معنى آية بل الإنسان على نفسه بصيرة

إن المنهج الرباني هو المنهج القويم للتعرف على النفس البشرية؛ ولذلك لأن الله تعالى هو خالق النفس، وهو الأعلم بما يُصلحها وما يُفسدها، كما أن الله تعالى محيط بما في النفس البشرية من أسرار وطاقات، وقد تحدثت العديد من الآيات القرآنية عن النفس، ويتساءل الكثيرون عن تفسيرات هذه الآيات، وخصوصًا معنى آية بل الإنسان على نفسه بصيرة الواردة في سورة القيامة.

معنى آية بل الإنسان على نفسه بصيرة

معنى آية بل الإنسان على نفسه بصيرة

إن معنى آية بل الإنسان على نفسه بصيرة أن موازين فقه النفس مقاديرها، والإنسان وحده هو من يعلم ميزان نفسه، ويعرف مقاديرها وحجمها، ولذلك قال الله تعالى في سورة القيامة {بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ (15)}، وإذا أبصر الإنسان حال نفسه؛ فلن يضره عند ذلك من يقدحه، ولن ينفعه من يمدحه، وإذا فقه الإنسان نفسه، استطاع أن يُلجمها، ويُلزمها الأدب، فلا يُغالي لدرجة التعالي، ولا يُسرف لدرجة السقوط، بل يسعي ليبتغي بين ذلك سبيلًا.

تدل هذه الآية الكريمة على الإنسان لن ينفعه لفقه ميزان نفسه كتبًا يقرأها، ولا نصوصًا يسمعها، ولا مواقف وقصص تُروى له، فالإنسان يحتاج إلى أن يختبر نفسه أولًا وأن يُجربها، لكي يُبصر بقلبه قبل عينه، ويعي ويتعلم، فيكف عما يؤذي نفسه، ويبلغ مقامات أهل الآخرة قبل مقامات أهل الدنيا.

تُشير الآية الكريمة في معناها إلى أن الإنسان مهما نصحه الناصحون، فلن ينفعه ذلك إذا لم يكن معه ميزان النفس، أو إذا أنكر حاجته إلى هذا الميزان من الأساس، وكثيرًا ما تأخذ الكثيرين العزةُ بالإثم، فيغتر ويتكبر ويتجبر، فينطبق عليه قول الله تعالى في سورة البقرة: {مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون * صم بكم عمي فهم لا يرجعون}.

تنطوي الآية على معنى هام جدًا، وهو أن الإنسان إذا غلف قلبه ومنعه من إبصار الحق صار كالمخمور الذي لا يدرك ما يدور حوله من الأحداث والوقائع، وعندها يكون بين أن يهديه الله تعالى إلى سبل الرشاد عبر كلمة عابرة أو موقف يُزلزل كيانه أو أن يتعرض لصدمة تكون بمثابة اللطمة التي توجه إلى وجهه، وإما أن يُحرم من هذه المنة العظيمة، وعندها يُحشر يوم القيامة أعمى كما كان حاله في الدنيا.

من أبرز الثمرات التي نستخلصها من الآية أن الإنسان منا ليس بمعزل من الزلل، ولكننا متفاوتون، فمنا من يُوغل في الطريق الخاطئ، ومنا من يكون صاحب فلتات نادرة فحسب؛ ولذلك على الإنسان أن يعتصم بحبل الله تعالى ويتمسك به ليُعصَم من الضلالة.

اقرأ أيضا: مقاصد سورة القيامة

تفسيرات العلماء لآية بل الإنسان على نفسه بصيرة

هناك العديد من التفسيرات التي ذكرها العلماء عند تناول قوله تعالى: {بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ (15)} حيث قال الإمام ابن كثير أن الإنسان شهيد على نفسه، يعلم بما يفعل مهما اعتذر وأنكر، وفي ذلك يقول الله تعالى في سورة الإسراء: {اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا}.

قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: أن المقصود بأن الإنسان على نفسه بصيرة أي سمعه وبصره ويداه ورجلاه وجوارحه، بينما قال قتادة بن المراد من ذلك هو شهادة الإنسان على نفسه، وقد قيل أيضًا أنه بصير بعيوب الناس بينما ينسى ويتغافل عن ذنوبه، وهو ما يترادف مع المعنى الوارد في الإنجيل: يا ابن آدم، تبصر القذاة في عين أخيك، وتترك الجذل في عينك لا تبصره.

فسّر مجاهد قوله تعالى: {ولو ألقى معاذيره} أي ولو جادل عن نفسه بكل حجة، فهو بصير عليها، كما قال قتادة، لو اعتذر بباطل في يوم الحساب، فلن يُقبل منه.

اقرأ أيضا: نبذة عن كتاب رقائق القرآن

النفس في القرآن الكريم

وردت النفس في القرآن الكريم كثيرًا، وتتعدد أنواع النفس، وتنقسم إلى:

ذكر القرآن الكريم العديد من المظاهر للنفس، ومن ذلك:

اقرأ أيضا: أحاديث عن جهاد النفس

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

Exit mobile version