قال الله تعالى في سورة آل عمران: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}، ويتساءل الكثير من المسلمين عن معنى آية فبما رحمة من الله لنت لهم وبيان معاني مفرداتها وإعرابها.
معنى آية فبما رحمة من الله لنت لهم
ذكر أهل التفسير في معنى آية فبما رحمة من الله لنت لهم العديد من التفاسير، ومنها أن معناها فبرحمةٍ من الله لنت لهم، أما قول الله تعالى في تتمة الآية: {وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}، أنه ليس بالفظ الجافي، ولا بغليظ القلب القاسي، غير صاحب رحمة ولا صاحب رأفة. بل كانت صفته صلى الله عليه وسلم على النقيض من ذلك.
وعلى ذلك يكون تفسير الآية كاملةً؛ فبرحمة الله ورأفته بك يا محمد وبرحمته ورأفته بمن آمن بك من المؤمنين ومن أصحابك جعلك لينًا، فلنت لهم، أي لتبَّاعك ولأصحابك من المسلمين، فكانت أخلاقك اللينة سهلةً برحمة الله لهم، مما أدى إلى تحسين أخلاقهم لك.
وتتمة تفسير الآية: وكان من لين أخلاقك أن احتملت أذى آذاك من الناس، وعفوت عمَّن أجرم وغفرت له جُرمه، وغضضت الطرف عن الكثير ممن لو جفوت وبعُدت عنه وأغلظت التعامل معه لبعُد عنك وتركك ولم يتَّبعك ولم يبلغ ما بعثك به الله من الرحمة والهداية، ولكن بفضل الله وبرحمة الله أن جعلك لينًا لهم كما أنت عليه.
فالله تعالى يُخاطب نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ممتنًا عليه وعلى الناس جميعهم وخاصةً المؤمنين أن جعل قلبه لينًا على المؤمنين به ومن اتبع أمرك منهم، وابتعد عما زجرتهم عنه من الأفعال، فكأن الله يقول له: أي شيءٍ سيُلينك لهم لولا فضل الله ورحمته بك وبهم، وهو تصديق قوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ}.
يقول الحسن البصري رحمه الله: “هذا خُلق محمد صلى الله عليه وسلم بعثه الله به”، وتُشبه هذه الآية قول الله تعالى في سورة التوبة: {لَقَد جاءَكُم رَسولٌ مِن أَنفُسِكُم عَزيزٌ عَلَيهِ ما عَنِتُّم حَريصٌ عَلَيكُم بِالمُؤمِنينَ رَءوفٌ رَحيمٌ}.
اقرأ أيضا: معنى آية أنلزمكموها
المباحث اللغوية في آية فبما رحمة من الله لنت لهم
بعد التعرف على معنى آية فبما رحمة من الله لنت لهم، لا بد من بيان معاني المفردات في الآية الكريمة، وفيما يأتي بيانها:
- فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ: الرحمة:المغفرة والرِقّة، والتعطُّف،
- لِنتَ لَهُمْ: أي لانت وسهّلْتَ أخلاقكَ لهم فلم تُعنِّفهم.
- فَظًّا : الشخص الجافي في المُعاشرة قولًا و فعلًا.
- غَلِيظَ الْقَلْبِ: القاسي الذي لا يتأثر بشيء.
- لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ: أي ابتعدوا عنك، يقال: انفض الناس من حوله، أي؛ ابتعدوا عن محيطه.
- فَاعْفُ عَنْهُمْ: اصفح، وتجاوز عنهم.
- وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ: اطلب من الله أن يغفر لهم ذنوبهم .
- وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ: اسْتَخْرِجْ ما عندهم من آرَاءَ.
- فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ: قم بأمر الله تعالى، وثق به واستعن به.
أما بالنسبة إلى إعراب الآية الكريمة كاملةً، فهو على النحو التالي:
- فَبِمَا: الفاء حرف استئناف، والباء حرف جر، “ما”: زائدة.
- رَحْمَةٍ: اسم مجرور بالباء، وعلامة جره تنوين الكسر.
- مِّنَ اللَّهِ: “من”: حرف جر، الله: لفظ الجلالة مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة، والجار والمجرور متعلق بمحذوف نعت لرحمة.
- لِنتَ: فعل ماض مبني على السكون، والتاء: فاعل.
- لَهُمْ: اللام: حرف جر، وهم: ضمير في محل جر، متعلق بـلنت.
- وَلَوْ: الواو: حرف عطف، لو: شرط غير جازم.
- كُنتَ : فعل ماض ناقص مبني على السكون، والتاء: ضمير اسم كان.
- فَظًّا: خبر كان منصوب.
- غَلِيظَ: خبر ثان منصوب.
- الْقَلْبِ : مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة.
- لَانفَضُّوا: اللام: واقعة في جواب لو، انفضوا: فعل ماض مبني على الضم، والواو: فاعل.
- مِنْ حَوْلِكَ: من: حرف جر، حولك: اسم مجرور و علامة جره الكسرة الظاهرة، والكاف: ضمير مضاف إليه.
- فَاعْفُ: الفاء: رابطة لجواب شرط مقدر، اعف: فعل أمر مبني على حذف حرف العلة من آخره، والفاعل ضميير مستتر تقديره أنت.
- عَنْهُمْ: متعلق باعف.
- وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ: الواو حرف عطف، استغفر: فعل أمر مبني على السكون.
- وَشَاوِرْهُمْ: الواو حرف عطف، شاورهم: فعل أمر مبني على السكون، وهم: ضمير مفعول به.
- فِي الْأَمْرِ ۖ: في: حرف جر، الأمر : اسم مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره، والجار والمجرور متعلق بشاورهم.
- فَإِذَا عَزَمْتَ : الفاء حرف عطف، إذا: ظرف للزمن المستقبل يتضمن معنى الشرط، ومتعلق بمضمون الجواب في محل نصب، عزمت: فعل ماض ماض مبني على السكون، والتاء: فاعل.
- فَتَوَكَّلْ: الفاء: رابطة لجواب الشرط، توكل: فعل أمر مبني على السكون، والفاعل ضمير مستتر تقديه أنت.
- عَلَى اللَّهِ: على: حرف جر، الله: لفظ الجلالة مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة، والجار والمجرور متعلق بـتوكل.
- إِنَّ: حرف مشبه بالفعل.
- اللَّهَ: لفظ الجلالة اسم إن.
- يُحِبُّ : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة، والفاعل هو.
- الْمُتَوَكِّلِينَ: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء.
اقرأ أيضا: معنى آية إن يمسسكم قرح