن أمر يجهله، ويحتاج إلى قسم لتوكيده، كالذي يقول على سبيل المثال: “لا أريد أن أحلف لك على أن الأمر على هذه الحال”، بينما ذهب بعضهم الآخر إلى أن القصد من هذا التعبير هو التأكيد عن طريق النفي، كالذي يقول لا أوصيك بفلان تأكيدًا للوصية عليه.
فوائد
في قوله تعالى {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ* وَخَسَفَ الْقَمَرُ* وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} تتضح إحدى صور الإعجاز العلمي في كتاب الله -عزَّ وجلَّ- ؛ فبعد أن نزل كتاب الله على رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قبل قرون طويلة، اكتشف الإنسان في القرن الماضي -أي بعد نزول القرآن بحوالي ألف وأربعمئة سنة- أنَّ القمر يبتعد في كلِّ سنة عن كوكب الأرض مسافةً مقدارها 3 سم، وهو في الأساس يبعد عن كوكب الأرض قرابة 350 ألف كم، وبابتعاده السنوي هذا يقترب القمر من الشمس تدريجيًا.
ومستقبلًا سوف يدخل القمر في مدار الشمس أو في نطاق جاذبية النجم الأكبر في المجموعة الشمسية وهو الشمس، وعندها ستسحبه جاذبية الشمس وتبتلعه كاملًا، وعندها ستتحد الشمس مع القمر كما يتضح من الآية الكريمة.
ويعدُّ اتحاد القمر والشمس بداية الخراب في هذا الكون، وبداية اختلال الأرض وفناء الكون وهي من العلامات التي تنذر بقدوم يوم الحساب الذي وعد به الله -سبحانه وتعالى-، والمقصود في قوله تعالى فإذا برق البصر وخسف القمر وجمع الشمس والقمر أي اختفاء القمر، فهو مع اقترابه من نور الشمس سيختفي نورُه تدريجيًا إلى أن يتحد بالشمس ويصبح قسمًا من كتلتها، وهذه صورة من صور الإعجاز في كتاب الله تعالى، الإعجاز الذي يدحض كلَّ اتهامات الحاقدين، أعداء هذا الدين.
يقول تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ * بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ}، وفي هذه الآية الكريمة صورة من صور إعجاز كتاب الله -سبحانه وتعالى- فقد أثبت العلم الحديث أنَّ بنان الإنسان يحتوي على مجموعة من البصمات التي لا يمكن أن تتشابه بين شخصين في العالم كلِّه، وهي بصمات مرسومة بدقة متناهية.
وقد أقسم الله تعالى في الآية السابقة بيوم القيامة أنَّه قادر أن يعيد تسوية البنان يوم القيامة كما خلقه في الحياة الدنيا بالدقة نفسها وبالشكل نفسه الذي لا يشبه شكل أي بنان عند أي إنسان في العالم، وهذا من عظيم قدرة الله تعالى، فقد أقسم أنه قادر على إرجاع هذا البنان كما هو في دقته، هذه الدقة التي عجز البشر عن اكتشافها حتَّى العصر الحديث، والتي قد تحدَّث عنها كتاب الله قبل وقت طويل، دليلًا جديدًا على إعجاز هذا الكتاب العظيم، والله تعالى أعلم.
اقرأ أيضًا:
المصادر: