سورة التكاثر هي إحدى السور المكية التي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة وتشتمل على ثمان آيات، وتتضمن السورة الحديث ذم حب الدنيا ونسيان الآخرة، ونقدم في هذا المقال فوائد من سورة التكاثر.
فوائد من سورة التكاثر
التكاثر ألهى الناس في الدنيا
- بدأت السورة بلفظ ﴿أَلْهَاكُم﴾ لأنه أبلغ في الذم من أن يقول شغلكم حيث يمكن أن يشتغل الإنسان بالشيء بالجوارح دون أن يكون القلب لاهيًا به، بينما اللهو يدل على الغفلة والإعراض عن الحق.
- هناك اقتران كبير في القرآن الكريم بين لفظ اللهو وبين اللعب، ولكن ثمة فارق لغوي بين الاثنين، حيث أن اللهو يُراد به صرف الهم بما لا يُحسن أن يُصرف به، بينما يُقصد باللعب طلب الفرح بما لا يُحسن أن يُطلب به.
- يُقصد بالتكاثر التباهي بالكثرة سواء بالجاه أو المال أو الأولاد، وينشغل الإنسان في حياته الدنيا بالكثرة وتطلبها.
- نزلت سورة التكاثر عندما تنازع بنو عبد مناف وبنو سهم أيهم أكثر سيدًا وعزًا وأعظم نفرًا، وهذه طبيعة البشر على مر العصور، فقد تكرر هذا الأمر في المدينة المنورة بين قبيلة بني حارثة وبني الحارث.
ذم التكاثر الدنيوي
- الذم الوارد في الآية ينسحب على التكاثر وطلب متاع الحياة الدنيا وما فيها من لذات فانية، بينما التكاثر بأسباب السعادة في الآخرة من الأمور التي حض عليها الشرع لقوله تعالى ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾.
- لا مانع من طلب الكثرة إذا كان المقصود به وجه الله تعالى، فالإنسان قد يبحث عن المال من أجل التصدق وبذل المال في سبيل الله، بينما إذا كان في طلب الدنيا فهو غير محمود ويفضي إلى الخسران.
دروس مستفادة من سورة التكاثر
دلالة على البعث
- تشتمل سورة التكاثر على الأدلة التي تُشير إلى حتمية البعث والرجوع إلى الله تعالى حيث يقول المولى عز وجل ﴿حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾.
- الزائر لا يقيم وإنما يعود إلى الموطن الأصلي الذي لا يغادره أبدًا، وهو إما الجنة أو النار في اليوم الآخر.
جواز زيارة القبور
تدل سورة التكاثر على جواز زيارة القبور من أجل أخذ العبرة وتذكر اليوم الآخر حيث لا بد من يوم يموت فيه الإنسان، فإذا كان حيًا يمكنه الاستعداد لهذا اليوم بزيارة القبور لكي يتقي التكاثر الدنيوي.
السؤال عن النعيم في الآخرة
- جاءت سورة التكاثر لتُبين لنا أن التكاثر والمنافسة في الدنيا تجعل الإنسان لا يبالي من أين يكتسب المال وسبل إنفاقه.
- عندما ينشغل الإنسان بتحصيل المال، ينسى أن الله تعالى سوف يسأله عن النعم التي تمتع بها في الدنيا.
- هناك بعض الأحاديث النبوية التي تتفق مع هذا المعنى مثل قول النبي «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه. وعن جسمه فيما أبلاه».
فوائد
فضل سورة التكاثر
- تتعدد الأحاديث التي تُوضح سورة التكاثر حيث ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأها في الصلوات نظرًا لأنها واحدة من سور المُفصّل.
- ورد في الحديث الذي رواه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: “كان رسُولُ الله يوتِرُ بثلاثٍ، يقرُأ في الأولى “أَلهاكُمُ التَّكاثُرُ” و “إنَّا أَنزَلنَاهُ” و “إِذا زلزِلَتِ”، ويقرأُ في الثَّانية “العَصْرِ” و “إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ” و “إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ”، وفي الثَّالثةِ “قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ” و “تَبَّتْ” و “قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ”.
- عن عبد الله بن الشخير قال: “أتيْتُ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- وهو يقرأُ “أَلهاكُمُ التَّكاثرُ”، قال: “يقولُ ابنُ آدمَ: مالِي مالِي، وهلْ لكَ مِنْ مالِكَ إلَّا مَا أكلْتَ فأفنَيتَ، أو لبسْتَ فأبلَيتَ، أو تصدَّقتَ فأمضَيتَ”.
- بالنسبة إلى فضل قراءة سورة التكاثر، فينطبق عليها ما قاله النبي في جميع سور القرآن الكريم: “من قرَأ حَرفًا من كِتابِ اللهِ فلَه به حسَنةٌ، والحَسنةُ بعشْرِ أمثالِها، “ألم” حرفٌ، ولكن ألفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ”.
في نهاية هذا المقال نُشير إلى تعدد فوائد من سورة التكاثر حيث أنها بدأت بتنبيه شديد اللهجة من الله تعالى بانشغال الخلق بالدنيا ومغرياتها حتى جاءهم الموت بغتة.
اقرأ أيضًا:
المراجع