نزلت سورة الكافرون بعد نزول سورة الماعون في مكة المكرمة، ويبلغ عدد آيات سورة الكافرون ست آيات، فهي من سور المفصل، وتقع في الجزء الثلاثين، وتعظم مقاصد سورة الكافرون لأنها تدعو المسلمين إلى البراءة من الشرك والضلال والثبات على الدين والعقيدة الصحيحة.
مقاصد سورة الكافرون
تتمثل مقاصد سورة الكافرون الإجمالية في الأمر بالتبرؤ من عبادة الكافرين، وأن يخاطبوا إذلالاً لهم واعزازاً لدين الله: إن رضيتم بدينكم، فقد رضينا بديننا، لكم جزاء دينكم، ولنا جزاء ديننا.
جاءت مقاصد سورة الكافرون التفصيلية كالتالي:
- حرص الدين الإسلاميّ على التحاور، ومحاولة تصحيح عقيدة المشركين الباطلة على الرغم من إصرارهم على الكفر، فرسالة الدين السمحة قادرة على التحاور مع الضالين ومحاججتهم للوصول إلى الحق.
- تذكير المسلمين بأنَّ دين الإسلام هو دين الحق الذي لا يقبل المساومة، وأنَّ عقيدة الكفّار باطلة، ومهما تعرَّض الإسلام للهجمات من الأديان المختلفة، فسيكون شعار كل من آمن بالله هو ما قاله الله تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}.
- بيان جوهر الإسلام، والطريقة التي كان يتعامل معها النبي صلى الله عليه وسلم مع الكفّار، وفي ذلك إشارة واضحة إلى أنَّ الإسلام هو دين يقبل الحريّات فلا إكراه في الدين، ومن أراد اتباع الباطل فهو في ضلال كبير.
- توضيح لطبيعة المشركين المراوغة، وتبدل أحوالهم ما بين التنازل عن مبادئهم والتحايل عليها، وقد أشارت سورة الكافرون إلى ضعف الإيمان عند الكفّار حتى بعقيدتهم الباطلة التي أصرّوا عليها؛ لإنَّها من عند أجدادهم وليس لأنَّها الحق.
اقرأ أيضا: أسباب نزول سورة الكافرون
موضوعات مضامين سورة الكافرون
تتألف سورة الكافرون من ست آيات، وفيها بيان صريح على أنَّ الدين هو الإسلام ولا يمكن أن يساوم الإنسان على أي دين آخر غير الإسلام، ومضامين سورة الكافرون تتوضِّح بتفسير هذه الآيات الست، قال تعالى في سورة الكافرون: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ * وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}.
في الآية الأولى أسلوب أمر ونداء، حيث يأمر الله تعالى رسوله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أن ينادي الكافرين باسم الكافرين وليس المشركين، لأنَّ هذه الآية تقصد الكافرين سواء أظهروا الكفر أو أخفوه، فهي بهذا شملت المنافقين والمشركين بشكل صريح.
وفي الآية الثانية المقصود من النداء ومن أمرِ الله تعالى رسوله -عليه الصَّلاة والسَّلام- أن يقول للكافرين إنَّه لا يعبد ما تعبدون من الآلهة الزائفة، وفي هذا نفيٌ قاطع لعبادة أي شيء من دون الله تعالى، وكلمة تعبدون تعني ما تعبدون اليوم وغدًا من دون الله سبحانه.
وأمَّا الآية الثالثة فمن مضامين سورة الكافرون أيضًا في هذه الآية أن ينكر رسول الله على الكافرين عبادتهم لهذه الآلهة من غير الله تعالى، فلستم تعبدون ما أعبد طالما أنكم مداومون على عبادة هذه الآلهة التي لا تغني عنكم من الله شيئًا.
في الآية الرابعة تأكيد وتبرئة لرسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- من عبادة ما يعبد الكافرون من الأصنام، فقال تعالى على لسان رسوله: {وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ} وكذلك في الآية الخامسة تأكيد على أنَّ الكافرين لا يعبدون ما يعبد رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بعبادتهم اللات والعزى وما سواها من الأصنام.
وتشرح الآية الأخيرة ما تقدم وتبين من معاني في سورة الكافرون، قال تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}، أي أيها الكافرون إنكم تعبدون إلهًا لا أعبده فلا يمكن أنْ نشترك في العبادة معًا لأنَّ عبادة الله لا يمكن المقايضة بها أو المساومة عليها.
اقرأ أيضا: مقاصد سورة الرحمن
لطائف سورة الكافرون
تتعدد اللطائف اللغوية لسورة الكافرون، حيث تبدأ السورة بفعل الأمر “قل” وهو للدلالة على تنبيه القارئ لأهمية ما بعدها، وقد أمر الله تعالى نبيّه الكريم بأن يخاطب الكافرين ويقول لهم ما نزل عليه من الوحي، ثمّ قال تعالى: {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ}، وقد جاء في هذه الآية أن الرسول الكريم قد نفى عن نفسه أنّ يعبد ما يعبده الكافرون في الحاضر ولن يعبده في المستقبل، ثمّ تابع بقوله: {وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} ونفى عنهم عبادتهم لما يعبده الرسول الكريم وقد جاء نفيه لهم بالجملة الإسمية وفي ذلك دلالةٌ على أنّه ينفي عبادتهم لله تعالى في الحالة الثابتة الحالية.
كرر أمر نفي عبادته لآلهتهم وأصنامهم في قوله تعالى {وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ * وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ}، ولكن هذه المرة بصيغة اسم الفاعل الذي يؤكّد على أنّه وفي حالته الثابتة لم يعبد آلهتهم يومًا وبهذا ينفي عن نفسه عبادته لما كانوا يعبدون في الماضي، وعاد وكرر أنهم ليسوا عابدين لما يعبده الرسول الكريم في حالتهم الثابتة الحالية من باب التأكيد والثبات على موقفه.
اقرأ أيضا: مقاصد سورة محمد