سورة لقمان هي السورة السابعة والخمسون حسب نزول سور المصحف الشريف، نزلت بعد سورة الصافات وقبل سورة سبأ، وترتيبها بالقرآن الكريم واحد وثلاثون، وتقع بالجزء الواحد والعشرون، وتأتي بعد سورة الروم وقبل سورة السجدة، ويُقدم لكم موقع معلومات في هذا المقال فوائد من سورة لقمان.
فوائد من سورة لقمان
وصف القرآن الكريم
قال الله -تعالى- في بداية سورة لقمان: (الم*تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ*هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ)، نُقِل عن يحيى بن سلّام أنّ الكتاب الحكيم هو القرآن الذي أُحكِمت آياته، ومعانيه، بما اشتملت عليه من بيان أمور الحلال والحرام، وغيرها من الأحكام.
أمّا قول الله -تعالى- في وصف القرآن الكريم بأنّه: “هُدًى” فقد فُسِّر بقولَين؛ فورد عن الشعبيّ أنّ القرآن الكريم يهدي من الضلالة والغواية، وقال يحيى بن آدم إنّه يهدي العباد ويرشدهم إلى الجنّة بسلوك الطريق المُوصل إليها.
كما وصف الله القرآن بأنّه: “رحمةً”؛ أي أنّ القرآن فيه رحمةٌ؛ بما يشتمل عليه من الزجر عن استحقاق العذاب، وفُسِّر ذكر كلٌّ من الهدى والرحمة في الآيات السابقة على وجهَين؛ الأول: وصف القرآن الكريم بأنّه كذلك، والثاني: مدح القرآن بما يشتمل عليه من آيات الرحمة والهدى
وصف المؤمنين وجزاؤهم
تناولت سورة لقمان في ثناياها عدداً من صفات المؤمنين، وفيما يأتي عرضٌ لبعضها:
- إقامة المؤمنين للصلاة، وإيتائهم الزكاة، وإيمانهم بالغيب؛ فقد وصف الله -تعالى- عباده المؤمنين بأنّهم: يُقيمون الصلاة؛ أي يؤدّونها على الوجه الذي أراده الله؛ بحفظ وقتها، وأركانها، والخشوع فيها، والالتزام بآدابها، ويُؤتون الزكاة؛ أي يدفعونها إلى مُستحِقّيها عن طيب نفسٍ، كما أنّهم يؤمنون بالأمور الغيبيّة مثل اليوم الآخر بيقينٍ دون شكٍّ أو ريبٍ.
- الانقياد لأمر الله -تعالى-، ولزوم ما أمر به من الشرائع، والانتهاء عمّا نهى عنه، والإخلاص القلبيّ في الإيمان، فمن حقّق ذلك فقد استمسك بالعُروة الوُثقى؛ أي الميثاق الغليظ من الله؛ بإبعادهم عن العذاب، ووقايتهم منه.
قال الله -تعالى- في سورة لقمان ذاكراً جزاء المؤمنين الصالحين: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ*خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، فذكر الله جزاء مَن آمن به حقّ الإيمان، فامتثل شريعَته، وانقاد لأمره، وعمل الصالحات، ولَزِمَها، إذ يُكرمه الله بأن يُدخله جنّات النعيم؛ حيث ينعم فيها ولا يبأس، ويخلد فيها فلا يفنى، ويتقّلب في مختلف أنواع النعيم وأشكاله.
وصف الكافرين وجزاؤهم
ذكر الله -سبحانه- في سورة لقمان صفات للكافرين، وبيّن جزاءهم على تلك الأفعال، وبيان ذلك فيما يأتي:
- إضلال الكافرين عن سبيل الله؛ إذ كانوا يستخدمون كلّ وسيلةٍ للصدّ عن سبيل الله، ومنع الناس من اتّباع الهدى، فقد كان النضر بن الحارث يسافر إلى بلاد فارس ليشتري كُتبهم، ويأتي بها إلى المسلمين، ويحدّثهم بما ورد فيها، فينشغلوا بتلك الأحاديث عن الكلام الحقّ، وبالقصص الواردة في تلك الكتب عن القصص الواردة في كتاب الله، كقصص عادٍ، وثمود، والأقوام السابقين.
- مجادلتهم للمؤمنين دونٍ علمٍ، فبالرغم من وضوح الدلائل، وسطوع البراهين على إثبات توحيد الله، إلّا أنّ الكافرين يُصرّون على مجادلة أهل الحقّ دون علمٍ يستندون إليه، أو حُجّة يُحاجّون بها.
آيات قدرة الله
تجلّت في آيات سورة لقمان البراهين والأدلّة على إثبات وحدانيّة الله، وعظمته، ومنها: قدرته على الإحياء، والإماتة، والبعث والنشور بعد الموت، وخلق الإنسان بعدّة مراحل، وخلق السّماوات والأرض وما بينهما، في حين تعجزُ الأصنام التي اتّخذها الكافرون آلهةً عن فعل شيءٍ من ذلك، فضلاً عن كونها عاجزة عن جلب نفع أو دفع ضرّ لأيّ أحدٍ، وبذلك تبطل دعوى المشركين بالله، وتثبت الدعوة إلى الحقّ والصراط السويّ.
ومن الآيات التي دلّت على عظمة الله -سبحانه-، وقدرته في الآفاق: خلق السماوات دون عمدٍ قائمةً بأمرٍ من الله، وخلق الجبال التي تثبّت الأرض، فتمنعها من الاضطراب، إضافةً إلى ما بثّه الله في الأرض من الدوّاب مختلفة الأنواع، وما أنبت فيها من زُروعٍ مُتنوّعة الأصناف المَرويّة بماءٍ واحدٍ.
وقد بيّنت آيات سورة لقمان قدرة الله -سبحانه- على بعث الخلق من جديدٍ بعد إماتتهم؛ فإحياء كلّ الناس عنده كخلق نفسٍ واحدةٍ، وتتجلّى قدرة الله وعظمته في اطّلاعه على البواطن كاطّلاعه على الظواهر، كما أنّه عليمٌ بمفاتح الغيب، فلا يعلمها إلّا هو؛ فيعلم وقت الساعة، وما في الأرحام، وما تكسب النفوس، وفي أي أرضٍ تموت، كما أنّه القادر على إنزال الأمطار.
الحث على تقوى الله
تضمّنت سورة لقمان الحثّ على لزوم تقوى الله؛ إذ إنّ العبد ينال بسببها الأجور العظيمة يوم القيامة، ولا تنفعه شفاعة أحدٍ من الأقارب؛ ولهذا لا ينبغي للمسلم أن يضعف عن الإعداد لذلك اليوم؛ بما تُسوّفه له النفس من الآمال، أو بما يقذفه الشيطان في قلبه من الوساوس، أو بما تُزّينه الحياة الدنيا من الملاهي والمُغرَيات.
فوائد
تضمّنت سورة لقمان عدداً من الوصايا التي أوصى بها لقمان ابنَه، وبيان بعضها فيما يأتي:
- النَّهي والزجر عن الشِّرك بالله؛ فكان النَّهي عن الشِّرك الذي يُعدّ أكبر الذنوب أوّل وصيّةٍ من لقمان لابنه، كما حثّه على توحيد الله وعبادته؛ إذ إنّ عبادة الله وحده هي المّهمة الأساسية للإنسان في الحياة الدنيا، فما خلق الله الإِنس والجِنّ إلّا لعبادته، قال -تعالى-: (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّـهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ).
- الحثّ على بِرّ الوالدَين؛ فقد عطف لقمان على الدعوة إلى ترك الشِّرك بالحثّ على برّ الوالدَين، ممّا يدلّ على اقتران التوحيد والعبادة بالبرّ والإحسان إلى الوالدَين؛ لمكانتهما العظيمة، ومنزلتهما الرفيعة، وقد خصّ الله -سبحانه- الأمّ بالإحسان والبِرّ؛ لمِا تُعانيه أثناء الحمل والولادة من المُكابدة والمَشقّة، وما تمرّ به أيضاً من الجهد والعناء في حضانة الولد، وكلّ ذلك يستدعي إظهار الرفق واللين لهما، قال -تعالى-: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ).
- مخالفة أوامر الخلق إن كان في اتّباعها معصيةٌ للخالق؛ فلا طاعة لمخلوقٍ في أيّ أمرٍ يخالف أوامر الشريعة، مهما بلغت منزلة ذلك المخلوق ومكانته، حتى وإن كان أحد الوالدَين، مع التأكيد على وجوب مُصاحبَتهما بالمعروف والإحسان، قال -تعالى-: (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ).
اقرأ أيضًا:
المصادر: