معنى آية قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا

تتناول سورة المؤمنون الحديث عن أصول الدين فيما يتعلق بالرسالة والبعث والتوحيد، وقد اشتملت السورة الكريمة على بعض الآيات عن عاقبة الأشقياء في الآخرة وتعذيبهم في النار، يقول تعالى في سورة المؤمنون: {قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ* رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ* قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ}، ويبحث الكثيرون عن معنى آية قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وما يُستفاد منها من ثمرات.

معنى آية قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا

معنى آية قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا

إنّ معنى آية قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قومًا ضالين أنّها تدلُّ على اعتراف الأشقياء من أهل النار بأنّ ما وقعوا فيه من شقاء قد غلبَ عليهم بما سبقَ من علم الله وبما خطَّه تعالى في أمِّ الكتاب لهم وكتبه عليهم، وورد عن مجاهد -رحمه الله- قوله في هذا الآية: {غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا}، أي التي كُتِبت علينا.

ووردَ عن ابن جريج في ذلك قوله: “بلغَنا أنَّ أهل النار نادوا خَزَنة جهنم: {ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِّنَ الْعَذَابِ}، فلم يجيبوهم ما شاء الله، فلما أجابوهم بعد حين قالوا: {فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ}، قال: ثم نادوا مالكًا: {يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ}، فسكت عنهم مالك خازن جهنم أربعين سنة ثمَّ أجابهم، فقال: {إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ}، ثمَّ نادى الأشقياءُ ربَّهم، فقالوا: {رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ* رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ}، فسكت عنهم مثل مقدار الدنيا، ثمَّ أجابهم بعد ذلك تبارك وتعالى: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ}، ونحو ذلك وردَ عن أبي بكر بن عبد الله ومحمد بن كعب وغيرهم.

وقد فسر بعضُ المفسرين الآية بأنَّها عاقبة السوء التي علمَ الله تعالى أنّها ستكون من نصيب أولئك الأشقياء وأنّهم يستحقونها بسبب أعمالهم السيئة، ونُسب هذا القول للجمهور من المعتزلة، وأمَّا الأشاعرة فقد وردَ عنهم قولهم: أنَّ المراد بذلك ما كتبه تعالى عليهم منذ الأزل بسبب كفرهم ومعاصيهم.

وتُمثّل الآية اعترافًا صريحًا من أشقياء أهل النار -والعياذ بالله- بالحجة التي أقامها الله تعالى عليهم، وكأنهم أرداوا قول: ربَّنا غلبَ علينا أمر مصدره ذواتنا وكنَّا نحن لهذا السبب قومًا ضالين عن سبيل الحقَّ ومكذبين بآيات الله تعالى.

وبمعنى آخر: غلبَ علينا ما كتبتُه علينا من الشقاء لأنّنا كنَّا في علمكَ قومًا ضالين، فقد غلبَ ما علمته وكتبته -سبحانك- علينا وكان سببًا في ضلالِنا وهلاكنا، فما صدرَ عنهم من تكذيب غلبَ عليهم فكتبهُ الله لعلمه به وقد علم تعالى ما في أنفسهم من سوءِ استعدادٍ سيؤدي بالضرورة إلى سوء الاختيار، وعلْمُ الله تعالى بما تحقق في وقته كان تابعًا للشيء المعلوم، وهذا ما أكده اعترافهم في قوله تعالى نيابةً عنهم.

وقد اختلف القراء في قراءة هذه الآية على أكثر من وجه، حيثُ قرأها معظم أهل الكوفة: شَقاوتنا، بفتح حرف الشين وبالألف، وقرأها معظم أهل البصرة والمدينة والبعض من أهل الكوفة: شِقوتنا، بكسر الشين ومن دون ألف، والصحيح أنّ القراءتين صحيحتان وقد قرأ مشاهير القراء بالقراءتين، وللقراءتين نفس المعنى، لذلك لا حرجَ على المسلم في أن يقرأ بأي منهما، وبأي آيةٍ قرأ فهو مُصيب.

اقرأ أيضا: معنى آية له معقبات من بين يديه ومن خلفه

فوائد آية قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا

عندما يتوعد الله تعالى الكافرين بالعذاب والهلاك يكون ذلك تحذيرًا منه لعباده على خطورة الطريق التي يسلكونها، والمؤمن الكيِّسُ الفطن من يدينُ نفسه ويلومها ويجتهد في عمله وعبادته لما بعد الموت، وأمّا الإنسان العاجز فهو الذي يتَّبعُ أهواءه ولا يلقي بالًا لطاعة الله ويتمنَّى الأماني على الله تعالى، وفيما يأتي أهم الفوائد التي يمكن استقائها من آية قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا:

اقرأ أيضا: معنى آية يا أيتها النفس المطمئنة

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

Exit mobile version