سورة التّحريم من سور القرآن الكريم المدنيّة التي نزلت في المدينة المنوّرة بعد الهجرة، نزلت بعد سورة الحجرات، وهي من سور المفصّل، وآياتها اثنتا عشرة آية، وقد جاء ترتيبها في المصحف الشّريف السّورة السّادسة والسّتّون، وفي الجزء الثّامن والعشرين، ويستعرض موقع معلومات في هذا المقال فوائد من سورة التحريم.
فوائد من سورة التحريم
ويدور محور السّورة حول معالجة قضايا وأحكام تتعلّق ببيت النّبوّة، وبأمّهات المؤمنين أزواج النّبيّ محمّد –صلّى الله عليه وسلّم- وذلك في إطار بناء الأسرة السّعيدة في البيت المسلم.
من أهمِّ فوائد سورة التحريم أنَّها نزلَت عتابًا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندما حرَّم على نفسه أمورًا كان الله تعالى قد أحلَّها له وذلك من أجل أن يرضي أزواجه من النساء، قال تعالى: {يا أيُّها النبيُّ لمَ تحرِّمُ ما أحلَّ الله لكَ تبتغي مرضاةَ أزواجِكَ والله غفورٌ رحيمٌ}، وذلك عندما حرَّم أكل العسل بسبب مؤامرة أعدتها السيدة عائشة مع صفية وسودة، وقيل لأنه حرَّم على نفسه مارية القبطية بعد أن رأته حفصة معها في بيتها.
تشير سورة التحريم إلى بعض الأمور التي يجب على المسلمين القيام بها لحماية أنفسهم وأهليهم من عذاب الله تعالى ومن نار الجحيم، قال تعالى: {يا أيُّهَا الذِينَ آمنُوا قُوا أنفُسَكُم وأَهلِيكُمْ نارًا وقُودهَا النَّاسُ والحجَارَةُ علَيهَا ملَائِكَةٌ غلَاظٌ شدَادٌ لا يعصُونَ اللَّهَ ما أَمرَهُمْ ويفْعَلُونَ ما يؤمَرُونَ}، وتحثُّ المسلمين على أن يسارعوا لإعلان التوبة الخالصة الصادقة لله تعالى.[٦]
ومن فوائد سورة التحريم أيضًا أنَّها تبيِّنُ للكافرين أنَّ جميع الأعذار التي سيقدمونها يوم القيامة مرفوضة، لأنَّ الله قد أقام عليهم الحجة في الحياة الدنيا، ولم يستجيبوا لدعوة الله تعالى، قال تعالى: {يا أيُّهَا الذِينَ كفَرُوا لَا تعتَذِرُوا اليَوْمَ إنَّمَا تجزَوْنَ ما كُنتُمْ تعمَلُونَ}.
تدعو سورة التحريم المسلمين عمومًا إلى الجهاد في سبيل الله تعالى، وتحثُّهم على بذل كل ما يملكونه من مال ونفس وجهد في سبيل رفع راية التوحيد ونصرة دين الله وإلحاق الهزيمة والذل والصَّغار بالكفار أعداء الله، قال تعالى: {يا أيُّهَا النبِيُّ جاهِدِ الكُفَّار والمُنَافِقِينَ واغْلُظْ علَيهِمْ ومَأْوَاهُمْ جهَنَّمُ وبِئْسَ المصِيرُ}.
لقد ضربَ الله تعالى مثلًا في سورة التحريم عن المؤمنين الذين لا يضرُّهم كفر الناس من حولهم حتَّى لو كانوا من أقرب البشر إليهم، وأصدق مثال على ذلك آسيا بنت مزاحم امرأة فرعون، قال تعالى: {وضَرَب اللَّهُ مثَلًا للذِينَ آمنُوا امرَأَتَ فرْعَوْنَ إذْ قالَتْ ربِّ ابنِ لي عِندَكَ بيْتًا في الجنَّةِ ونجِّنِي منْ فرعَوْنَ وعمَلِهِ ونَجِّنِي منَ القَوْمِ الظَّالمِينَ}، وهذا المثال ضربه الله تعالى من أجل حثِّ المسلمين على أن يصبروا على الظلم والأذى في سبيل الله كما صبرت آسيا على أذى وظلم فرعون.
فوائد
للحديث عن بعض ما جاء من فوائد لغوية في سورة التحريم، سيتمّ بيان الفرق بين “نبّأ وأنبأ” في قوله تعالى في سورة التّحريم: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ}.
إنّ لفظ “نبّأ” يحتمل التّنبيء أكثر من لفظ “أنبأ” مثل: “علّم وأعلم”، فإنّ أعلم، قام بنقل المعلومة مرة واحدة، لكن علّم، يحتاج وقتاً من التّعليم، مثل: علّمته النّحو، إذن التّنبيء وقته أطول، أو ما يُذكر فيه أكثر من أنبأ، فنبّأ إذنْ أكثر.
قال تعالى على لسان نبيّه: {عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضِ}، وقال تعالى على لسان حفصة: {قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا}، يعني بهذا الجزء من الخبر؟ وليس بكلّه، لو قالت من نبّأك؟ يعني بكلّ الخبر، فأجاب الله تعالى على لسان نبيّه: {قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ}، يعني بكلّ الخبر، أو بكلّ ما حصل، نبّأه به ربه، فقوله تعالى على لسان نبيّه: {عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ}، أعرض أي: لم يذكره تكرّمًا لها، ما أراد أن يقسو عليها، فذكر جزءًا منه وأعرض عن الباقي، إذن هو أنبأها بجزءٍ من الخبر أقل من التّنبيء، فقالت هي: مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا؟ أي: أعلمك بجزء الخبر، فأجابها هو: نَبَّأَنِي، أي: أخبرني بكلّ شيء، فهو بسموّ أخلاقه –صلّى الله عليه وسلّم- لم ينبّئها بكلّ ما حدث مع علمه به، وإنما أنبأها بجزء منه إكرامًا لها.
اقرأ أيضًا:
المصادر: