مقاصد سورة المعارج

سورة المعارج هي سورة مكية تحمل الرقم سبعين في ترتيب المصحف الشريف، وتتمثل مقاصد سورة المعارج الإجمالية في التأكيد على حسن تدبير الله لأمر عباده، فالله خلق الإنسان ليطيعه ويعبده، وجَبَلَه على الحرص الشديد ليهتدي بهذه الصفة، فيصدق النذير ويحرص على العبادة لأن فيها خيره وسعادته في الدنيا والآخرة، فمن اتبع تدبير الله وأطاع هديه فاز وأفلح ومن عصى خسر وعذّب.

مقاصد سورة المعارج

تتعدد مقاصد سورة المعارج التفصيلية وهي كالتالي:

تستخدم سورة المعارج أسلوبا مميزا في عرض المشاهد، فهي تذكر ادعاءات الكفار وترد عليها بالحجة الواضحة، كما تحدثت السورة عن موضوع واحد بينته في بداية السورة، ثم أوردت شرحا وافيا عنه في وسط السورة ثم ردت على المقدمة في خاتمة السورة.

يدور موضوع السورة حول العذاب، إذ بدأت السورة بالحديث المباشر عن هذا الموضوع؛ قال تعالى: {سأل سائل بعذاب واقع} [المعارج: 1]، فتسأل الاية الكريمة سؤالا وتجيب عنه فورا باختصار، وفي ذلك دلالة على أن المسؤول عنه وهو عذاب واقع لا محالة، ثم تذكر السورة أن هذا العذاب من الله جل وعلا.

تذكر السورة بعد ذلك المعارج التي ينالها المقربون ويحرم منها المكذبون، ثم يطلب الله تعالى في هذه السورة من رسوله الكريم الصبر على ادعاءات الكفار ومواساة الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأن العذاب قريب لهؤلاء المكذبين.

تتضمن السورة وصف دقيق لأهوال يوم القيامة التي يكذب بها المكذبون، ففي هذا اليوم لا يبقى شيء في الدنيا على حاله؛ فتتغير السماء والأرض، وتصبح الجبال القاسية كالصوف اللين، ولا يقتصر التغيير على الجمادات، بل يصل إلى النفوس، ولا يهتم أحد في هذا اليوم إلا بسلامته وحده، ويكون مستعدا للتخلي عن كل شيء مقابل ذلك، ثم يأتي بعد هذا اليوم المخيف والحساب العظيم عذاب أليم في نار جهنم ينزع اللحم والجلد عن الجسم، وتدعو هذه النار المنكرين الذين كذبوا الأنبياء، والفرق كبير بين هذه الدعوى والدعوى التي دعاهم إليها الأنبياء في الحياة الدنيا.

يستعرض الله تعالى بعض الصفات التي يخلق الإنسان ويفطر عليها، وأن من أنواع العذاب الذي سيلقاه الكافر العذاب النفسي، وكيف له أن يصبر في ذلك اليوم المهول.

يرشد الله تعالى إلى الطريقة المناسبة للصمود في هذا اليوم؛ وهي المحافظة على الصلاة، والتصدق بالأموال، والإيمان باليوم الاخر، والالتزام بما أمر الله به، ثم يتساءل الله تعالى عن حال الكفار الذين يتكتلون مع بعضهم في الإعراض عن الحق ثم بعد ذلك يطمعون بدخول الجنة، وينكر الله تعالى عليهم ذلك؛ فالجنة لمن عمل صالحا في الدنيا، ويذكر الله تعالى أنه قادر على أن يبدل هؤلاء الأقوام بأقوام أحسن منهم، ثم يخاطب الله تعالى الرسول -صلى الله عليه وسلم- ويهون عليه من جهة، ومن جهة أخرى يهدد ويتوعد الكفار بأن مصيرهم سيكون سيئا يوم القيامة.

تأتي خاتمة السورة لتبين باختصار واضح ما سيحصل يوم القيامة؛ قال تعالى: {يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون * خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون} [المعارج: 43-44]، والفرق كبير بين الكافر الذي يخرج مسرعا ليلقى مصيره الذي كان يسأل عنه ويستعجله.

اقرأ أيضا: جزء تبارك .. جميع سور جزء تبارك

لطائف سورة المعارج

تكثر لطائف سورة المعارج، ومن أهمها موضع السورة بعد سورة الحاقة، فلما انطوت سورة الحاقة على أشد وعيد وأعظمه أتبعت بجواب من استبطأ ذلك واستبعده إذ هو مما يلجأ إليه المعاند الممتحن، فقال تعالى: {سأل سائل بعذاب واقع (1)}، إلى قوله {إنهم يرونه بعيداً (6) ونراه قريباً (7)}، ثم ذكر حالهم إذ ذاك يوم {يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه (11)}، ثم أتبع بأن ذلك لا يغني عنه ولا يفيده {إنها لظى (15)}، ثم ختمت السورة بتأكيد الوعيد وأشد التهديد {فذرهم يخوضوا ويلعبوا (42)}، إلى قوله {ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون (44)}، ذلك يوم الحاقة ويوم القارعة.

اشتملت سورة المعارج على بعض اللطائف البيانية ومن ذلك قوله تعالى: {يبصرونهم ۚ يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه* وصاحبته وأخيه* وفصيلته التي تؤويه* ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه} فقد جاء هنا ذكر الأبناء ثم الزوجة والأخ أو الأخت، وانتهى بمن في الأرض جميعا، أما في سورة عبس فقد قال تعالى: {فإذا جاءت الصاخة* يوم يفر المرء من أخيه* وأمه وأبيه* وصاحبته وبنيه} وذلك لسبب بلاغي:

يرجع السبب في ذكر الله تعالى الأم فالأب فالصاحبة فالأبناء في النهاية إلى المقام، ففي سورة عبس كان المقام مقام الهرب والفرار، والإنسان عندما يهرب من الأباعد عنه أولا ثم ينتهي بمن هم أقرب إليه، وأقرب الناس ممن ذكرتهم الاية الكريمة هم الأبناء والزوجة، والأخ هو الأبعد من ضمن المذكور، فالإنسان يعيش حياته مع أبنائه أكثر من إخوته أو أهله، ولهذا كان الترتيب بهذا الشكل في آيات سورة عبس، مناسبا لسياق الايات ومعناها.

أما في سورة المعارج، فقد كان السياق يقتضي هذا الترتيب، وذلك لأن المفتدي مجرم وليس عاديا وهو مستعد ليفعل أي شيء لينجو بنفسه من العذاب، وإن اضطر أن يهرب من أبنائه وزوجته وأخوته، وأيضا لأن عذابه شديد يجعله يفر من كل الناس.

اقرأ أيضا: أسباب نزول سورة المعارج

المصادر:
مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3

Exit mobile version