الاعتذار هو خلق سامٍ لا يقدر عليه إلا من كان يملك علمًا وأدبًا وذوقًا سليمًا وفكرًا سديدًا، فليس من السهل القيام به سواء كان الشخص المتضرر قريبًا أم بعيدًا. البعض يدرك خطأه لكنه لا يجد الشجاعة عليه، والبعض الآخر يخاف أن يرفض اعتذاره، أما أسوأهم فذلك الذي لا يستطيع أن يبصر خطأه ولا يقدر حتى على الاعتراف به، ولم تخلو أغراض الشعر العربي من الاعتذار، فقد اهتم الشعراء بكتابة قصائد شعر عربي عن الاعتذار والتعبير عن الأسى والأسف.
شعر عربي عن الاعتذار
يقول الشاعر العربي الكبير إبراهيم ناجي في واحدة من أجمل قصائد شعر عربي عن الاعتذار والتأسف:
يا صفوة الأحباب والخلانِ
عفواً إذا استعصى عليّ بياني
الشعر ليس بمسعفٍ في ساعة
هي فوق آي الحمد والشكران
وأنا الذي قضّى الحياة معبراً
ومرجعاً لخوالج الوجدان
أقفُ العشيةَ بالرفاق مقصراً
حيران قد عقد الجميل لساني
يا أيها الشعر الذي نطقت به
روحي وفاض كما يشاء جناني
يا سلوتي في الدهر يا قيثارتي
ما لي أراك حبيسة الألحان
أين البيان وأين ما علمتني
أيام تنطلقين دون عنان
نجواك في الزمن العصيب مخدِّر
نامت عليه يواقظ الأشجان
والناس تسأل والهواجس جمة
طبٌ وشعر كيف يتفقان
الشعرُ مرحمة النفوس وسِرّه
هِبة السماء ومِنحة الدَّيان
والطبُ مرحمة الجسوم ونبعُهُ
من ذلك الفيض العليّ الشان
ومن الغمام ومن معين خلفه
يجدان إلهاماً ويستقيان
يا أيها الحبُّ المطهر للقلو
بِ وغاسل الأرجاس والأدران
ما أعظم النجوى الرفيعة كلما
يشدو بها روحان يحترقان
أنفا من الدنيا وفي جسديهما
ذُلّ السجين وقسوة السجان
فتطلعا نحو السماء وحلقا
صُعُداً إلى الآفاق يرتقيان
وتعانقا خلف الغمام وأترعا
كأسيهما من نشوة وحنان
اكتب لوجه الفَنِّ لا تعدل به
عَرَض الحياة ولا الحطام الفاني
واستلهم الأمَّ الطبيعةَ وحدَها
كم في الطبيعة من سَرِيِّ مَعان
الشعرُ مملكة وأنتَ أميرُها
ما حاجة الشعراء للتيجان
هومير أمّرهُ الزمانُ لنفسه
وقضت له الأجيال بالسلطان
اهبط على الأزهار وامسح جفنها
واسكب نداك لظامئ صَديان
في كل أيك نفحة وبكل رو
ضٍ طاقة من عاطر الريحان.
اقرأ أيضا: أجمل أبيات الشعر الفصيح
قصيدة سامحيني لعبده صالح
عبده صالح: شاعر مصري ولد في 1975 بالقاهرة له عدة دواوين من أهمها ( مجرد صديق – أرض الغرباء – حينما يأتي المساء ) ويعمل مخرج مسرحي حصل على العديد من الجوائز المحليه والدولية في مجال المسرح و الشعر العربي
يقول في قصيدته سامحيني:
سامحيني صغيرتي
فالحب لا أقوى عليه
فليس درباً من دروبي
ويوماً لم أسعى اليه
للحبِ أشياء غريبة
قد نصادف منها يوماً
قد تلاقي النفس لوماً
لكني دوماً
لن أقول بأنني يوماً أحب
فالحب ليس طريقتي
فسامحيني صغيرتي
اليوم أعرف أنكِ
تبغين شيئاً لايجول بخاطري
فلتغفري
ذنباً لقلبٍ يحتضر
ولنختصر كل الطرق
ولتمنحيني دمعةً
إن قالوا ..
ماتت كل الدموع بمقلتي
وسامحيني صغيرتي ..
***
أعترف لكِ يا صغيرتي
أني هربت
نعم هربت
فلن أستطيع أن أقاوم مشاعرك القوية
فحبك أعظم من هفواتي الصبيانية
حبك أكبر من ممارساتي العشوائية
حبك أجمل من كل الأشكال العادية
وغير العادية …
حبك خطر لا يحب المجازفة
حبك قدر لا يقبل المناصفة
حبك واضح كالسماء
حبك إما صيف وإما شتاء
حبك مبدأ لايقبل إزدواجية الأشياء
وأنا ضد كل مطامحك الرومانسية
أنا عكس كل الاشكال التقليدية
أنا دوماً شيئ جديد
يوم جديد
حلم جديد
أنا جسم غير قابل
للتغير والتحويل والترويض
فاغضبي كما تشائين
وارحلي كلما تشائين
وسامحيني …
فلن أكون كما تريدين.
اقرأ أيضا: شعر عربي عن الاصدقاء
أبيات شعر عربي فصيح عن الاعتذار
كتب العديد من الشعراء أبياتًا عن الاعتذار ومنهم:
ابن الوردي، وهو: عمر بن مظفر بن عمر بن محمد ابن أبي الفوارس، أبو حفص، زين الدين ابن الوردي المعرّي الكندي. شاعر، أديب، مؤرخ. ولد في معرة النعمان (بسورية) وولي القضاء بمنبج، وتوفي بحلب.
يقول ابن الوردي في شعره عن الاعتذار:
أنا إنْ سلوتُهم فما عُذْري
لا أَدْمُعي نفدَتْ ولا صبري
قالوا اعتذرْ للأئمينَ نعمْ
عذري بأني ذو هوى عذري.
ويقول في قصيدة أخرى:
قالوا اعتذرْ في التسلّي
فوجهُهُ فيهِ شعرُ
لا ما لعذريَ وجْهٌ
ولا لوجهِكَ عذْرُ.
كان الإمام الشافعي أيضًا ممن كتبوا شعر عربي عن الاعتذار والتأسف، وهو أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعيّ المطَّلِبيّ القرشيّ (150-204هـ / 767-820م) هو ثالث الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب الشافعي في الفقه الإسلامي، وإضافةً إلى العلوم الدينية، كان الشافعي فصيحًا شاعرًا، وراميًا ماهرًا، ورحّالًا مسافرًا.
يقول الإمام الشافعي في شعره عن الاعتذار:
قيلَ لي قَد أَسى عَلَيكَ فُلانٌ
وَمُقامُ الفَتى عَلى الذُلِّ عارُ
قُلتُ قَد جاءَني وَأَحدَثَ عُذراً
دِيَةُ الذَنبِ عِندَنا الاِعتِذارُ.
وفي قصيدة أخرى يقول:
إِقبَل مَعاذيرَ مَن يَأتيكَ مُعتَذِراً
إِن بَرَّ عِندَكَ فيما قالَ أَو فَجَرا
لَقَد أَطاعَكَ مَن يُرضيكَ ظاهِرُهُ
وَقَد أَجَلَّكَ مَن يَعصيكَ مُستَتِرا.
اقرأ أيضا: أجمل أبيات الشعر العربي في الحكم