سورة المعارج من سور المُفصّل المكيَّة، وتقع في الجزء التاسع والعشرين من القرآن الكريم، وفي الحزب السابع والخمسين، نزلت سورة المعارج قبل سورة النبأ وبعد سورة الحاقة، وترتيبها من حيث نزولها على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الثامنة والسبعون، ويُقدم لكم موقع معلومات في هذا المقال فوائد من سورة المعارج.
فوائد من سورة المعارج
هناك الكثير من الفوائد التي تعود على المسلم في حالة قراءة سورة المعارج، والتي تعد من السور القرآنية العظيمة، والتي تحمل المعاني الجميلة بين آياتها، ومن أعظم وأبرز فوائدها المختلفة هذه الأمور الآتية:
تحمل سورة المعارج مجموعة من الأحرف، والتي تعادل سبعمائة وسبعة وخمسون، ومن المعروف أن كل كل حرف من حروف آيات القرآن الكريم تعادل عشرة أمثالها، والله يمكنه أن يضاعف الحسنات لمن يشاء، فإن أراد العبد الفوز بعدد كبير من الحسنات، فإنه يجب أن يقوم بقراءة القرآن الكريم، وتعادل سورة المعارج بالتحديد أكثر من سبعة آلاف وخمسمائة وسبعون حسنة، وذلك عند قراءتها في المرة الواحدة، بالإضافة إلى الثواب الكبير الذي يحصل عليه المسلم عند تلاوته للقرآن.
تعتبر سورة المعارج أيضًا من السور القرآنية التي عندما يقرأها المسلم فإنها تفرج عنه الكثير من الهموم التي يشعر بها في حياته العامة، وذلك لأنها تحتوي على مجموعة من الآيات القرآنية، والتي توصف حال الكافرين، وحالة السابقين، وغيرها من الكثير من الآيات الموجودة بالسورة، والتي تحمل المعاني العظيمة، وبالتالي فعندما يقرأها الإنسان ويحمل في نيته أن الله عز وجل سوف يفك كربه ويفرج همه، فإنها بالفعل تفيده في ذلك، والقرآن بصفة عامة يساعد أيضًا على التخلص من الهموم والكروب.
تعد سورة المعارج من السور القرآنية التي تبث في روح قارئها الشعور بالأمن والأمان والطمأنينة الكبيرة، حيث إنه في حالة إن تم قراءتها في الليل، وقام العبد وتوجه إلى النوم بعدها مباشرة، فإنه في تلك الحالة يتم يأمن حتى تشرق عليه الشمس؛ لذلك يجب على كل مسلم التمسك بقراءة تلك السورة الكريمة بشكل يومي، وذلك بالأخص في الحالات التي تشعر بالقلق والتوتر، أو عدم انتظام النوم، فهي تساعد على الشعور بالطمأنينة والنوم والراحة التامة من دون خوف أو قلق.
كما تحمل سورة المعارج العديد من المشاهد العظيمة التي سوف تحدث في يوم القيامة، وبالتالي فإنه عندما يقوم المسلم بقراءتها وتلاوتها باستمرار، فإنه التذكر لتلك الأهوال والمشاهد المختلفة التي يمر بها العباد في ذلك اليوم، والتي من بينها شكل السماء التي تكون كالمهل، وأيضًا شكل الجبال.
ولم تقتصر السورة على تلك المشاهد فقط، بل إنها جمعت أيضًا حال الأشخاص في ذلك اليوم الموعود، حيث يفر في هذه الإنسان من أقرب الناس إليه، حتى أولاده وزوجته وأقاربه وأهله، وكل من في الأرض، وذلك لأنه لا يفكر في هذا اليوم إلا في حاله، والعذاب الذي سيلاقيه، ويكون الإنسان في حالة من الهلع والفزع، وعندما يقرأ العباد باستمرار تلك الآيات فإنه يتذكر ذلك اليوم، ويحاول أن يتمسك بفعل الطاعات، وأن يثبت على الإيمان، ويبتعد عن وساوس الشيطان.
من فوائد سورة المعارج أنها تتضمن بعض الآيات الموجودة بها، والتي تبين للعباد أهمية التمسك بالصلاة، وذلك عند قول الله عز وجل: “الذين هم على صلاتهم دائمون”، وفي تلك الآية القرآنية العظيمة تذكير للمسلمين بأهمية الصلاة، وضرورة التمسك بها بشكل دائم والمحافظة عليها في أوقاتها، وعدم الانشغال عنها بأي أمر من أمور الدنيا الزائلة، فالصلاة هي أهم شيء للعباد، والتي تعود على بالنفع في حياته الدنيا وفي الآخرة، فالصلاة هي المنجية للعباد من كل عذاب يمكنه أن يلاقيه يوم القيامة فهي طوق النجاة، لذلك يجب على العبد التمسك بها.
تحث أيضًا تلك السورة القرآنية على ضرورة التمسك بالزكاة، وهي واحدة من ضمن العبادات التي لها مكانة كبيرة جدًا في الإسلام، وذلك لأنها تعود على المسلم بالكثير من الحسنات، وتدعو السورة الإنسان إلى التبرع للسائلين والمحرومين، وبالتالي نيل رضا الله عز وجل.
دروس مستفادة من سورة المعارج
- تعرض الرسول صلى الله عليه وسلم لأشكال كثيرة من الإيذاء والسخرية والتكذيب من المشركين، فصبر صلى الله عليه وسلم على ذلك كله حتى أكمل تبليغ رسالة الله تعالى ودعوته، وهذا يعلمنا الصبر على جميع مشاكل الحياة، فالرسول صلى الله عليه وسلم هو قدوتنا، كما يعلمنا الصبر أمام أعداء الإسلام.
- من طبيعة الإنسان أنه يفزع عند مواجهة الآلام، كما جُبل الإنسان على البخل والكبر والفخر عندما يرزقه الله الخير المال أو الصحة أو غير ذلك فينسى شكر ربه ويعرض عنه، لكن يجب على المسلم أن يقاوم هذه الطبيعة باتباع تعاليم ومبادئ الدين الحنيف.
- ذكرت السورة الكريمة طمع الكافرين بدخول الجنة بالرغم من كفرهم وإيذائهم للرسول صلى الله عليه وسلم، لكن الله تعالى توعّدهم بالعذاب الشديد، لذلك على المؤمن التقرب من الله بالأعمال الصالحة حتى يستحق جنته.
فوائد
سلط الدكتور فاضل صالح السامرائي الضوء عليها في كتابه لمسات بيانيّة في نصوص التنزيل، ومن ذلك قوله تعالى في سورة المعارج: {يُبَصَّرُونَهُمْ ۚ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ* وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ* وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ* وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيهِ} فقد جاء هنا ذكر الأبناء ثم الزوجة والأخ أو الأخت، وانتهى بمن في الأرض جميعًا، أما في سورة عبس فقد قال تعالى: {فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ* يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ* وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ* وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ}.
ذكر الله تعالى الأم فالأب فالصاحبة فالأبناء في النهاية، ويعود السبب في ذلك الترتيب إلى المقام في سورة عبس وهو مقام الهرب والفرار، والإنسان عندما يهرب من الأباعد عنه أولًا ثم ينتهي بمن هم أقرب إليه، وأقرب الناس ممن ذكرتهم الآية الكريمة هم الأبناء والزوجة، والأخ هو الأبعد من ضمن المذكور، فالإنسان يعيش حياته مع أبنائه أكثر من اخوته أو أهله، ولهذا كان الترتيب بهذا الشكل في آيات سورة عبس، مناسبًا لسياق الآيات ومعناها.
أمّأ في سورة المعارج، فقد كان السياق يقتضي هذا الترتيب، وذلك لأن المفتدي مجرم وليس عاديًا وهو مستعدٌ ليفعل أي شيء لينجو بنفسه من العذاب، وإن اضطر أن يهرب من أبنائه وزوجته وأخوته، وأيضًا لأنّ عذابه شديد يجعله يفرّ من كل الناس.
ومما جاء من فوائد لغوية في سورة المعارج أيضًا في قوله تعالى في سورة المعارج: {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ}، وقال تعالى في سورة القارعة: {وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ}، من الواضح زيادة لفظة “المنفوش” على آية سورة القارعة، ولم توجد في آية سورة المعارج، وذلك بسبب أنّ بدايات سورة القارعة كانت بلفظ القارعة والتي هي من القَرْع أي الضرب بالعصا وهو مناسب في السياق لكلمة المنفوش، لأنّ طرائق نفش الصوف تكون بقرعه بالمقرعة.
وأما في سورة المعارج فقد ذكر في السورة أنّ عذاب الله واقع وليس له دافع، ووقوع الثقل على الصوف من غير دفع لا ينفشه بخلاف ما في القارعة، فقد تم ذكر القرع وتكراره والقرع ينفش الصوف، فناسب ذلك ذكر لفظة المنفوش.
اقرأ أيضًا:
المصادر: