سورة الشعراء هي السورة السابعة والأربعون بحسب ترتيب نزول سور القرآن الكريم، ويأتي ترتيبها بالمصحف الشريف السادس والعشرون، وتأتي بترتيب السور قبل سورة النمل وبعد سورة الفرقان، تقع بالجزء التاسع عشر وعدد آياتها سبع وعشرون ومائتا آية، وحسب قول أهل العلم فإن السورة مكية، ويستعرض موقع معلومات في هذا المقال فوائد من سورة الشعراء.
فوائد من سورة الشعراء
تشتمل سورة الشعراء على العديد من الفوائد، ويمكن إجمالها في أنها تُثبت توحيد الله سبحانه. والخوف من الآخرة. والتصديق بالوحي المنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم. والتخويف من عاقبة التكذيب، إما بعذاب الدنيا الذي يدمر المكذبين، وإما بعذاب الآخرة الذي ينتظر الكافرين، وتتمثل فوائد السورة على جهة التفصيل في:
- التنويه بالقرآن الكريم، والتعريض بعجز المشركين عن معارضته. والرد على مطاعنهم في القرآن، وأنه منزه عن أن يكون شعراً، ومن أقوال الشياطين.
- تواجه السورة تكذيب مشركي قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم، واستهزاءهم بالنُّذر، وإعراضهم عن آيات الله، واستعجالهم بالعذاب الذي توعدهم به، مع التقول على الوحي والقرآن والادعاء بأنه سحر أو شعر، تتنزل به الشياطين!
- تُعد سورة الشعراء بمثابة تسلية النبي صلى الله عليه وسلم عما يلاقيه من إعراض قومه عن التوحيد الذي دعاهم إليه القرآن الكريم.
- من فوائد سورة الشعراء أنها تمثل تهديدًا للمشركين بسبب موقفهم من دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعرضهم لغضب الله تعالى، وضرب المثل لهم بما حل بالأمم المكذبة رسلها، والمعرضة عن آيات الله.
- جاءت سورة الشعراء من أجل طمأنة قلوب المؤمنين وتصبيرهم على ما يلقون من عنت المشركين، وتثبيتهم على العقيدة مهما أوذوا في سبيلها من الظالمين، كما ثبت من قبلهم من المؤمنين.
- تضمنت السورة مناظرة نبي الله موسى عليه السلام مع فرعون الملعون، زعيم الطغاة وسيدهم، وذكر السحرة، ومكرهم وخداعهم في الابتداء، وإيمانهم وانقيادهم في الانتهاء.
- هدفت السورة إلى تأكيد أن آيات الوحدانية، وصدق الرسل عديدة كافية لمن يطلب الحق، وأن أكثر المشركين لا يؤمنون، وأن الله عزيز قادر على أن ينزل بهم العذاب، وأنه رحيم برسله، ناصرهم على أعدائهم لا محال.
- احتوت السورة على جملة من قصص الأقوام السابقة، وغلب على قصصها -كما غلب على السورة كلها- جوُّ الإنذار والتكذيب، والعذاب الذي يتبع التكذيب، وجاء ختام كل قصة بقوله سبحانه: {إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم}.
- تحمل سورة الشعراء أمرًا صريحًا للنبي صلى الله عليه وسلم بإنذار عشيرته، وأنه عليه الصلاة والسلام ما عليه إلا البلاغ.
- خُتمت السورة بوعيد الظالمين، وبيان أن عاقبتهم عاقبة وخيمة، وأن ظلمهم شامل، يشمل ظلم أنفسهم بكفرهم بالله وآياته، وشامل أيضاً ظلم الآخرين، وذلك بالاعتداء على حقوق الناس.
ميزات سورة الشعراء
التكرار: لقد كان واضحاً في خاتمة كلِّ قصّة من قصص الأنبياء مع أقوامهم ورود آيتي: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ*وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) حيث تكرّرت سبع مراتٍ، ولا يخفى على عاقلٍ أهميّة التكرار باعتباره أسلوباً تعليمياً يُعزّز إدراك المعنى المطلوب، حيث وضّحت أنّ أكثر الناس يتبعون أهواءهم، وأنّ الله قويٌّ عزيزٌ بيده الجزاء فيفعل ما يشاء، إلّا أنّه يقبل التوبة؛ فهو الرحيم بعباده.
الإرشاد إلى أفضل أساليب توصيل الرسالة: ركّزت السورة على طبيعة حوار الأنبياء مع أقوامهم؛ فلكل قومٍ ولكل نبيٍّ كان هناك أسلوبٌ خاص بطبيعتهم، قال الزمخشري: “كل قصة من القصص المذكورة في هذه السورة كتنزيل برأسه. وفيها من الاعتبار ما في غيرها، فكانت كل واحدة منها تدلي بحق في أن تختم بما اختتمت به صاحبتها؛ ولأن في التكرير تقريراً للمعاني في الأنفس، وتثبيتاً لها في الصدور. وكلما زاد ترديده كان أمكن له في القلب، وأرسخ في الفهم، وأبعد من النسيان؛ ولأن هذه القصص طُرقت بها آذان وَقْرٌ عن الإنصات للحق، وقلوب غُلف عن تدبره، فكوثرت بالوعظ والتذكير، وروجعت بالترديد والتكرير، لعل ذلك يفتح أُذناً، أو يفتق ذهناً”.
التعليل وذكر السبب: أظهرت السورة أسباباً لبعض المسائل، كما جرى مع سيدنا إبراهيم عليه السلام حين أعلن بُغضَه للأصنام، ورفض عبادتها، مُعلّلاً سبب عبوديّته لله، حيث إنّ الله هو الذي يُطعمه، ويسقيه، ويشفيه، ويُميته ثم يُحييه.
فوائد
يقول الله تعالى في سورة الشعراء: {يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} واللمسة البيانية البلاغية هنا هي استخدام الفعل يتَّبِعُ وليس يتْبَعُ، ويرجع ذلك إلى أن الفعل اتَّبع هو فعل يدلُّ على المبالغة في الاتباع، فالفعل تَبِعَ فعل ثلاثيٌّ، أمَّا الفعل اتَّبَع فهو فعل مزيد على افتعل، ولهذا يكون في هذا الفعل مبالغة في حصول الفعل، ومثلها قدرَ واقتدر، صبر واصطبر، جهد واجتهد، فاستخدام الفعل يتَّبع دليل على المبالغة، أي أنَّ الغاوين يبالغون في اتَّباع الشعراء، واتِّباعهم لهم ليس مجرد اتِّباع عادي، إنَّما هو اتِّباع مبالغ فيه.
ثمَّة اتصال خفيٌّ بين آيات سورة الشعراء المباركة، وهذا الارتباط بين بداية سورة الشعراء وتحديدًا قول الله تعالى: {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ}، وقوله تعالى في أواخر سورة الشعراء: {وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ}، وبين قوله تعالى في ختام السورة: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ * وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ}.
إنَّ هذا التوزيع الإلهي العظيم يكشف بلاغة هذا الكتاب العظيم، ويوضِّح قدرة الله تعالى على إحداث على التناغم الطيِّب بين الآيات القرآنية الحكيمة، والله تعالى أعلم.
اقرأ أيضًا:
المصادر: