نزلت سورة البلد على الرسول صلى الله عليه وسلم قبل سورة الطارق وبعد نزول سورة ق، وتشتمل السورة على عشرين آية، ويمكن استخلاص فوائد من سورة البلد حيث أنها من السور التي تُوضح أمور عقدية مثل البعث ومصير المؤمنين والكافرين في الآخرة مثل جُل السورة المكية.
فوائد من سورة البلد
تكريم النبي بالقسم بمكة
- تبدأ سورة البلد بالقسم بمكة حيث أنها نالت شرفًا عظيمًا لأنها موطن النبي صلى الله عليه وسلم مع الإشارة أيضًا إلى أنها كانت مسكن بعض الأنبياء السابقين والقبائل العربية التي اعتنقت الحنيفية.
- قصد الله تعالى بالقسم بمكة إنذار المشركين لأن ما يقومون به من تكذيب النبي وإيذائه يعتبر من أكبر الكبائر.
- يحتمل القسم بمكة المكرمة التي كانت من قبل وادٍ غير ذي زرع ولا ماء حتى بث الله في هذا البلد الحياة لدعاء نبيه إبراهيم أن يكون ذلك تنبيه على قدرة الله تعالى أن يبعث الخلق بعد الموت؛ فيجب على المكذبين أخذ العبرة من المكان الذي يعيشون فيه.
- لا يقتصر التذكير بقدرة الله تعالى على البلاد فقط، بل ضرب الله المثل بتتابع الأجيال حيث يراد من قوله “ووالدٍ وما ولد” آدم وذريته، ولا شك أن القادر على الخلق قادر على البعث.
الحياة الدنيا دار امتحان للإنسان
- يجب على الإنسان أن يعلم أنه خُلق متحركًا في حياته الدنيا وبالتالي يواجه العديد من العقبات ويكابد المشاق ويتقي شرور الناس ويُسيطر على شهواته لكي يحظى بالنجاة في الآخرة.
- رغم أن الإنسان يعلم مشقة الطريق ويتكبد المعاناة في حياته، إلا أنه يبخل عن مساعدة غيره، ولذلك تأتي هذه الآية كتوجيه على ضرورة أن يتعاون البشر سويًا لمواجهة مشاكل الحياة.
تذكير الإنسان بقدرة الله تعالى
- بعدما أوضح الله تعالى ضعف الإنسان أثناء مكابدته لحوادث الدهر، يُذكره الله بقدرة الله عليه حتى لا يغتر الإنسان بقدرته ونجاحه في الحياة الدنيا عندما يجمع الأموال يُعينه الله على تخطي الصعاب.
- كان المشركون في مكة يعتقدون أن أموالهم التي جمعوها في حياتهم الدنيا سوف تكون لهم عونًا يوم القيامة وستدفع عنهم العذاب، ولكن جاءت هذه الآية للرد على هذا الهراء، حيث أن المال لا ينفع في الآخرة، ولكن ما يُفيد حقًا في هذا اليوم التقوى والعمل الصالح.
- يُنبه الله تعالى الإنسان باطلاعه على جميع ما يصنع الإنسان، وبالتالي يستطيع الله أن يُحاسبه على أفعاله وأقواله دون أن يفلت الإنسان من الجزاء.
دروس مستفادة من سورة البلد
نعم الله كثيرة لا تحصى
- يُعدد الله تعالى بعض النعم على عباده، حيث أنه رزقه بالعينين لكي يرى ويشاهد، ولسانًا وشفتين من أجل الكلام والإفصاح عما في نفسه.
- لعل أبرز النعم التي منحها الله للإنسان هي هدايته للطريق الخير والشر، حيث أرسل الله الأنبياء والرسالات حتى يتعرف الإنسان على الخير والشر ويسلك أحب الطريقين إليه وبالتالي يتحمل نتائج اختياره.
سبل النجاة من جهنم
- ترك الله للإنسان حرية اختيار الطريق ولكن لا يمنع ذلك من تذكيره بخطورة العقبة التي هي عبارة عن سبعين درجة من درجات جهنم.
- يُوضح الله سبل النجاة من جهنم وذلك عن طريق إعتاق العبيد من عبودية غير الله تعالى، وكانت العبودية لا تزال سادة في مكة، ولم يكن هناك أعظم من تحرير الناس حتى يتفرغوا لعبادة الله وحده.
- يمكن للإنسان أن ينجو من النار بإطعام المحتاجين في يوم المجاعة، حيث لا تمنعه الشدائد من الالتزام بأوامر الله في التصدق على غيره.
- أولى الناس بالصدقة هم الأيتام الأقارب حيث يجمع الإنسان عندها بين ثواب صلة الرحم وثواب إطعام المحتاج، ومن بعد ذلك يأتي المسكين الذي لا يحصل على دخل يكفيه لدرجة أنه يلتصق بالتراب من شدة الفقر.
- لا تتوقف سبل النجاة من الجنة على مساعدة الخلق ونسيان حق الخالق، فيجب على الإنسان أن يخلص إيمانه لله تعالى ويتواصى مع إخوانه بالصبر على قضاء الله والمرحمة بحيث لا يستغل قدرته في إيذاء الناس، بل تكون قدرته عونًا له على الرحمة بالناس.
- يكون مصير من يلتزم بهذه التعاليم الإلهية أن ينجو من النار وذلك بأن يأخذ كتابه بيمينه وبالتالي يسكن أعلى عليين في الجنة يوم القيامة.
تحذير الكافرين من التخليد في العذاب
من لا يتمسك بما أمر الله به ولم يتبع سبل النجاة بل يصر على كفره، فإنه يكون من أصحاب المشئمة حيث يكون مصيره في الآخرة هو التخليد في النار التي ليس لها مخرج يهرب منه.
في نهاية هذا المقال نكون قد استخلصنا فوائد من سورة البلد بحيث يجب أن تُساهم السورة في تغيير سلوك الإنسان فلا يغتر بكثرة ماله مع ضرورة شكر الله تعالى على ما أنعم به علينا من نعمٍ لا تُحصى حتى ينجو من جهنم ويكون من أصحاب الميمنة.
المراجع
