سورة النبأ من سورة المُفصّل، يبلغ عدد آياتها أربعين آية، وهي السورة الثامنة والسبعون من ترتيب سور المصحف الشريف، فهي السورة الأولى في الجزء الثلاثين والحزب التاسع والخمسين، نزلت سورة النبأ بعد سورة المعارج، وقد بدأها الله تعالى بالاستفهام، قال تعالى: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ}، وهي من السور التي لم يُذكر فيها لفظ الجلالة أبدًا، وتدور مقاصد سورة حول توحيد الله تعالى و تعظيمه مع التذكير باليوم الآخر وما فيه من جزاء على الأعمال.
مقاصد سورة النبأ
تتمثل مقاصد سورة النبأ الإجمالية في الدلالة على أن يوم القيامة الذي كانوا مجمعين على نفيه، وصاروا بعد بعث النبي صلى الله عليه وسلم في خلاف فيه مع المؤمنين، ثابت ثباتاً لا يحتمل شكاً ولا خلافاً بوجه، لأن خالق الخلق مع أنه حكيم قادر على ما يريد دبرهم أحسن تدبير، بنى لهم مسكناً وأتقنه، وجعلهم على وجه يبقى به نوعهم من أنفسهم بحيث لا يحتاجون إلى أمر خارج يرونه، فكان ذلك أشد لإلفتهم وأعظم لأنس بعضهم ببعض، وجعل سقفهم وفراشهم كافلين لمنافعهم، والحكيم لا يترك عبيده وهو تام القدرة كامل السلطان يمرحون يبغي بعضهم على بعض ويأكلون خيره ويعبدون غيره بلا حساب، فكيف إذا كان حاكماً فكيف إذا كان أحكم الحاكمين، هذا ما لا يجوز في عقل ولا خطر ببال أصلاً، فالعلم واقع به قطعاً، وكل من اسميها واضح في ذلك بتأمل آيته ومبدأ ذكره وغايته.
تأتي مقاصد سورة النبأ التفصيلية بحسب آياتها على النحو التالي:
مقاصد سورة النبأ من الآية 1 حتى 16
تبدأ سورة النبأ بالاستفهام عن سؤال الناس الذين كانوا يسألون عن النبأ العظيم أي الحديث العظيم وقيل النبأ العظيم هو حياة ما بعد الموت، ثمَّ تنتقل السورة إلى طرح الأدلة على أنَّ الله تعالى قادر على البعث والحساب وعلى أنَّ الإنسان سيعيش بعد موته حياة أخرى يصنعها بأعماله، فتطرح الآيات أدلة على عظمة الخالق القادر، كجعل الأرض مهادًا يُمشى عليها والجبال أوتادًا تثبت الأرض بها والخلق والنوم والليل والنهار والسماوات والشمس والمطر والنبات والجنات.
مقاصد سورة النبأ من الآية 17 حتى 30
تشرح الآيات التالية علامات يوم القيامة، من النفخ في الصور إلى اختلال نظام الكون وتغير معالم العالم، ثمَّ يصف النار التي هي بالرصاد للكافرين والمشركين وهي مآبهم ومصيرهم سيعيشون فيها عمرًا طويلًا لا يذوقون فيها إلَّا النار والحميم فهذا جزاء أعمالهم العادل.
مقاصد سورة النبأ من الآية 31 حتى 40
تصف هذه الآيات نعيم المؤمنين الفائزين بالجنان يوم الفصل، لهم حدائق متدلية العناقيد، ولهم حور عين كواعب ولهم الأمن والسلام جزاء على ما عملوا في الحياة الدنيا، من الله تعالى الرحيم الكريم، ثمَّ ترجع الآيات لوصف يوم القيامة، اليوم الذي تصطف فيه الملائكة بأمر الله تعالى، واليوم الحق الذي يتمنّى الكافر أن يكون فيه ترابًا خوفًا من العذاب الذي ينتظره.
اقرأ أيضا: مقاصد سورة المعارج
أسماء سورة النبأ
كثير من سور الكتاب التي تُسمَّى بالكلمات التي تُفتتَحُ بها أو تُذكر في مقدمتها، وقد جاءت هذه السورة في صحيح البخاري باسم “عم يتساءلون”، وسماها ابن عطية في تفسيره أيضًا بسورة “عم يتساءلون”، أمَا القرطبي فسمَّاها سورة عم، وسُمِّيت أيضًا سورة التساؤل بسبب افتتاحها بسؤال ووقوع يتساءلون في أولها، وسُمِّيت سورة المعصرات لقول الله تعالى فيها: {وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا}، أمَّا كتاب الإتقان فأوردها بأسمائها الأربعة وهي: عمَّ، النبأ، التساؤل، المعصرات، والله تعالى أعلم.
اقرأ أيضا: أسباب نزول سورة النبأ
لطائف سورة النبأ
تتناسب سورة النبأ مع سورة المرسلات التي تسبقها في عدة أمور مثل التناسب في الجمل، ففي سورة المرسلات: {أَلم نهلك الأَولين ثم نتبعهم الآخرين} {أَلم نخلقكم مِن ماءٍ مَهين} {أَلم نجعَل الأَرض كفاتا} إلى آخره وفي سورة النبأ: {أَلم نجعَل الأَرضَ مِهاداً} إلى آخره.
تشترك هذه السورة والأربع قبلها في الاشتمال على وصف الجنة والنار ما عدا المدثر في الاشتمال على وصف يوم القيامة وأهواله وعلى ذكر بدء الخلق وإقامة الدليل على البعث وأيضاً في سورة المرسلات: {لأي يوم أُجلت ليوم الفصل وما أدراكَ ما يوم الفصل} وفي هذه السورة: {إِن يوم الفصل كان ميقاتا يوم يُنفخ في الصور فتأَتون أَفواجاً} إِلى آخره فكأن هذه السورة شرح يوم الفصل المجمل ذكره في السورة التي قبلها.
اقرأ أيضا: تفسير سورة النبإ للأطفال