فوائد من سورة الممتحنة

سورة الممتحنة إحدى سور القرآن الكريم المدنية، أي نزلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المدينة المنورة بعد الهجرة، نزلت بعد سورة الأحزاب، وتقع السورة في الحزب الخامس والخمسين وفي الجزء الثامن والعشرين من كتاب الله تعالى وترتيبها في المصحف ستون، وعددُ آياتِ سورة الممتحنة ثلاثة عشر آية فقط، ويُقدم لكم موقع معلومات في هذا المقال فوائد من سورة الممتحنة.

فوائد من سورة الممتحنة

سورة الممتحنة

تشيرُ سورة الممتحنة في بداية الآيات إلى ما قام به الصحابي حاطب بن أبي بلتعة قبيل فتح مكة، حيثُ أرسلَ كتابًا مع امرأة ليخبرَ فيه قريشًا بما ينوي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعله، لكنَّ الله تعالى فضحه وكشفَ خيانته وقبض عليه رسول الله، وهنا يظهر أهم فوائد سورة الممتحنة في عدمِ التودُّد إلى الكفَّار مهما كان الرابط معهم، فمن خرجَ في سبيل الله لا يلتفت إلى مثل تلك الأمور، فعلى المؤمنين أن يتبرؤوا من الكافرين كما فعل سيدنا إبراهيم وقومه.

ومن فوائد سورة الممتحنة أيضًا إخبار المسلمين أنَّ العداوة تظهرُ فقط للكافرين والمشركين في حالة القتال والاعتداء من قبلهم أمَّا من لم يقاتلهم فلا بأس في معاملتهم كما قال تعالى: {لا ينهَاكُمُ اللَّه عنِ الَّذينَ لمْ يقاتِلُوكُم في الدِّين ولَم يخرِجوكُمْ منْ ديارِكُمْ أنْ تبرُّوهُم وتقسِطُوا إليهِمْ إنَّ اللَّه يحِبُّ المقسِطِينَ}.

بيَّنت السورة أيضًا القواعد التي يجبُ على المسلمين اتِّباعها أثناء معاملة النساء اللواتي يأتينَ مهاجرات من الكفر إلى الإيمان، ووجوب امتحانهنَّ فإذا ثبتَ إيمانهنَّ وجبَ عدمُ ردِّهنَّ إلى ديارهنَّ، قال تعالى: {يا أَيُّها الَّذينَ آمنُوا إذا جاءكُمُ المُؤمنَاتُ مهاجرَاتٍ فَامتحِنُوهنَّ اللَّهُ أَعلمُ بإيمانِهِنَّ فإِن علِمتمُوهُنَّ مؤمِنَاتٍ فلَا تَرجعُوهُنَّ إلَى الكفَّارِ لا هنَّ حلٌّ لهمْ ولَا همْ يحلُّونَ لهُنَّ وآتوهُمْ ما أنفَقُوا ولَا جنَاحَ علَيكُمْ أَن تنكِحُوهُنَّ إذَا آتيتُمُوهُنَّ أجورَهُنَّ ولَا تُمسكُوا بعِصمِ الكَوافرِ واسأَلُوا ما أَنفقْتمْ وليسْأَلُوا ما أَنفقُوا ذلِكُم حُكمُ اللَّهِ يحكُمُ بينَكُمْ واللَّهُ عليمٌ حكِيمٌ}.

فوائد

في كلّ سورةٍ من سور القرآن الكريم يقف المرء عاجزًا عن إدراك جميع المعاني والأسرار البلاغية واللغويّة، ويصبح العقل البشريّ -على عظمته- ضعيفًا غيرَ قادرٍ على تفسير كلّ موضعٍ من المواضع البيانيّة التي جاءت من خالق الكون -جلّ وعلا- على لسان أشرف خلق الله -عليه الصّلاة والسّلام-؛ لذا فإنّ النّفس البشريّة تطلب تفسيرًا وتأويلًا لكلِّ ما يُعجزها ويُظهر ضعفها، وفيما يأتي سيتمّ الوقوف مع جانبٍ من فوائد لغوية في سورة الممتحنة؛ ليتمَّ تخيّر بعض لمسات البيان التي وُضعت بين يدي هذه السّورة المباركة، كما يأتي: في قوله -تعالى-: {تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ}، وبعدها قوله -تعالى-: {تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ}، فما تفسير ذلك هنا؟

إنّ الإجابة عن السّؤال السّابق تكون بالقول: في الموضع الأوّل أُريد الحديث عن حالٍ من المخاطبين، كما لو قيل: أَتلقون إِليهم؟ والاستفهام هنا مقدّر، وقيل أيضًا: هو خبرٌ للمبتدأ، أَي إنّ التّقدير يكون: أَنتم تلقون، والثّاني يكون بدلًا من الأَوّل على اعتبار الوجوه المذكورة، والباء في قول الأخفش زائدة، وقيل بسبب أن تودّوا، وقال الزجّاج في تقدير ذلك: تلقون إِليهم أَخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- وسرّه بالمودّة.

أمّا في قوله -تعالى-: {كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}، وقوله -تعالى-: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيْهِمْ أُسْوَةٌ}، فقد تمّ تأنيث الفعل الأَوّل مع وجود الحائل، وتذكير الفعل الثّاني؛ لكثرة الحائل، وإنّما كُرّر الفعل الأول لأَنَّه الأَوّل في القول، أمّا الثّاني ففي الفعل، وقيل أيضًا: إنّ الفعل الأَوّل كان في إِبراهيم -عليه السّلام-، أمّا الفعل الثّاني ففي محمّد -صلى الله عليه وسلم-.

وفي قوله -تعالى-: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ}، وقوله -تعالى-: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}، فكما هو مُلاحظٌ لقد تمّ تكرار ذلك مرّتين، فما الفائدة من تكراره؟

قيل في الإجابة عن هذا التّساؤل: إنّ المرّة الأولى أُريد بها التأسّي بهم في البراءة من الكفار أوّلًا، ومن عبادة غير الله تعالى ثانيًا، وأمّا في المرّة الثّانية فقد أُريد التأسّي بهم في الطّاعات واجتناب المعاصي؛ لقوله -تعالى- بعده: {لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ}؛ أي من كان يريد ثوابه وعقابه.

من الفوائد اللغوية التي ذكرت بشأن التناسب بين أواخر سورة الحشر ومفتتح سورة الممتحنة أن الله خاطب المؤمنينَ في أواخر سورة الحشر وأمرهم ونهاهم فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}، وخاطبهم في أول سورة الممتحنة وبين ما أراد أن يبينه لهم فقال :  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ} فكأنما سورة الممتحنة استكمال للأوامر والتوجيه، فآية الحشر في تقوى الله ومراعاته وآية الممتحنة في معاملة أعداء الله .

اقرأ أيضًا:

فوائد من سورة الأحزاب

أسباب نزول سورة الممتحنة

المصادر:

مصدر 1

مصدر 2

مصدر 3

Exit mobile version