سورة الحاقة هي إحدى سور القرآن الكريم المكيَّة، أي التي نزلَت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة أو قبل الهجرة إلى المدينة المنورة، تقع سورة الحاقة في الحزب السابعِ والخمسين وفي الجزء التاسع والعشرين والذي يُطلق عليه جزء تبارك، يبلغ عدد آياتها 52 آية من آيات الله، ورقم ترتيبها في المصحف تسعةٌ وستون، ويُقدم لكم موقع معلومات في هذا المقال فوائد من سورة الحاقة.
فوائد من سورة الحاقة
تدور سورة الحاقة حول الإخبار عن أهوال يوم القيامة العظيمة التي ستحلُّ بالسموات والأرض في ذلك اليوم المشهود، وتتحدَّثُ عن أحوال الكفَّار الذينَ لم يؤمنوا بالرسالات التي أنزلها الله تعالى على رسله وأنبيائه وتبيِّنُ العذاب والعقاب الذي سيحيقُ بهم، قال -سبحانه وتعالى-: {فإِذَا نُفخَ فِي الصُّور نَفْخةٌ واحِدَةٌ * وحُمِلَتِ الأَرْضُ والجِبَالُ فدُكَّتَا دكَّةً واحِدَةً * فيَوْمَئِذٍ وقَعَتِ الوَاقِعَةُ}.
كما تشير آيات سورة الحاقة إلى التغيُّرات التي ستضربُ الكون بأكمله وتغيِّرُ من معالمه، ومن مقاصد سورة الحاقة أنَّها تتناول أحوال الكافرين والمؤمنين يوم القيامة عند الحساب، فتصوّر المؤمنين في نعيم دائم وسعادة بالغة لا حصر لها، والكافرين في شقاء وعذاب مخيف لا يخفَّف عنهم ولا هم عنه يُصرفون.
قال تعالى واصفًا أحوال المؤمنين: {فأَمَّا منْ أوتِيَ كِتابَهُ بيَمِينِهِ فيَقُولُ هاؤُمُ اقرَءُوا كتَابِيَهْ * إنِّي ظنَنْتُ أنِّي ملَاقٍ حسَابِيَهْ * فهُوَ فِي عيشَةٍ راضِيَةٍ}، وفي وصف أحوال الكافرين يقول تعالى: {خذُوهُ فغُلُّوهُ * ثمَّ الجَحِيمَ صلُّوهُ * ثمَّ في سِلسِلَةٍ ذَرعُهَا سبعُونَ ذرَاعًا فاسْلُكُوه}.
ومن فوائد سورة الحاقة أيضًا أنها تؤكدُ على صدق دعوة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصدق الرسالة التي يحملها إلى البشر، وتوجِّهُ ردًّا قاسيًا إلى الكافرين الذين يدعون أنَّ القرآن كلام شعر أو كهانة، وتثبتُ الآيات الكريمة في سورة الحاقة كذبهم وبطلان اتهاماتهم، قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ * وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكَذِّبِينَ * وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ * وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ * فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}، وتعظِّمُ من شأنِ ومكانة القرآن الكريم في النهاية.
فوائد
تأتي ميزة هذه السّورة الكريمة من تسميتها التي تدلّ على الحقّ، الحقّ الذي وسم دين الإسلام بطابعٍ ميّزه وأظهره على سائر الأديان الأخرى، والحقّ اسمٌ من أسماء الله الحسنى، وكل قارئٍ ومتمعّنٍ في آيات كتاب الله تستوقفه بعض المواضع، فيبحث عن تفاسيرَ وتوضيحاتٍ لتساؤلاته، وفيما يأتي سيتمّ الوقوف مع جانبٍ من فوائد لغوية في سورة الحاقّة وتخيّر بعض تلك المواضع ومحاولة تقديم بعض الأجوبة لثلّةٍ من التّساؤلات كما يأتي: في قوله -تعالى- بعد بسم الله الرّحمن الرّحيم: {وما هُو بِقول شاعِرٍ قلِيلا ما تُؤْمِنُون * ولا بِقول كاهِنٍ قلِيلا ما تذكّرُونَ} قد ختم الله -جلّ وعلا- هاتين الآيتين الكريمتين بقوله: {ما تُؤْمِنُون} في الآية الأولى، وختم الثّانية بـ: {ما تذكّرُون} فالسّؤال هنا لم اختار الله هذين الفعلين تحديدًا؟
التّفسير يكون بالقول: إنّه من المعروف أنّ مخالفة نظم القرآن لنظم الشعر هي ظاهرةٌ جليّةٌ لا تخفى على أيٍّ كان، وثمّة قائلٌ قد قال: إنّ الشّعر كفرٌ وعنادٌ محضٌ، فإنّ الله -سبحانه- قد ختم الآية بقوله: {ما تُؤْمِنُون}، وأمّا مخالفته لنظم الكهّان وألفاظهم فيتطلّب تذكيرًا وتدبرًا؛ وذلك لأن كلًّا منهما يأتي على أوزان الشعر المعروفة ونظمها، ولكن قد يفترقان؛ لما في القرآن من فصاحةٍ وبلاغةٍ وبديعٍ، وبسبب ارتباط بديعه ببيانه، وألفاظه بمعانيه، عكس الحال لدى ألفاظ الكهّان لأنّها بخلاف ذلك كلّه.
أمّا في قوله -تعالى-: {فأمّا منْ أُوتِي كِتابهُ بِيمِينِهِ} باستخدام الفاءِ، وبعدها: {وأمّا} باستخدام الواو؛ فذلك لأنّ الموضع الأوّل متّصلٌ بأحوال القيامة وأهوالها، فاقتضى فيه استخدام الفاء لغاية التّعقيب.
وأمّا الموضع الثّاني فمتّصلٌ بالأوّل ولذلك أُدخلت الواو لأنّه أُريد الجمع، أمّا في قوله -تعالى-: {وأمّا منْ أُوتِي كِتابهُ بِشِمالِهِ}، وفي سورة الانشقاق قوله -تعالى-: {وأمّا منْ أُوتِي كِتابهُ وراء ظهْرِهِ}، فهناك قولان عن هاتين الآيتين الكريمتين من سورتي الحاقّة والانشقاق:
الأوّل منهما يقول: أنّ المعنى المُراد هو أن تغلّ يداه إلى عنقه، ويجعل شماله من وراء ظهره.
القول الثّاني فهو: أن يُخرج شماله من صدره إلى ظهره فهو بذلك من شماله وراء ظهره.
اقرأ أيضًا:
المصادر: