يأتي ترتيب سورة يس في المصحف العثماني السورة السادسة والثلاثين، وعدد آياتها ثلاث وثمانون آية، وسمّيت يس بهذا الاسم؛ لأنّ هذين الحرفين بدأتْ بهما على شاكلة الأحرف المقطّعة، وانفردت بهما؛ فشكّلا ميزة لها عن بقية السور من ذوات الأحرف المقطّعة؛ فعُرفتْ بهما، ونظرًا لتعدد فوائد هذه السورة، يستعرض موقع معلومات في هذا المقال فوائد من سورة يس.
فوائد من سورة يس
سورة يس سورة مكيّة، تمتاز بأنّها من ذوات الفواصل القصيرة، والإيقاعات السريعة، وهاتان الميزتان تطبعان السورة بطابع مميّز، حيث تتلاحق إيقاعاتها تباعاً، لتعمل أثرها في حسّ القارئ، وهو يتتبّع ظلالها المتنوّعة والعميقة من بدء السورة إلى خاتمتها، وتشتمل سورة يس على الكثير من الفوائد ومنها ما يأتي:
- تحدِّي القرآن للبشر بلغته البليغة، والتي وصلت الكمال، فبداية السورة بحروفٍ عربيةٍ مُقطَّعة، إثباتٌ للناس في وقتِ نزولها أن هذا القرآن باللغة العربية، وكان العرب حينها من أفقه الشعوب بلغتهم، إلا أن هذا القرآن أعجزهم، ولزيادة التحدي، يصف الله هذا القرآن بالحكيم.
- إعطاء الأهمية الأولى لبناء أسس العقيدة، حيث إنها تبيِّن ما هو الوحي وطبيعته، وأن هذه الرسالة التي جاء بها النبيُّ عليه الصلاة والسلام من أصدق الرسائل، كما أن قودوم الرجل المؤمن من أقصى المدينة ليستنكر على قومه الشرك الذي وقعوا به، ونصحهم باتباع المرسلين، يبيِّن أهمية العقيدة وأُسُسِ بنائها.
- تفضيل هذا الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم الموجد في كتابٍ أنزله الله سبحانه وتعالى عليه، من أجل أن يوصل إلى الأمة ويبلغها أن الفوز الحقيقي هو استقامة أمورها في الدنيا، والفوز بالأجر العظيم الذي في الآخرة.
- توصيف حال أكثر مشركي قريش بالشنيعة بسبب إعراضهم عن اتباع هذا الدين الحنيف، ولذلك حُرِموا الأجر العظيم والانتفاع بهذا الهدي الرباني، فالهم هؤلاء المشركين ليس كحال المؤمنين الذين نالوا الأجر والفوز بالجنة، لأنهم أهل الخشية، ولأن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يُوصف بالصراط المستقيم.
- ضَرْبُ المَثَل لأهل قريش عن فريقي أهل القرية، فمنهم من كان متبعاً، والآخرُ مُعرضاً، فحال شرك أهل قريش المشركين مشابهٌ لحال فريق المعرضين، وأن شركهم هذا مطابقٌ لبعضه البعض، وتِبيان جزاء أهل هذه القرية المعرضين، وجزاء المتبعين في الآخرة، وذلك ضرب المثل بشكلٍ عام، وهو حال القرون السابقة الذي كذَّبوا الرُسُلَ فأُهلِكوا.
- تنبيه الأمَّة لأعظم وأشهر حادثةٍ حصلت للمشركين المكذبين لنبيِّ الله نوح عليه السلام، حيث إنَّ الله أهلك الذين عاندوا وتمسكوا بأصنامهم بالغرق، وونجَّى الذين آمنوا واستقاموا.
- إيقاظ الله سبحانه وتعالى لعباده من غفلتهم التي كانوا بها، ودعوتهم وإرشادهم بالآيات الكونية التي ذكرها الله تعالى في بعض آيات هذه السورة، وأن الله هو الذي يَمُنُّ على عباده بهذه النِّعم التي تفرَّد سبحانه وتعالى بخلقها، وإنعامها، ووحدانيته.
- توجيه نداء الحسرة على العباد الذين لا ينتهون عن التكذيب، والاستهزاء بكل رسولٍ مرسلٍ لهم، غير معتبرين بهلاك من سبقهم من المكذبين والمستهزئين، ولا منتبهين لآيات الله سبحانه في هذا الكون.
- إدراج دلائل الإيمان في الآيات، وكيف أن الله تعالى يَمُنُّ على عباده بأن علَّمهم هذا الإيمان وهداهم إليه، فتُذكرهم الآيات بأن عليهم شُكرُ الخالق المنَّان على نعمة التقوى، ونعمة الإحسان، ونعمة تَرَقُّبِ الجَزاء، وأن عليه الانتهاء عن الشرك والستهزاء بالنبيِّ عليه الصلاة والسلام، وعليه الإقلاع عن استعجال العذاب، والتحذير من قدوم هذا الهذاب عليهم في حين بغتة، فلا يستطعون عندها التوبة، حيث إنه في وقتها يكون قد فات الأوان.
- تذكير الله لعباده مما أودعه سبحانه في فطرهم، وكيف عَهِدَ إليهم هذه الفطرة والفابلات التي أودعها فيهم.
- إرشاد العِباد إلى اتباع أهل الخير ودُعاتِه، والحذر من الشيطان لأنه أعدى أعداء الإنسان.
- نفيُ علاقة النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالشِّعرِ، ونفيُ أن ما جاء به شعراً.
- الترويح عن حزن النبي صلى الله عليه وسلم بسبب ما كان يقوله المشركون في حقه، وتذكيره بما قالوا بحق الله، بأنهم أنكروا إعادة خلقهم مرةً أخرى، ولكن الله سيعود ويخلقهم، وسيرجعون إليه، وعندها سيكون حسابهم بما كسبوا.
فوائد
تشتمل سورة يس على العديد من الفوائد اللغوية والبلاغية، ويظهر ذلك في أول آياتها، فقد قال تعالى: {يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ}، فالسورة تبدأ بـ “يس” وهي من الأحرف المقطعة وقد قال أهل التفسير البياني أنّ الله تعالى ذكرها لتلفت انتباه السامع وتجعله يصغي بهذه الأحرف التي لم يألفها العرب وتكون كأنها وسيلة تشدّ الذهن للإصغاء، ولذلك قالوا أنّها فواتح للتنبيه حتى ينتبه لها السامع.
تابع الله تعالى فقال: {وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ}، فقد أقسم الله تعالى بالقرآن الكريم ووصفه بالحكيم، وقد يكون الحكيم بمعنى مُحكم وهو الذي لا يتناقض ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ويمكن أن يكون صاحب حكمة أي أنّه متضمن للحكمة ومتّصفٌ بها، ويكون الإسناد مجازي حق الإسناد إلى الله تعالى فالقرآن الكريم كلام الله، وقد يكون حكيم صيغة مبالغة في الحُكم، الحاكم اسم فاعل والحكيم مبالغة في الحكم.
لذلك فالمعنى أن هذا القرآن الحكيم العادل القوي الفصل وحكمه يعلو على جميع الأحكام فهو يحكم ويهيمن على غيره لأنه نسخ ما قبله من الأحكام والكتب، إذًا جمع بلفظ الحكيم عدة معاني كلها مرادة ومطلوبة هو أرادها، هكذا أراد أن يجمع هذه المعاني كلها جمع بين الحقيقة والمجاز العقلي والاستعارة ومعاني مختلفة “حكيم وحاكم ومحكم وذو حكمة”.
ويتبيّن أيضًا من دراسة ما جاء في سورة يس أنّ الله تعالى ذكر جواب القسم بقوله {إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ}، أي أنّه أقسم بالقرآن الحكيم أنّ النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- من المرسلين.
وقد اختار الله -جلّ وعلا- القسم بالقرآن الكريم لأنّه من معجزات الرسول -عليه الصلاة والسلام- وهو الحجة على المشركين والكفار، فهو يقسم به لأنه هو الدليل إذًا هذا ليس قَسَمًا عاديًّا وإنما قَسَمٌ بالبرهان وما فيه من دليل، وكأنّ القَسَم بالقرآن هنا لأنّه هو البرهان وهو المعجزة وقد تحداهم به وقد عجزوا، كأنّه يقول “أنتم هذا الذي عجزتم عنه هو هذا أنا أقسم به لأن فيه الدليل وأنه أعجزكم وأنّه أفحمكم وأنا أقسم به بأنّ محمدًا من الأنبياء والمرسلين”.
اقرأ أيضًا:
المصادر: