النِّفاق في اللُّغة يدُلُّ على الإخفاء وعدم الإظهار، وفي الاصطلاح يكون بإظهار الإنسان ما يدلّ على الحقّ، وإخفاء ما به من الباطل، فالمعنى الاصطلاحي لا يَخرج عن المعنى اللُغويّ، وجاء عن ابن منظور أنَّ النِفاق من المصطلحات الشرعيّة، ولم تكُن معروفة بمعناها الاصطلاحيّ قبل الإسلام، ويجب على كل مسلم معرفة حكم النفاق الاعتقادي وصفات المنافقين.
حكم النفاق الاعتقادي
يُعرف النفاق الاعتقادي بأنه إظهار الإنسان الإيمان بالله، وباقي أركان الإيمان بلسانه، ويُخفي الكُفر أو ما يُناقض ذلك كُلّه أو بعضه، وهذا النوع هو الذي كان في زمن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، ونزل القُرآن بذمِّه وذمِّ أهله، وحكم النفاق الاعتقادي أنه كفر أكبر والعياذ بالله.
وقد أخبر القُرآن الكريم عن هذه الفئة من المنافقين أنّهم في الدَّرْك الأسفل من النّار، وأطلق بعض الفُقهاء كابن القيم على مَن يَتّصف بهذا القسم بالزنديق، ومن صور هذا النِفاق تكذيب النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، أو الاعتقاد بعدم وجوب طاعته.
اقرأ أيضا: حكم من تاب من الشرك
صفات المنافقين
صفات المنافقين نفاقاً أكبر
توجد العديد من الصفات التي يَتَّصف بها أهلُ النفاق الأكبر، وهي فيما يأتي:
- تكذيب النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- في الباطن دون الظاهر، لِقوله -تعالى-: (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ)، سواءً كان هذا التكذيب بكلِّ ما جاء به أو ببعضه، وكذلك بُغْض النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، وبُغْض ما جاء به، والفرح والسُرور بخسارته، وكراهية نُصرته ونُصرة دينه.
- الاعتقاد بعدم وجوب تصديق أو طاعة النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-.
- ادّعاء الإيمان، ليُخادعوا به المؤمنين، لِقولهِ -تعالى-: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّـهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ* يُخَادِعُونَ اللَّـهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ)، إضافةِ إلى عدم مُبالاتهم بالصلاة، لِقولهِ -تعالى-: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّـهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّـهَ إِلَّا قَلِيلًا).
- الاستهزاء بالإيمان وأهله، وكذلك بآيات الله -تعالى-، لِقولهِ -تعالى-: (يَحذَرُ المُنافِقونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيهِم سورَةٌ تُنَبِّئُهُم بِما في قُلوبِهِم قُلِ استَهزِئوا إِنَّ اللَّـهَ مُخرِجٌ ما تَحذَرونَ* وَلَئِن سَأَلتَهُم لَيَقولُنَّ إِنَّما كُنّا نَخوضُ وَنَلعَبُ قُل أَبِاللَّـهِ وَآياتِهِ وَرَسولِهِ كُنتُم تَستَهزِئونَ).
- مرض قُلوبهم، لكثرة الشُّبهات والشهوات فيه، وتكبُّرهم، لِقولهِ -تعالى-: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّـهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ).
- سَفَهِهِم ورمي المؤمنين بالسَّفه، لِقوله -تعالى-: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ ۗأَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَـٰكِن لَّا يَعْلَمُونَ).
- موالاتهم لأعداء الإسلام، وتربُّصهم بالمؤمنين، لِقولهِ -تعالى-: (الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللَّـهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّـهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللَّـهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا).
- ذكرهم القليل لله -تعالى-، وهو ما يكون أمام المؤمنين ليراؤون به، وجُلوسهم مع أعداء دين الإسلام وموالاتهم.
- التذبذب والتردُّد بين المؤمنين والكافرين، لِقولهِ -تعالى-: (مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَـؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَـؤُلَاءِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّـهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا).
- الصدّ عن سبيل الله -تعالى-، لِقوله -سبحانه-: (اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّـهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
- الفرح بهزيمة المُسلمين وانكسارهم، وحُزنهم عند نصرهم، لِقولهِ -تعالى-: (إِن تُصِبكَ حَسَنَةٌ تَسُؤهُم وَإِن تُصِبكَ مُصيبَةٌ يَقولوا قَد أَخَذنا أَمرَنا مِن قَبلُ وَيَتَوَلَّوا وَهُم فَرِحونَ)، وإنفاقهم من غير طِيب نفسٍ منهم.
اقرأ أيضا: مقاصد سورة المنافقون
صفات المنافقين نفاقاً أصغر
توجد العديد من الصفات الواردة في الكتاب والسُّنَّة عن المُنافقين نِفاقاً أصغر، وهي فيما يأتي:
- الإخلاف بالوعد، وكذلك الغدر عند العهد، وخيانته للأمانة، لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (أَرْبَعٌ مَن كُنَّ فيه كانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، ومَن كَانَتْ فيه خَصْلَةٌ منهنَّ كَانَتْ فيه خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حتَّى يَدَعَهَا: إذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وإذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وإذَا خَاصَمَ فَجَرَ). (( الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 34 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
- الكذب في القول والعمل، والغدر ونقض العهد، والفُجور في المُخاصمة، والتَظاهره بالفقر والمَسكنة لكسب عطف الناس، والتظاهر بالمَودَّة والمحبَّة وإضمار العداوة.
- الكَسل عند إتيان الصلاة، لِقولهِ -تعالى-: (وَلا يَأتونَ الصَّلاةَ إِلّا وَهُم كُسالى).
اقرأ أيضا: مراتب الدين كلها بمنزلة واحدة
الفرق بين النفاق الأكبر والنفاق الأصغر
توجد العديد من الفُروقات بين النِفاق الأصغر والنفاق الأكبر، ومن هذه الفُروقات ما يأتي:
- النفاق الأكبر مُخرِجٌ من الملَّة، أما الأصغر فلا يُخرِج صاحبه من الملَّة أو من الإسلام.
- النفاق الأكبر مُحبِطٌ لجميعِ الأعمال، ويكون الاختلاف فيه بين الظاهر والباطن في العقيدة، أمّا النفاق الأصغر فيكون الاختلاف فيه بين السِّرِّ و العَلَن في الأعمال.
- النفاق الأكبر سببٌ للخلود في النَّار إذا لم يَتُب منه صاحبه قبل الموت، بالإضافة إلى أنَّه لا يَصدر عن مؤمن، وأمّا الأصغر فقد يصدر عمن هو مؤمنٌ بالله.
اقرأ أيضا: أحاديث عن النفاق