سورة المنافقون هي إحدى سورة المُفصل، نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة بعد سورة الحج، وتتكون من إحدى عشرة آية، وتدور مقاصد سورة المنافقون وموضوعاتها حول التحذير من خطر النفاق في المجتمع الإسلامي.
مقاصد سورة المنافقون
تعبر مقاصد سورة المنافقون الإجمالية عن كمال التحذير مما يثلم الإيمان من الأعمال الباطنة، والترهيب مما يقدح في الإسلام من الأحوال الظاهرة، بمخالفة الفعل للقول فإنه نفاق في الجملة فيوشك يجر إلى كمال النفاق فيخرج من الدين ويدخل الهاوية، ليكون هذا التحذير سببا في صدق الأقوال ثم صدق الأعمال ثم صدق الأخلاق ثم صدق الأحوال ثم صدق الأنفاس، فصدق القول أن لا يقول القائل إلا عن برهان.
تتمثل المقاصد التفصيلية التي اشتملت عليها آيات سورة المنافقون في:
- تقبيح حال المنافقين، وبيان تصرفاتهم ومواقفهم الكاذبة، ومخالفة أفعالهم لأقوالهم، من حيث إعراضهم عن الحق. وتحذير المؤمنين من هذه التصرفات لأنها تخرج من الدين وتؤدي إلى الخسران في الدنيا والآخرة، وليكون هذا التحذير سبباً في صدقهم مع ربهم، وعدم انشغالهم بالأموال والأولاد عن ذكر الله وعن الإنفاق، ومن ثمّ نجاتهم قبل أن ينتهي الأجل بالموت.
- فضح المنافقين من خلال عرض صفاتهم، ومن صفات المنافقين التي اشتملت عليها الآيات: الجهل، الخداع، والكذب، والخيانة، وعدم الوفاء، والتظاهر بالإيمان، والخوف والقلق الدائم من الفضيحة، والاستكبار، والصَّد عن سبيل الله وعن الإيمان به وبالرسول، والتحريض على المؤمنين وقطع الإنفاق عليهم.
- ترغيب المؤمنين في ذكر الله والإنفاق مما رزقهم في الخير على عمومه، وتحذيرهم من أخلاق المنافقين الذين ألهتهم أموالهم وأولادهم عن ذكر الله والإنفاق في سبيله.
اقرأ أيضا: أحاديث عن النفاق
موضوعات ومضامين سورة المنافقون
أشارت سورة المنافقين في 8 آيات من أصل 11 آية وهو مجموع آياتها، إلى أحداث قصّة حقيقية، تسّهل علينا فهم مقصدها، ونزلت بمناسبتها السورة، وفيها بيان صفات المنافقين وأفعالهم وتحذير المؤمنين من هذا النفاق، من أجل تحقيق مصلحة دنيوية، أو الإيمان الكاذب أو المتذبذب عندهم بسبب حبّهم الدنيا وتفضيلها على الآخرة.
يعتقد المنافقون أن في المال والأفعال والأسباب الدنيوية فوزهم وسعادتهم، ويعتمدون عليها وليس على الله خالق هذه الأفعال والأموال؛ ويستخدمون ما وهبهم الله من الأرزاق والأسباب في محاربة دينه والمؤمنين. كما حصل في قصة حادثة منافق المدينة التي نزلت بمناسبتها السورة عبد الله ابن أبي سلول (الذي اشتهر بالنفاق في التاريخ الإسلامي) والذي قال لأصحابه لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضّوا من حوله، ثم فاخر بالدنيا على الإيمان واعتبر أن العزة هي بما عند الإنسان من الدنيا لا من الدين.
وتقرر الآيات بأن المنافقون كاذبون، يحلفون كذباً ليستروا جرائمهم وليصدّوا عن سبيل الله وعن الإيمان، آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فلا يفقهون ما فيه مصلحتهم، يتملكهم الخوف والقلق الدائم من الفضيحة وانكشاف أمرهم، مستكبرون، مصرّون على الفسق وراسخون في الكفر، يحرضون على قطع الإنفاق على المؤمنين حتى يتفرقوا، يعملون على توهين المؤمنين وتخذيلهم، وتدبير المؤامرات ضدهم والمشاركة فيها، واعتقادهم أن العزة هي بالمال والجاه والسلطان لا من الله.
بعد هذه المقدّمة الطويلة والقصة المعبرة المبينة عن النفاق والمنافقين، تذكر الآيات من 9 إلى 11 مقصد السورة وهو الأمر بعدم الانشغال بالأموال والأولاد عن ذكر الله، والأمر بطاعة الله بالإنفاق وبالعمل الصالح لبناء مجتمع مؤمن متعاون مطيع لله مداوم على ذكره وشكره وعبادته كما أمر للفوز في الدنيا والآخرة.
اقرأ أيضا: موضوعات ومضامين سورة الأحزاب
لطائف سورة المنافقون
تتناسب سورة المنافقون مع السورة التي قبلها وهي سورة الجمعة، ف لما أعقب حال المؤمنين فيما خصهم الله به مما انطوت عليه الآيات الثلاث إلى صدر سورة الجمعة إلى قوله: {والله ذو الفضل العظيم (4)} الجمعة، بذكر حال من لم ينتفع بما حمل حسبما تقدم، وكان في ذلك من المواعظ والتنبيه ما ينتفع به من سبقت له السعادة، أتبع بما هو أوقع في الغرض وأبلغ في المقصود، وهو ذكر طائفة بين أظهر من قدم الثناء عليهم ومن أقرانهم وأترابهم وأقاربهم.
تُوضح الآيات أن هذه الطائفة تلبست في الظاهر بالإيمان، وأظهرت الانقياد والإذعان، وتعرضت فأعرضت وتنصلت فيما وصلت، بل عاقتها الأقدار، فعميت البصائر والأبصار، ومن المطرد المعلوم أن اتعاظ الإنسان بأقرب الناس إليه وبأهل زمانه أغلب من اتعاظه بمن بعد عنه زماناً ونسباً.
أتبعت سورة الجمعة بسورة المنافقين وعظاً للمؤمنين بحال أهل النفاق، وبسط من قصصهم ما يلائم ما ذكرناه، وكان قيل لهم: ليس من أظهر الانقياد والاستجابة، ثم بني إسرائيل ثم كان فيما حمل كمثل الحمار يحمل أسفاراً بأعجب من حال إخوانكم زماناً وقرابة، وأنتم أعرف الناس بهم وأنهم قد كانوا في الجاهلية موصوفين بجودة الرأي وحسن النظر، حيث يقول الله تعالى {وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم (4)}، كما يقول تعالى {ولكن المنافقين لا يفقهون (7)}.
اقرأ أيضا: أسباب نزول سورة المنافقون