أسباب نزول سورة لقمان

سورة لقمان واحدة من أعظم السور القرآنية لأنها تصف القرآن الكريم في بدايتها كما تصف حال المؤمنين وما أعده الله لهم من الثواب، وتُوضّح حال الكافرين، كما تتناول الآيات الدالة على قدرة الله تعالى، ويُقدم لكم موقع معلومات في هذا المقال أسباب نزول سورة لقمان.

أسباب نزول سورة لقمان

بيّن أبو حيان في تفسيره سبب نزول سورة لقمان، حيث ذكر أن قريش سألت النبي -عليه الصلاة والسلام- عن قصة لقمان مع ابنه، وكان سؤالهم للاختبار والتعنت فقط، فأنزل الله تعالى السورة الكريمة، وذكر أهل العلم عددًا من أسباب النزول للعديد من الآيات الكريمة في سورة لقمان، وفيما يأتي بيانها:

“وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ”

ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين

ذهب الكلبي ومقاتل إلى أن الآية الكريمة نزلت في النضر بن الحارث، حيث كان يسافر إلى بلاد الفرس فيشتري القصص منهم، ثم يرجع إلى قريش ويقصها عليهم ويقول لهم:”إنّ محمد-صلى الله عليه وسلم- يحدثكم بحديث عاد وثمود، وأنا أحدثكم بحديث رستم وإسفنديار، وأخبار الأكاسرة”، فكان حديثه يعجبهم ويجتمعون إليه ويتركون سماع القرآن الكريم، فأنزل الله تعالى فيه الآية الكريمة.

ذهب مجاهد إلى أنّ سبب نزول الآية الكريمة شراء القيان والمُغنيات، وقد ورد في الحديث الذي رُواه أبو أمامة الباهلي -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:”لا يَحِلُّ بَيعُ المغَنِّياتِ ، ولا شراؤهنَّ ، ولا تجارةٌ فيهنَّ ، وثمنُهنَّ حرامٌ، وقال : إنما نزلت هذه الآيةُ في ذلك : ” وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ ” حتى فرغ من الآيةِ ، ثم أتبعَها : والذي بعثَني بالحقِّ ما رفع رجلٌ عقيرتَه بالغناءِ ، إلا بعث اللهُ عزَّ وجلَّ عند ذلك شيطانَينِ يرتقِيانِ على عاتقَيه ، ثم لا يزالانِ يضربانِ بأرجلِهما على صدرِه – وأشار إلى صدرِ نفسِه – حتى يكون هو الذي يسكتُ”. (( الراوي: أبي أمامة الباهلي | المحدث: الألباني | المصدر” تحريم آلات الطرب، عن الصفحة أو الرقم: 68 | خلاصة حكم المحدث: تبين لي أن في أحدهما ضعفا شديدا فعدلت عن تقويته إلا نزول الآية فإن لها شواهد ))

“وإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي”

لمَّا أسلمَ سعدَ بنَ أبي وقَّاصٍ قالتْ له أمُّهُ وهي حَمنَةُ بنتُ أبي سفيانَ بنِ أميَّةَ بلغَني أنَّكَ قد صَبأتَ فواللهِ لا يظِلُّني سقفُ بيتٍ من الضَّحِّ والرِّيحِ وإنَّ الطَّعامَ والشَّرابَ عليَّ حرامٌ حتَّى تكفُرَ بمحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وكان أحبُّ ولدِها إليها فأبَى سعدٌ وبقيَتْ ثلاثةَ أيَّامٍ كذلك فجاءَ سعدٌ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وشكَا إليه فنزلَتْ هذه الآية، فأمرَهُ عليه السَّلامُ أن يترضَّاها ويُداريها بالإحسانِ. (( الراوي : سعد بن أبي وقاص | المحدث : الزيلعي | المصدر : تخريج الكشاف، الصفحة أو الرقم: 3/40 | خلاصة حكم المحدث : غريب بهذا اللفظ ))

“وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أنابَ إليَّ”

نزلت في أبي بكر -رضي الله عنه-. قال عطاء، عن ابن عباس: يريد أبا بكر، وذلك أنه حين أسلم أتاه عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وعثمان، وطلحة، والزبير؛ فقالوا لأبي بكر- رضي الله عنه-: آمنت وصدقت محمدا؟ فقال أبو بكر: نعم، فأتوا رسول الله – صلى الله عليه وسلم- فآمنوا وصدقوا، فأنزل الله تعالى- يقول لسعد:”واتبع سبيل من أناب إلي” يعني أبا بكر -رضي الله عنه-.

“وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ”

قال المفسرون: سألت اليهود رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن الروح، فأنزل الله: (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) وكان ذلك بمكة، فلما هاجر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى المدينة أتاه أحبار اليهود فقالوا: يا محمد بلغنا عنك أنك تقول: (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) أفتعنينا أم قومك؟ فقال: “كلا قد عنيت” ، قالوا: ألست تتلو فيما جاءك أنا قد أوتينا التوراة وفيها علم كل شيء؟ فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : “هي في علم الله سبحانه قليل، ولقد آتاكم الله تعالى ما إن عملتم به انتفعتم به”. فقالوا : يا محمد، كيف تزعم هذا وأنت تقول: (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا) فكيف يجتمع هذا: علم قليل وخير كثير؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية.

“إِنَّ اللَّـهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ”

عن رجلٍ من بني عامرٍ جاء إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال : أَأَلِجُ ؟ فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ للجاريةِ : اخرُجي فقولي له : قل : السلامُ عليكم ، أأدخلُ ، فإنه لم يُحسِنِ الاستئذانَ، قال : فسمعتُها قبل أن تخرجَ إلي الجاريةِ ، فقلتُ : السلامُ عليكم ، أأدخلُ ؟ فقال : وعليك ، ادخُل ، قال : فدخلتُ.

فقلتُ : بأيِّ شيءٍ جئتَ ؟ فقال : لم آتِكم إلا بخيرٍ أتيتُكم لِتعبُدوا اللهَ وحدَه لا شريك له وتدَعوا عبادةَ اللَّاتِ والعُزَّى وتُصلُّوا في الليلِ والنهارِ خمسَ صلواتٍ وتصومُوا في السَّنةِ شهرًا وتحُجُّوا هذا البيتَ وتأخُذوا من مالِ أغنيائِكم فتردُّوها على فُقرائِكم قال : فقلتُ له : هل من العلمِ شيءٌ لا تعلمُه ؟ قال : لقد علم الله خيرًا وإنَّ منَ العلمِ ما لا يعلمُه إلا اللهُ خمسٌ لا يعلمهنَّ إلا اللهُ فكانت هذه الآية. (( الراوي : رجل من بني عامر | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الصحيحة، الصفحة أو الرقم: 6/478 | خلاصة حكم المحدث : إسناد صحيح ))

هل سورة لقمان مكية أم مدنية؟

سورة لقمان من السور المكية، حيث نقل البيهقي في دلائل النبوة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال:”أنزلت سورة لقمان في مكة”، وهو ما ذهب إليه جمهور المُفسرين، وتجدر الإشارة إلى أن ترتيب سورة لقمان في المصحف العثماني الواحدة والثلاثون، وترتيبها بحسب النزول السابعة والخمسون حيث نزلت بعد سورة الصافات، وقبل سورة سبأ.

سبب تسمية سورة لقمان

يرجع السبب في تسمية سورة لقمان بهذا الاسم إلى ورود ذكر لقمان الحكيم فيها، والإشارة إلى قصته وتأديبه لابنه، ولم تُعرف السورة باسم غير هذا الاسم عند القراء والمُفسرين، ولم يرد في أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما يدل على سبب تسميتها.

اقرأ أيضًا:

أسباب نزول سورة القصص

أسباب نزول سورة الشعراء

المصادر:

مصدر 1

مصدر 2

مصدر 3

Exit mobile version