فضل سورة البلد

سورة البلد سورة مكية، جاء الأمر الإلهي للوحي جبريل -عليه السَّلام- أنَّ ينزل بها على رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في مكة المكرمة، وهي سورة من سور المفصل، يبلغ عدد آياتها عشرين آية، وهي السورة التسعون في ترتيب سور المصحف الشريف حيث تقع في الجزء الثلاثين والحزب الستين، نزلتْ سورة البلد بعد سورة ق وقبل سورة الطارق، ويستعرض موقع معلومات في هذا المقال فضل سورة البلد.

فضل سورة البلد

فضل سورة البلد

لم يرد فضل يخص قراءة سورة البلد عن قراءة باقي سور القرآن الكريم، إلا أنه يكفي الفضل العظيم الذى خصه الله عز وجل لقراءة القرآن الكريم وقد قال رسول الله صل الله عليه وسلم “اقْرَؤوا القرآنَ؛ فإنه يأتي يومَ القيامةِ شفيعًا لأصحابه”. [1]

تنفرد سورة البلد بكونها تشتمل على قوله “وهديناه النجدين” حيث نجد أن هذا القول لم يتكرر في أي سور أخري من سور القرآن الكريم حيث اختصه الله تعالى بسورة البلد فقط والمقصود بـ النجدين الطريقين بمعنى طريق الخير بفعل الأعمال الصالحة أو طريق الشر بنشر الفساد والبغي.

وردت بعض الأحاديث الموضوعة في فضل هذه السورة مثل حديث: “من قرأ هذه السورة أعطاه الله تعالى الأمان من غضبه يوم القيامة”. [2]

تكثر الآثار الواردة عن هذه السورة وفضلها حيث قال الصادق عليه السّلام : «إذا علّقت على الطفل أمن من النقص ، وإذا سعط من مائها أيضا برأ ممّا يؤلم الخياشيم ، ونشأ نشوءا صالحا».

وعن أبي عبد اللّه عليه السّلام ، قال : «من كان قراءته في فريضة {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ } [البلد : 1] كان في الدنيا معروفا أنّه من الصالحين ، وكان في الآخرة معروفا أنّ له من اللّه مكانا ، وكان يوم القيامة من رفقاء النبيّين والشّهداء والصالحين».

تأملات في سورة البلد

سورة البلد

وقوفًا عند تأملات في سورة البلد، والبداية مع فاتحة هذه السّورة، وهو القسم بمكّة المكرّمة، ثمّ القسم إنّ الإنسان قد خُلِقَ في مشقّة ومكابدة، فما الرّابط بين الأمرين؟ الحقيقة أنّ الرّابط هو النبي -صلّى اللّٰه عليه وسلّم-؛ إذ كان وقتها في مكّة، وكان يلاقي فيها العنت، والمشقّة والتّكذيب، والإيذاء وهو يبلّغ الدّعوة، فقال له تعالى إنّ الإنسان قد خُلِق في مشقّة وتعب ومكابدة؛ ليُسلِّي النبيّ -صلّى اللّٰه عليه وسلّم-، وليصبّره على طريق دعوته الذي ما يزال في بدايته.

وعند الاطلاع على جوانب أخرى من السّورة، فسيلاحظ وجود ترابط مع السّورة التي قبلها، وهي سورة الفجر، وتحديدًا في قوله تعالى: {وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَّمًّا * وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا}، وهذا الترابط يأتي مع ما ذُكر في سورة البلد في الحضّ على الإنفاق على الأيتام والفقراء والمساكين، وذلك في قوله تعالى: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ}، وهذا الترابط قد تنبّه له علماء الأمّة الأوائل، فقال-مثلًا-صاحب روح المعاني إنّ اللّٰه -جلّ وعلا- لمّا ذكر الذين يحبّون المال، ويأكلون التّراث وذمَّهم، ذكر في هذه السّورة المطلوب من صاحب المال، وهو فكّ الرّقبة؛ أي إعتاق العبيد، وهذا يلزم مالًا لشراء العبيد وإعتاقهم، وكذا الإطعام في يوم المسغبة، وهو وقت المجاعة.

وذكر أيضًا أصناف الأيتام من أولي القربى، والمساكين، وكذا عندما ذكر في سورة الفجر النّفس المطمئنّة، فإنّه ذكر في هذا السّورة بعضًا من الأمور التي يحصل العبد بها على الاطمئنان، وأخيرًا يمكن القول إنّ هذه السّورة-أي البلد-قد استوفت عناصر الإبلاغ، والإرسال؛ فقد ذكرت موطن الرّسالة، وهي مكّة، في قوله تعالى: {بِهَٰذَا الْبَلَدِ}، وكذا ذكرت الرّسول، وذلك في قوله -عزّ وجلّ-: {وَأَنتَ حِلٌّ بِهَٰذَا الْبَلَدِ}، وذكرت كذلك المرسلَ إليهم، وهم {الْإِنسَانَ}، و{وَالِدٍ وَمَا وَلَدَ}، وكذلك ذكرت الرّسالة التي ينبغي للمرسل إليهم أن يعوها، وهي الإيمان والأعمال الصّالحة من {فَكُّ رَقَبَةٍ}، و{إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ}.

ذُكِر في هذه السّورة أيضًا أصناف الخلق بالنّسبة للاستجابة لهذه الرّسالة، وهم أصحاب الميمنة الذين اقتحموا العقبة، وأصحاب المشأمة الذين هم الكافرون، فسبحان اللّٰه أيّ عموم هذا، وأيّ استيفاء، وأيّ شمول؟! فهذا كلام لا ينكر نسبته للعزيز الجبّار إلّا من كان جاهلًا، أو كان خبيث الجوهر، واللّٰه تعالى أعلى وأكبر.

سبب نزول سورة البلد

سبب نزول سورة البلد

تنوَّعتْ أسباب نزول سورة البلد، وإنَّما ذكر هذه الأسباب مدخل حسَنٌ للحديث عن مقاصد سورة البلد، وإنَّما هذا التنوُّع في النزول جاء لاختلاف نزول آيات هذه السورة، فآياتها نزلت في مواقف متعددة، فقوله تعالى في سورة البلد: {أَيَحْسَبُ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ}، نزلتْ هذه الآية في أبيّ الأشدّ بن كلدة الجُمَحيّ، وكان أبيّ هذا مغرورًا شديد الكبر بقوة جسده، فأنزل الله تعالى هذه السورة فيه، أمَّا قوله تعالى: {يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُّبَدًا}.

قال مقاتل في سبب نزولها: “نزلتْ في الحارث بن عامر بن نوفل، أذنب فاستفْتَى النَّبيَّ فأمره أنْ يُكَفِّر، فقال: لقد ذهبَ مالي في الكفّارات والنَّفقات، منذ دخلتُ في دينِ محمد”، وفيه نزلت هذه الآية.

اقرأ أيضًا:

فوائد من سورة البلد

فضل سورة الطارق

المصادر:

مصدر 1

مصدر 2

مصدر 3

المراجع
  1. الراوي : أبو أمامة الباهلي | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 804 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] []
  2. الراوي : أبي بن كعب | المحدث : ابن القيسراني | المصدر : ذخيرة الحفاظ، الصفحة أو الرقم: 4/2370 | خلاصة حكم المحدث : موضوع []

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *