حث الإسلام على احترام كبار السن وتقديرهم، ومراعاة مشاعرهم، وقد أولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لكبار السن أهمية خاصة، فاشتملت السنة النبوية على عدة أحاديث عن كبار السن وحقوقهم في الإسلام.
أحاديث عن كبار السن
قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ من إجْلالِ اللهِ إكرامَ ذي الشيبةِ المسلمِ، وحاملِ القرآنِ؛ غيرِ الغالي فيه والجافي عنه، وإكرامَ ذي السلطانِ المقسطِ. (( الراوي : أبو موسى الأشعري | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم: 2199 | خلاصة حكم المحدث : حسن ))
خص الله عز وجل بعضا من عباده ببعض الصفات الحميدة، وجعل لهم حقوقا ينبغي أن تراعى معهم، وفي هذا الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إن من إجلال الله”، أي: إن من تبجيل الله وتعظيمه وأداء حقه، “إكرام”، أي: تعظيم وتوقير، “ذي الشيبة المسلم”، أي: الشيخ الكبير في السن. “وحامل القران غير الغالي فيه والجافي عنه”، أي: الحافظ لكتاب الله عز وجل، العامل بأحكامه دون مغالاة وتكلف فيه- كمن يتجاوز الحد في العمل به ويتتبع متشابهه، ويبالغ في إخراج حروفه حتى يخرجها عن قالبها- ودون إعراض عنه، وإهمال وهجر له، بالبعد عن معاودة تلاوته والعمل بما فيه، وأشار بهذا إلى أن القصد هو المأمور به؛ فالغلو من صفات النصارى، والجفاء من صفات اليهود. “وإكرام ذي السلطان المقسط”، أي: وكذلك إن من تعظيم الله وتوقيره إكرام الإمام العادل الذي يقوم بين الناس بالحق والعدل.
قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ما أكرمَ شابٌ شيخًا لسنِّهِ إلا قَيَّضَ اللهُ له عندَ سنِّه مَن يُكرِمُه. (( الراوي : [أنس بن مالك] | المحدث : ابن العربي | المصدر : أحكام القرآن، الصفحة أو الرقم: 4/179 | خلاصة حكم المحدث : ثابت ))
هذا الحديث من الأحاديث المشاهدة في حياة الناس، فالإنسان الذي تربى من صغره على إكرام الكبار، عندما يكبر في السن يجد الصغار يكرمونه، والضريبة التي يدفعها الإنسان فإنه يستردها يوما من الأيام، والجزاء من جنس العمل، وربنا لن يضيع جزاء من أحسن عملا. لذلك يجب عليك أن تقدم الخير في شبابك ما استطعت إلى ذلك سبيلا، ولن يضيع عند الله، فإذا كبرت سخر الله من أولادك ومن أولاد المسلمين من يخدمك ويرفع قدرك، ويعطيك الجزاء بما صنعت قبل ذلك. فكم من إنسان يحترم من هو أكبر منه، فيجعل له ربنا سبحانه وتعالى هيبة في النفوس، وكم من إنسان تجده يستهزئ بالناس فيسلط عليه ربه سبحانه من يستهين به ويستهزئ، فلذلك الإنسان المؤمن يعمل العمل ابتغاء وجه الله سبحانه، وخوفا من عقوبة الله سبحانه، ويعلم أن ما بذله الان سيرد إليه في يوم من الأيام، إن خيرا فخير وإن شرا فشر، نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والاخرة.
قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ليسَ منَّا من لم يرحَم صغيرَنا ويعرِفْ شرَفَ كبيرِنا. (( الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي، الصفحة أو الرقم: 1920 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
حرص الإسلام على البر ومراعاة حقوق الناس على اختلاف أعمارهم وأحوالهم. وفي هذا الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “ليس منا”، أي: ليس على طريقتنا وهدينا وسنتنا، “من لم يرحم صغيرنا”، فيعطيه حقه من الرفق، واللطف، والشفقة، ويحتمل أن المراد صغير المسلمين، ويحتمل أن المراد صغير بني ادم؛ إذ العلة الصغر “ويعرف حق كبيرنا” فيعطيه حقه من التعظيم والإكرام، إذ خلق أهل الإسلام رحمة الصغير، ومعرفة الحق للكبير، وخاصة إذا كان له شرف بعلم أو صلاح أو نسب زكي.
قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ علَى الكَبِيرِ، والمارُّ علَى القاعِدِ، والقَلِيلُ علَى الكَثِيرِ. (( الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 6231 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
يرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إلى جميل الاداب الإسلامية، التي منها: سلام الصغير على الكبير، فيقول: يسلم الصغير على الكبير ندبا للتوقير والتعظيم. ومنها: سلام المار على القاعد. فيقول: ويسلم المار على القاعد بكل حال، سواء كان صغيرا أو كبيرا، قليلا أو كثيرا. ومنها: سلام القليل على الكثير. فيقول: ويسلم القليل على الكثير، وهو من باب التواضع لأن حق الكثير أعظم.
اقرأ أيضًا: افكار فعاليات لكبار السن
قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إذا أتاكم كبيرُ قومٍ فأكرِموه. (( الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائدالصفحة أو الرقم: 8/19 | خلاصة حكم المحدث : في إسناده عيينة بن يقظان وثقه ابن حبان وبقية رجاله ثقات ))
انْطَلَقَ عبدُ اللَّهِ بنُ سَهْلٍ، ومُحَيِّصَةُ بنُ مَسْعُودِ بنِ زَيْدٍ، إلى خَيْبَرَ وهي يَومَئذٍ صُلْحٌ، فَتَفَرَّقَا فأتَى مُحَيِّصَةُ إلى عبدِ اللَّهِ بنِ سَهْلٍ وهو يَتَشَمَّطُ في دَمِهِ قَتِيلًا، فَدَفَنَهُ ثُمَّ قَدِمَ المَدِينَةَ، فَانْطَلَقَ عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَهْلٍ، ومُحَيِّصَةُ، وحُوَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَذَهَبَ عبدُ الرَّحْمَنِ يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ: كَبِّرْ كَبِّرْ وهو أحْدَثُ القَوْمِ، فَسَكَتَ فَتَكَلَّمَا. (( الراوي : سهل بن أبي حثمة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 3173 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ للهِ عِبادًا يضِنُّ بهم عَنِ الفَناءِ ويُطيلُ أعمارَهم في حُسْنِ العملِ ويُحَسِّنُ أرزاقَهم ويحييهم في عافيةٍ ويقبِضُ أرواحَهم في عافيةٍ على الفُرُشِ ويُعْطيهم منازلَ الشُّهداءِ. (( الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد، الصفحة أو الرقم: 10/206 | خلاصة حكم المحدث : جيد ))
عن مالك بن الحويرث قال: قَدِمْنَا علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ونَحْنُ شَبَبَةٌ، فَلَبِثْنَا عِنْدَهُ نَحْوًا مِن عِشْرِينَ لَيْلَةً، وكانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَحِيمًا فَقالَ: لو رَجَعْتُمْ إلى بلَادِكُمْ، فَعَلَّمْتُمُوهُمْ مُرُوهُمْ، فَلْيُصَلُّوا صَلَاةَ كَذَا في حِينِ كَذَا، وصَلَاةَ كَذَا في حِينِ كَذَا، وإذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ ولْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ. (( الراوي : مالك بن الحويرث | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 685 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] ))
عن أنس بن مالك: إنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يَكُنْ شابَ إلَّا يَسيرًا، ولَكِنَّ أبا بَكْرٍ وعُمَرَ بَعْدَه خَضَبَا بِالحِنَّاءِ والكَتَمِ. قال: وجاءَ أبو بَكْرٍ بِأبيه أبي قُحافةَ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَوْمَ فتحِ مكَّةَ يَحمِلُه حتى وَضَعَه بيْنَ يَدَيْ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأبي بَكْرٍ: لو أقرَرْتَ الشَّيْخَ في بَيْتِه، لَأتَيْناه تَكْرِمةً لأبي بَكْرٍ. فأسْلَمَ ولِحْيَتُه ورَأْسُه كالثُّغامةِ بَياضًا، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: غَيِّروهُما، وجَنِّبوه السَّوادَ. (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند، الصفحة أو الرقم: 12635 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم ))
اقرأ أيضًا: أحاديث عن الخاتمة الحسنة