معنى آية فإنها لا تعمى الأبصار

يقول الله تعالى في سورة الحج: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}، وقد ذُكرت هذه الآية بعد الحديث عن أحوال الأمم السابقة من الكفار وكيفَ أخذهم الله أخذ عزيزٍ مقتدر وذلك تخفيفًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في تكذيب قومه له، ويكثر البحث بين المسلمين عن معنى آية فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور وما ترشد إليه من هدايات.

معنى آية فإنها لا تعمى الأبصار

معنى آية فإنها لا تعمى الأبصار

إن معنى آية فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور أي أنه لا يُعتد بعمى الأبصار، ولكن الذي يُعتد به عمى القلوب التي في الصدور، وهؤلاء المشركون قد أُصيبوا بالعمى الذي هو أشنع عمى وأقبحه، وهو عمى القلوب عن الفهم وقبول الحق.

وكلمة تعمى في الآية الكريمة من الفعل عميَ، ويمكن أن يقال: عميَ عن أو عميَ على، وهو أعمى وجمعه عميٌ وعميان، ومؤنثه عمياء، والجمع أيضًا عميٌ، وهو عمٍ وهي عميةٌ، وقوم عَمين، والمفعلو معميٌّ عليه، وعميَ الشخص: ذهب بصر قبله وأصابه الجهل، ولم يهتدِ إلى الحق، وعميَ عن الشيء: لم يهتدِ إلى مكانه.

أما الأبصار: فالبصر للعين، وله استخدامات متعددة، فالبصر قوة الإدراك وقوة الإبصار والنظر من خلال العينين، والجمع أبصار، وأصحاب الأبصار: أهل العقول، وكلمة القلوب هي جمع كلمة قلب، وهو عضو داخلي من أعضاء جسم الإنسان، عبارة عن عضلة جوفاء تستقبل الدم من الأوردة وتضخُّه إلى الشرايين، وقد يعبَّر بالقلب عن العقل، كما وردَ في مواضع كثيرة في كتاب الله تعالى.

والصدور: جمع كلمة صدر، والصدر مقدمة كلِّ شيء، صدر الكتاب وصدر النهار أوله، وصدر الإنسان هو الجزء الذي يمتدُّ من أسفل عنقه إلى فضاء الجوف، وهو المكان الذي يحتوي على القلب بداخله.

ويدعو الله تعالى في هذه الآية الناس إلى التنقل بالجسد والعقل في الأرض وتأمل خلق الله تعالى وآياته لأخذ العظة والعبرة من أحوال الأمم السابقة التي كذّبت برسل الله، وكيف أذاقها الله العذاب ثم أخذها الله وأهلكها وهي ظالمة لنفسها، وأما الذين لم يأخذوا العبرة ولم يقنعوا بها وأصروا على كفرهم واستكبارهم فإنّهم حتى وإن كانت أبصارهم سليمة إلا أنّ قلوبهم قد أصابها العمى، ولم تعد قادرة على التبصّر في آيات الله تعالى.

وفي تفسير السعدي أنّ الله تعالى دعا العباد إلى السير في الأرض وأخذ العبر من أحوال الأمم الهالكة لأنها كذّبت رسل الله ورسالاته، وإنّ أخذ هذه العبر لا يكون فقط بالنظر من خلال العينين وإنّما يحتاج إلى قوة بصيرة وتأمل وإعمال العقل والقلب، لذلك فإنّ من لم يستجب لرسل الله تعالى ولدعوة الحقّ فإنّ العمى قد أصاب قلبه وحجبه عن رؤية الحق ونور الهداية، حتى وإن كان يرى بعينيه الأشياء.

وفي تفسير آخر إنّ التساؤل في بداية الآية في قوله تعالى: {أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوبٌ يعقلون بها أو اذانٌ يسمعون بها}، استفهام للتوبيخ والإنكار، وفيه تقريع لأهل الكفر والشرك الذين لا يتّعظون ولا يعتبرون بايات الله، فمن كان له عقل وقلب عليه أن يعتبر بأحوال الغابرين من الأمم السابقة، في القصور الخاوية والابار المعطلة والمنازل المهدمة وغيرها.

وتشير الآية إلى أنّ عدم الاعتبار من كل ذلك لا يعتمد على الرؤية البصرية، لأن عمى الأبصار لا يمنع رؤية الحق، إلا أنّ أولئك المشركين قد عميت قلوبهم التي في صدورهم، وحجبهم ذلك عن رؤية الحق الواضح الجلي، ومنعهم من أخذ العبر والعظة وأبقاهم غارقين في إنكارهم وكفرهم، وفي ذلك حثٌّ على إزالة تلك الغشاوة التي سببت عمى القلوب والإقبال على الله تعالى بقلب مبصر للحق، والله تعالى أعلم.

اقرأ أيضا: معنى آية زين للناس حب الشهوات

فوائد من آية فإنها لا تعمى الأبصار

لا بدّ من ذكر الثمرات المستفادة من الآيات القرآنية، لأنّ الغاية من كلّ ذلك هو الوصول إلى مقاصد الشريعة والأحكام التي أنزلها الله في كتابه الكريم، ومن أبرز الفوائد التي ترشد إليها هذه الآية الكريمة:

اقرأ أيضا: معنى آية بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

Exit mobile version