إنّ سورة فصلت هي السّورة ذات التّرتيب الحادي والأربعين وفق ترتيب سور المصحف العثمانيّ الشّريف، وذات التّرتيب الحادي والسّتين من ترتيب نزول سور القرآن الكريم، وهي سورة مكّيّةٌ بالإجماع، وبلا خلاف، آياتها أربعٌ وخمسون آيةً شريفةً، ويُقدم لكم موقع معلومات في هذا المقال فوائد من سورة فصلت.
فوائد من سورة فصلت
بما أنَّ سورة فصلت من السور المكية فقد عنيَت بالجانب العقائدي من الدين الإسلامي، وناقشت العديد من المسائل التي تدور حول أعمدة العقيدة الإسلامية.
من فوائد سورة فصلت بدايةً أنَّها تتحدَّث عن كتاب الله تعالى مؤكدةً أنَّه تنزيلٌ من الرحمن الرحيم، وتخبرُ المسلمين أنَّه المعجزة الخالدة التي أيدَ الله بها رسوله -صلى الله عليه وسلم-، قال تعالى: {حم * تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}.
كما تحدَّثت السورة عن البراهين القاطعة والأدلة الدامغة على إعجاز القرآن، ومن مقاصد سورة فصلت الحديث عن الوحي الذي كلَّفه الله تعالى بالرسالة العظيمة وتبليغها للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- والتأكيد على أنَّ الرسولَ بشرٌ لكنَّ الله اختصَّه بالوحي، قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ ۗ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ}.
تناولت أيضًا صور من خلق السماوات والأرض والحياة وعجائب صنع الله فيها، قال تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا ۚ وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}، ومن فوائد سورة فصلت أيضًا الإخبار عن الأقوام السابقة مثل عاد وثمود، وذكرُ أحوال الكافرين والعذاب الذي سيلاقونه في الآخرة عند الله تعالى والندم الذي سيلحقُ بهم بعد فوات الأوان.
تحدثت سورة فصلت عن الكافرين وكيف ضلوا وحادوا عن طريق الهدى في الدنيا، وتذكرُ الغضب الذي سيبدونه تجاه أولئك الذين خدعوهم وأوصلهم إلى طريق الضلال من رفاق السوء وغيرهم، ثمَّ تشيرُ إلى المؤمنين وتبيِّن إكرام الله تعالى لهم في الآخرة، قال تعالى: {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ}.
تتضمنُ الآيات أيضًا صفات الدعاةِ إلى الله تعالى ومكانتهم وتشيدُ بالصبر الذي يجبُ أن يتحلى به الداعية، كما تتحدث عن قدرة الخالق -جلَّ وعلا- والأدلة على عظمة خلقه ووحدانيته، قال تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ۚ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}، فالليل والشمس والقمر من آياته العظيمة في هذا الكون.
ومن فوائد سورة فصلت أنَّها تشيرُ إلى تكذيب الكفار والمشركين للرسول -صلى الله عليه وسلم- وتواسيه بأنَّ جميع الرسل كُذِّبوا وقيلَ ما قيلَ في رسالاتهم، قال تعالى: {مَّا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ}.
تذكرُ آيات سورة فصلت بعض العلوم الغيبية التي لا يعلمها إلا الله، مثل علم الساعة وما تخفي الأكمام من ثمر وما تخفي الأرحام من أجنة.
تتناول سورة فصلت في نهايتها النفس البشرية وطمعها في المنافع الدنيوية على حساب الآخرة، ويقطعُ الله وعدًا بأنه سيظهرُ آياته لكل جيل من الأجيال القادمة، قال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}، وهذه من معجزات القرآن الكريم فإلى اليوم ما يزال البشر يكتشفون الكثير من الآيات العظيمة التي تدلُّ على عظمة الله وعلى أنَّ الإسلام هو الدين الحق عنده تعالى.
فوائد
القرآن الكريم معجزةٌ وهبها ربّ السّماوات والأرض لنبيّه المختار -عليه صلوات الله وسلامه-، وأيّده بها ليظهر عجز قومه وغيرهم عن الإتيان بما يشبهه أو ينافسه، ولكن منذ عهد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إلى هذا اليوم لم يستطع أحدٌ مجاراته ولا الإلمام بجميع وجوه البيان فيه، وكلّ يومٍ يزداد عدد الدّارسين والباحثين اللغويّين الذين يتمكّنون من فهم خبايا وأسرار القرآن الكريم اللّغويّة، وفيما يأتي سيتمّ تناول عددٍ من الفوائد اللغوية في سورة فصلت، ومحاولة تقديم تفاسير لها كما يأتي: في قوله -تعالى-: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} ، وفي سورة الزّمر: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ}، فما تفسير ذلك:
إنّ تفسير ذلك يكون بالقول: إنّه في مَن علم الله تعالى عنه أنّه لا يؤمن، أو أنّه عامٌّ مخصوصٌ بمن علم الله -سبحانه- ذاك الحال منه.
وفي قوله -تعالى-: {حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ}، وفي سورة النّمل: {حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي} دون ذكر (ما) فما التّفسير؟
إن الله تعالى أراد تحقيق جزاء الشّرط فيما بعده من معناه؛ لذلك فقد أكّد بما على عادتهم مستخدمًا زيادة الحروف، أمّا إن لم يكن الجزاء بعيدًا عن معنى الشّرط فلا يحتاج إلى تأكيد، ولفظ المجيء هنا لا يعقل منه، ولا يفهم منه شهادة سمعٍ أو بصرٍ؛ لذا فقد احتاج إلى تأكيدٍ للشّرط باستخدام (ما)، وإلى سؤال الخلق عند مجيئهم يوم القيامة مفهومٌ منه؛ وذلك لأنهم يعلمون أنّه الحشر، فلم يلزم التّوكيد.
اقرأ أيضًا:
المصادر: