فضل سورة الذاريات
سورة الذاريات هي سورة مكية، وعدد آياتها ستون آية، وهي لا تعتبر من طوال السور، كما أنّها السورة الوحيدة التي جاء فيها اسم الرزاق في القرآن الكريم. ويبرز فضل سورة الذاريات من اشتمالها على العديد من الدروس والعبر والفوائد.
فضل سورة الذاريات
لا ينحصر فضل سورة الذاريات في أجر وبركة التلاوة فقط بل يشمل الفهم والتطبيق كما هو الحال في القرآن كله؛ لذا على المسلم أن يحرص على فهم معانيها، وعلى تطبيقها في حياته؛ لينال بذلك الفضل كله، وتعتبر سورة الذاريات من سور المفصل التي قد وردت العديد من الأحاديث في فضلها ومن أشهر وأصح هذه الأحاديث:
قالَ رجلٌ عندَ عبدِ اللَّهِ: قرأتُ المفصَّلَ في رَكعةٍ. قالَ هذًّا كَهذِّ الشِّعرِ لقد عرفتُ النَّظائرَ الَّتي كانَ رسولُ اللَّهِ يقرنُ بينَهنَّ. فذَكرَ عشرينَ سورةً منَ المفصَّلِ سورتينِ سورتينِ فى رَكعةٍ. (( الراوي : شقيق بن سلمة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح النسائي، الصفحة أو الرقم: 1004 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
أُعطِيتُ مكانَ التَّوراةِ السَّبعَ الطِّوالَ، وأُعطِيتُ مكانَ الزَّبورِ المئين، وأُعطِيتُ مكانَ الإنجيلِ المثانيَ، وفُضِّلتُ بالمُفصَّلِ. (( الراوي : واثلة بن الأسقع الليثي أبو فسيلة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم: 1059 | خلاصة حكم المحدث : صحيح )) والمقصود بالمفصل: سور القرآن الكريم من سورة الحجرات إلى سورة النّاس، وتندرج سورة الذاريات ضمن هذه السور.
وهناك بعض الأحاديث الضعيفة التي تدل على استحباب قراءة سورة الذاريات في صلاة الظهر مثل حديث البراء بن عازب: كان يصلي بنا الظهرَ، فنسمعُ منهُ الآيةَ بعدَ الآياتِ من سورةِ { لقمان } و{ الذاريات }. (( الراوي : البراء بن عازب | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الضعيفة، الصفحة أو الرقم: 4120 | خلاصة حكم المحدث : ضعيف ))
اختلق البعض مجموعة من الفضائل لقراءة سورة الذاريات، ومن أبرز الأحاديث الباطلة في فضل سورة الذاريات ما جاء عن أبي بن كعب ونُسب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “من قرأ سورة ( الذاريات ) اُعطي من الأجر عشر حسنات ، بعدد كلّ ريح هبّت وجرت في الدنيا”. (( الراوي : أبي بن كعب | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : الكافي الشاف، الصفحة أو الرقم: 272 | خلاصة حكم المحدث : موضوع ))
عن أبي عبدالله قال في فضل سورة الذاريات: “من قرأ سورة ( الذاريات ) في يومه ، أو في ليلته ، أصلح الله عزّوجلّ له معيشته ، وأتاه برزق واسع ، ونوّر له في قبره بسراج يزهر إلى يوم القيامة”. (( ثواب الأعمال : ١٤٣ / ١ ، وعنه في الوسائل ٦ : ٢٥٦ / ٧٨٨٥ ))
اقرأ أيضًا: فضل سورة الأحقاف
خواص سورة الذاريات
الذاريات هي الريح في السماء، وهي ريح خفيفة، أي ليست بقوية لتُفسِد، وقد بدأ الله عز وجل أول آية بسورة الذاريات بأن أقسم بالذاريات، ثم الحاملات، ثم المقسمات، والحاملات هنا هي السحب أو الغيوم التي تحمل الأمطار، والمقسمات هي التي توزع هذه الغيوم في السماء، إذاً الموضوع الذي ستتحدث عنه السورة هو الرزق.
تحرّك الرياح الغيوم، وبالتالي ستكون النتيجة هي هذه الأمطار، وعليه فإن وعد الله بأن يرزق عباده هو وعد حق، وهو أمر واقع، وحاصل، ثم يقسم الله عز وجل مرة ثانية بالسماء ذات الحُبك، أي الطرق والمسالك المختلفة التي تصنعها الغيوم بفعل الرياح، وهذه المسالك المختلفة تماثل وتشابه اختلافات الناس في قضية الرزق، فبعضهم يصدق وبعضهم الآخر يشك في المسألة.
وهمّ الرزق هو من أكثر القضايا التي شغلت الإنسان، حتى أنها شغلته عن الرزاق، وذلك أن الإنسان التفت إلى رزقه، وكيفية الحصول عليه، ثم نسي العبادة والتوجه إلى الله الرزاق، والرزق المقصود في هذه السورة هو كل شيء بالحياة، وليس فقط المال، بل الزواج، والوظيفة، والحمل، والنجاح، والشفاء، وجميع أمور الإنسان بيد الله عز وجل، فالسورة توجه رسالة عامة لمن ضيّعوا من أجل الرزق أكبر سبب في الرزق.
وتتعدد الرسائل الأخرى في سورة الذاريات، وأهمّها رسالة (إنّما توعدون لصادق)، أي إنه على الإنسان أن يبقيَ قلبه معلقاً بالله تعالى في الرزق، والنجاح والشفاء، وفي كل شيء، لأن وعد الله حق، وصادق، أي إن عبَد الإنسان ربه حق عبادته، وأيقن وصدق مسألة الرزق التي هي بيد الله عز وجل، سيرزقه الله من حيث لا يحتسب، لأن الله هو الرزاق.
ومن الرسائل التي تتضمنها سورة الذاريات: (ففروا إلى الله)، ولا تتباطأوا في الانطلاق إلى الله، أي عندما يتوجه المسلم بقلبه إلى الله عز وجل، فإنه يفر إليه من الضنك إلى السعادة، ومن الفقر إلى الثراء، ومن عقوبته لمعافاته ومن النار إلى الجنة، والسورة هنا تكلم كل إنسان مشغول على رزقه، وكل من حارب الرزاق، ونسيه، ونسي أهم أسباب الرزق، ونسي رزق الجنة، وكل من أغضب الرزاق من أجل الرزق، فهي سورة تكلم الجميع، وتقول بأن الله هو الرزاق ذو القوة المتين.
اقرأ أيضًا: فضل سورة الصافات