أحاديث عن جهاد النفس

يكون جهاد النفس في كل ما يمكن أن يُلحق الضرر بها، مثل اتباع الأهواء، وسوء الظن بالله سبحانه وتعالى، والحسد، والغيرة، وآفات اللسان، كالكذب، والنميمة، والغيبة، وكذلك الكِبر، والطمع، وغيرها الكثير، والهدف من جهاد النفس هو الوصول إلى نعيم الجنّة، وقد وردت العديد من الأحاديث التي تدعو إلى جهاد النفس، وفي هذا المقال نستعرض ما ثبت في السُّنة النبوية الصحيحة من أحاديث عن جهاد النفس.

أحاديث عن جهاد النفس

جهاد النفس

قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في حَجَّةِ الوداعِ هذا يومٌ حرامٌ وبلَدٌ حَرامٌ فدماؤكم وأموالُكم وأعراضُكم عليكم حرامٌ مثلُ هذا اليومِ وهذا البلدِ إلى يومِ تلقونَهُ وحتَّى دَفعةٌ دَفَعها مسلِمٌ مسلِمًا يريدُ بها سوءًا وسأخبرُكم مَنِ المسلمُ من سلمَ النَّاسُ من لسانِهِ ويدِهِ والمؤمنُ من أمِنهُ النَّاسُ على أموالِهم وأنفسِهم والمهاجرُ من هجرَ الخطايا والذُّنوبِ والمجاهدُ من جاهدَ نفسَهُ في طاعةِ اللَّهِ تعالى. (( الراوي : فضالة بن عبيد | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : مختصر البزار، الصفحة أو الرقم: 1/464 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح ))

قال ابنُ القيِّم في جهاد النفس: إنّه أصلُ جهاد الأعداء، وهو مُقَّدم عليه، لأنّ الإنسانَ الذي لم يجاهد نفسه أولاً، حتى تفعلَ ما أُمِرت به، وتتركَ ما نُهيت عنه لن يتمكنَ من جهاد العدوّ، ولن يستطيعَ الخروجَ إلى العدوّ حتى يجاهدَ نفسه على الخروج، وقال ابن رجب إنّ النوع الثاني من الجهاد هو جهاد النّفس في طاعة الله سبحانه وتعالى، وهذا النّوع من الجهاد يحتاج الصبر.

مما جاء من أحاديث عن جهاد النفس عن سبرة بن الفاكه المخزومي: إنَّ الشَّيطانَ قعد لابنِ آدمَ بطرقِه , قعد له بطريقِ الإسلامِ , فقال : أتسلِمُ وتذرُ دينَك ودينَ آبائِك ؟ . قال : فعصاه وأسلم . قال : وقعد له بطريقِ الهجرةِ , فقال : أتهاجرُ وتدعُ أرضَك وسماءَك , وإنَّما مثلُ المهاجرِ كالفرسِ في الطِّوَلِ ؟ فعصاه وهاجر , ثمَّ قعد له بطريقِ الجهادِ , وهو جهادُ النَّفسِ والمالِ , فقال : تقاتلُ فتُقتلُ , فتُنكحُ المرأةُ ويُقسَّمُ المالُ ؟ . قال : فعصاه , فجاهد . قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : فمن فعل ذلك منهم فمات , كان حقًّا على اللهِ أن يدخلَه الجنَّةَ , أو قُتِل كان حقًّا على اللهِ أن يُدخلَه الجنَّةَ , وإن غرِق كان حقًّا على اللهِ أن يُدخلَه الجنَّةَ , أو وقصتْه دابَّةٌ كان حقًّا على اللهِ أن يُدخلَه الجنَّةَ. (( الراوي : سبرة بن الفاكه المخزومي الأسدي | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : عمدة التفسير، الصفحة أو الرقم: 2/10 | خلاصة حكم المحدث : [أشار في المقدمة إلى صحته] ))

قالَ ابنُ القيم عن الجهاد إنّه أربعُ مراتب، وهي: جهاد النّفس، وجهاد الشياطين، وجهاد الكفّار، وجهاد المنافقين، ويكون جهاد النفس بحثِّها على تعلّم الهدى، والعمل به، وكذلك يكون بالدعوة إليه، والصبر على متاعب الدعوة، وجهاد الشياطين يكون بدفع كلّ ما يمكن أن يدفعَ الإنسان إلى الشبهات، والشهوات، والشكّ في الإيمان، وجهاد الكفّار والمنافقين يكون بالقلب واللّسان والمال والنفس، ويكون جهاد الكفّار أقربَ لليد ، ويكون جهاد المنافقين أقربَ للّسان.

ومن الأحاديث التي تشرح وتُوضح طرق جهاد النفس ما رواه أبو ذر الغفاري رضى الله عنه أنّ رسول الله أوصاه فقال له : أوصيكَ بتقوى اللهِ فإنَّهُ رأسُ الأمرِ كلِّهِ ، قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! زِدني . قال : عليكَ بتلاوَةِ القرآنِ فإنَّهُ نور لكَ في الأرضِ وذكرٌ لكَ في السَّماءِ . قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! زِدني . قال : إيَّاكَ وكثرةَ الضَّحِكِ فإنَّهُ يُميتُ القَلبَ ، ويَذهَبُ بنورِ الوَجهِ ، قلتُ : يا رسولَ اللَّهِ ! زِدني . قال : عليكَ بالصَّمتِ إلَّا مِن خيرٍ ، فإنَّهُ مطردَةٌ للشَّيطانِ عنكَ ، وعونٌ لكَ علَى أمر دينِكَ . قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! زِدني . قال : عليكَ بالجهادِ فإنَّهُ رهبانيَّةُ أمَّتي . قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! زِدني . قال : حبُّ المساكينِ وجالِسهُم . قلتُ : يا رسولَ اللَّهِ ! زِدني . قال : انظُر إلى مَن تحتَكَ ولا تنظُر إلى مَن فوقكَ فإنَّهُ أجدَرُ أن لا تَزدَري نِعمةَ اللهِ عندكَ . قلتُ : زِدني يا رسولَ اللهِ ! قال : صِلْ قرابَتَكَ وإن قَطعوكَ . قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! زِدني . قال : لا تَخَف في اللَّهِ تعالى لَومَةَ لائمٍ . قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! زِدني . قالَ : قُل الحقَّ وإن كان مُرًّا . قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! زِدني . قال : يردُّكَ عن النَّاسِ ما تعرفُ من نفسِكَ ، ولا تجِد عليهِم فيما تأتي ، وكفَى به عيبًا أن تعرِفَ من النَّاسِ ما تجهَلُ من نفسِكَ ، أو تجِدُ عليهِم فيما تأتي. (( الراوي : أبو ذر الغفاري | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 361 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه ))

عن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما: بينما نحن حول رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذ ذكر الفتنةَ فقال إذا رأيتم النَّاسَ قد مرجت عهودُهم وخفَّت أماناتُهم وكانوا هكذا وشبَّك بين أصابِعه قال فقمتُ إليه فقلتُ كيف أفعلُ عند ذلك جعلني اللهُ تبارك وتعالَى فداك قال الزَمْ بيتَك وابْكِ على نفسِك واملِكْ عليك لسانَك وخُذْ ما تعرِفُ ودَعْ ما تُنكِرُ وعليك بأمرِ خاصَّةِ نفسِك ودَعْ عنك أمرَ العامَّةِ. (( الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : المنذري | المصدر : الترغيب والترهيب، الصفحة أو الرقم: 3/382 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن ))

عن جابر قال قدمَ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قومٌ غُزَاةٌ فقال قدِمْتُم بخيرٍ مقْدِم من الجهادِ الأصغرِ إلى الجهادِ الأكبرِ قيل وما الجهادُ الأكبرُ قال مُجاهدَةُ العَبْد هواهُ. (( الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : الكافي الشافي، الصفحة أو الرقم: 194 | خلاصة حكم المحدث : حسن ))

جئتَ تسألُ عنِ البرِّ والإثمِ ؟ قال : قلتُ : نعم قال استفتِ قلبَك . البِرُّ ما اطمأنَّتْ إليه النفسُ واطمأنَّ إليه القلبُ ، والإثمُ ما حاك في النفسِ وتردَّدَ في النفسِ وإنْ أفتاكَ الناسُ وأفتوك. (( الراوي : وابصة بن معبد الأسدي | المحدث : النووي | المصدر : بستان العارفين، الصفحة أو الرقم: 39 | خلاصة حكم المحدث : حسن ))

عن عبدِ اللهِ بنِ عمرو بنِ العاصِ، أنَّ النبيَّ – عليه السلام ُ- قال : كيف بك إذا بقيتَ في حُثالة من الناسِ ؛ مرجتْ عهودُهم وأماناتهُم، واختلفوا فكانوا هكذا؟ ! وشبَّك بين أصابعه – قال : فبم تأمرُني ؟ ! قال : عليك بما تعرفْ، ودعْ ما تُنكر، وعليك بخاصةِ نفسِك، وإياك وعوامِّهم. (( الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : الألباني | المصدر : تخريج مشكاة المصابيح، الصفحة أو الرقم: 5325 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن ))

وردت بعض الأحاديث التي لا أصل لها في جهاد النفس والتي أشار الإمام الألباني في “السلسلة الضعيفة” إلى أنها أحاديث باطلة مثل حديث: جاهدوا أنفسَكم بالجوعِ والعطشِ ، فإن الأجرَ في ذلك كأجرِ المجاهدِ في سبيلِ اللهِ ، وأنه ليس من عملٍ أحبَّ إلى اللهِ من جوعٍ وعطشٍ. (( الراوي : لا يُعرف له راوٍ | المحدث : الألباني | المصدر : السلسلة الضعيفة، الصفحة أو الرقم: 247 | خلاصة حكم المحدث : باطل لا أصل له ))

اقرأ أيضًا:
أفضل أنواع الجهاد

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

Exit mobile version