سورة المدثر من السور المكية، وعدد آياتها ستٌ وخمسون آية، وقد نزلت بعد سورة المزمل لتكون بذلك رابع سُور القرآن الكريم نزولًا، ونزلت بعدها سورة الفاتحة، وقد عُرفت السورة في غالبية المصاحف باسم المُدثِّر وهي وصفٌ لحال النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد نزول الوحي عليه، ويستعرض موقع معلومات في هذا المقال فوائد من سورة المدثر.
فوائد من سورة المدثر
- القيام بإنذار الناس ودعوتهم وترك الكسل والنوم والدعة ونحو ذلك، وهذا مأخوذ من قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ).
- تعظيم الله تبارك وتعالى وإجلاله وبذل كل غال ورخيص في سبيل مرضاته، لأنه أكبر من كل شيء ورب كل شيء وخالقه، فلا يجوز للداعية أن يقدم على طاعته وخدمة دينه أحداً من المخلوقات مهما كانت قوته وجبروته؛ بل على الداعية أن لا يخاف من أحد في تبليغ رسالة الله سبحانه، ودل عليه قوله تعالى في سورة المدثر (وربك فكبر).
- تطهير النفس وتزكيتها من أدران الذنوب والمعاصي والغدر ونحو ذلك، وتطهير الثوب والبدن من النجاسات والمستقذرات ولبس المحرمات ليتوافق الظاهر مع الباطن، وهذا مأخوذ من قوله تعالى: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ).
- هجر المعاصي والسيئات والبعد عن أهلهما إلا لتبليغهم رسالة الله ودعوتهم إليها، وهذا مأخوذ من قوله تعالى : (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ).
- عدم رؤية العمل الصالح والمن بكثرته فإن ذلك يحبطه ويذهب بركته ويورث الغرور، ومهما بلغ الداعية في الجهد وتحمل المشاق في سبيل الله تعالى ونصرة دينه فلا يساوي شيئاً مقابل نعم الله التي أنعم بها عليه في الدنيا، وما ادخره له في الآخرة من النعيم والمتعة، وهذا مأخوذ من قوله تعالى : (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ).
- الصبر والتحمل في سبيل الدعوة إلى الله تعالى وتحمل اتهامات الآخرين وكذبهم على الداعية ووصفه بما ليس فيه، وكذلك سعيهم لضربه أو سجنه أو قتله ونحو ذلك، وهذا مأخوذ من قوله تعالى : (وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ).
- الثبات عند الابتلاءت والامتحانات، وهذا مأخوذ من قوله تعالى في بيان حكمة تحديد عدة خزنة نار جهنم بتسعة عشر (ومَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً وَلا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ)، وأعظم أسباب الثبات العلم والإيمان، فينبغي للداعية دائماً الارتقاء فيهما والتزود منهما.
- ذِكر أسباب إعراض المشركين عن الإيمان بالله والخضوع له مع التأكيد على ضلال الكفار والمشركين في الدنيا ومقارنة حالهم بحال المؤمنين المصلين والمزكين والمتصدقين، وهذا يحمل الداعية إلى الزهد في الدنيا وشهواتها والإقبال على الآخرة ونعيمها، فلا يبالي بما يعترضه في طريقه من معوقات وحواجز لأن العاقبة له، وهذا مأخوذ من قوله تعالى (فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُور* فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ)، ومن قوله تعالى عن الوليد بن المغيرة (سأصليه سقر ) ومن قوله تعالى (إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ)، فبين الله أن عاقبة الكافرين سقر، وعاقبة المتقين جنات النعيم.
فوائد
تشتمل سورة المدثر على بعض اللمسات اللغوية مثل قوله تعالى: {إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَر}، وكلمة “الكبر” تحتمل معنيين بحسب ما قاله علماء التفسير البياني، فهذه الآية جاءت في سورة المزمل خبرًا لقوله تعالى: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ}، فقسمٌ من أهل العلم قالوا بأنّ البلايا التي تصيب أهل النار كثيرة وسقر واحدة منها، “فالكبر” هو صيغة مبالغة وجمع “كُبرى”، وهي ليس فقط اسم تفضيل وحسب وإنما هي أعلى درجات التفضيل لأن الكُبرى هي تأنيث الأكبر بالألف واللام “بأل التعريف” والأكبر أقوى من أكبر.
يتبيّن ممّا ورد من فوائد لغوية في سورة المدثر في هذه الآية أنّ القسم الأول من علماء التفسير البيانيّ والبلاغي يقول بأنّ “الكُبر” هي إحدى البلايا التي تصيب أهل النار وإحداها سقر، أمّا القسم الآخر فإنّه يقول بأنّ “الكُبر” هي درجات جهنّم وهنّ سبع درجات: “جهنم، ولظى، وسعير، والحطمة، وسقر، والجحيم، والهاوية”، وسقر هي إحدى هذه الدرجات وإحدى الكُبر، والله تعالى أعلم.
اقرأ أيضًا:
المصادر: