معنى آية إن الذي فرض عليك القرآن

يقول سبحانه وتعالى في سورة القصص: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ ۚ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاءَ بِالْهُدَىٰ وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}، ويتساءل الكثيرون عن معنى آية إن الذي فرض عليك القرآن وسياق نزولها على النبي صلّى الله عليه وسلّم.

معنى آية إن الذي فرض عليك القرآن

معنى آية إن الذي فرض عليك القرآن

إن معنى آية إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد أي إن الذي أنزل القرآن، وفرض فيه الأحكام، وبيّن فيه الحلال والحرام، وأمرك بتبليغه للعالمين، والدعوة لأحكام جميع المكلفين، لا يليق بحكمته أن تكون الحياة هي الحياة الدنيا فقط، من غير أن يُثاب العباد ويعاقبوا، بل لا بُد أن يردك إلى معاد، يجازي فيه المحسنون بإحسانهم، والمسيئون بمعصيتهم.

وتدل الآية على أن النبي بيّن الهدى، وأوضح المنهج، وعلى ذلك يكون المعنى: إن تبعوك، فذلك حظهم وسعادتهم، وإن أبوا إلا عصيانك والقدح بما جئت به من الهدى، وتفضيل ما معهم من الباطل على الحق، فلم يبق للمجادلة محل، ولم يبق إلا المجازاة على الأعمال من العالم بالغيب والشهادة، والحق والمبطل. ولهذا قال: { قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } وقد علم أن رسوله هو المهتدي الهادي، وأن أعداءه هم الضالون المضلون.

نزلت هذه الآية على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وهو بالجحفة بين مكة والمدينة في طريق هجرته العظيمة، كانت هذه الآية مُسلّية له -عليه الصلاة والسلام- مما يلاقيه في طريق هجرته من دياره في مكة إلى بلد جديد هي المدينة المنورة، وقد خرج -صلّى الله عليه وسلّم- من مكة وهو يحبها، وقال بعض السلف أنه لما صار بالجحفة اشتاق لمكة فأنزل الله -تعالى- هذه الآية تسليةً له.

وقد اختلف المفسرون في المُراد من المعاد في هذه الآية على وجه الدقة والتحديد، فذهب جماعة منهم -ورجّح هذا القول الإمام القرطبيّ- إلى أن المقصود بالمعاد الذي سيرد الله -تعالى- إليه نبيه -عليه الصلة والسلام- هو مكة المكرمة؛ إذ سيُعيده الله -تعالى- إليها قاهرًا لأعداء الدين وظاهرًا عليهم، وبه قال جابر بن عبد الله وعبد الله بن عباس ومجاهد بن جبر التابعي رضي الله عنهم أجمعين.

وكذلك يقول بعض علماء اللغة إنّ معاد الرجل بلده؛ لأنه يغادرها ثمّ يعود، وذهب جماعة آخرون إلى القول أن المقصود بالمعاد هو الجنّة، وبه قال الحسن البصري -رضي الله عنه- ومروي كذلك عن ابن عباس وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهم.

وقال آخرون إنّ المعاد هو يوم القيامة، وهو مروي عن غير واحد من السلف منهم الزهري، وقال آخرون هو الموت، وهذا الوجه مروي عن كثير من السلف منهم سعيد بن جبير رضي الله عنه.

يختم الله -تعالى- الآية بقوله: {قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاءَ بِالْهُدَىٰ وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}، وهذا التذييل يريد به تعالى أن يقول للنبي -عليه الصلاة والسلام- أنّ خير جواب للكافرين الذين يصدّون عن الإسلام هو أن يُقال لهم إن الله -سبحانه- أعلم بمن اهتدى إلى طريق الصواب وهو أعلم لمن يكون النصر والعاقبة الحسنة، وهو -تعالى- أعلم -كذلك- بمن يرتع في الضلال والجور والظلم.

وقد وصف -سبحانه- الضلال بالمُبين ليجعل المفكر المتبصّر يرى بعينه من الذي على طريق الحق ومن الذي قد ضل ضلالًا بعيدًا بائنًا واضحًا لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيد، والله أعلم.

اقرأ أيضا: معنى آية ألا بذكر الله تطمئن القلوب

معاني المفردات في آية إن الذي فرض عليك القرآن

إن شرح معاني المفردات في الآية الكريمة من شأنه أن يُقرب المسلم من المعنى العام للآية أكثر، ويزيد من الإحاطة بجوانبها المختلفة، ويمكن شرح معاني مفردات الآية المباركة على النحو التالي:

اقرأ أيضا: معنى آية وأبصر فسوف يبصرون

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

Exit mobile version