تقع سورة المجادلة في الربع الأول والثاني من الحزب الخامس والخمسين والجزء الثامن والعشرين في القرآن الكريم، وهي سورة مدنية نزلتْ على رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في المدينة المنورة، كما أنَّها من سور المُفصَّل، ويستعرض موقع معلومات في هذا المقال فوائد من سورة المجادلة.
فوائد من سورة المجادلة
تُعدُّ سورة المجادلة من السور التي تتألف من عدد آيات قليل، بيد أنَّها لا تُصنَّف مع قصار سور القرآن الكريم، وقد نزلتْ هذه السورة المباركة في المرأة التي جادلتْ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في أمر زوجها، ولذلك دارتْ سورة المجادلة حول أمر هذه المرأة المسلمة، وفيما يأتي فوائد من سورة المجادلة مرتبة وفقًا لترتيب آياتها هذه السورة الكريمة:
سلَّطتْ هذه الآيات الضوء على مسألة مهمة جدًا، وهي مسألة ظلم المرأة كالظهار، والظهار هو أن يشير الرجل لزوجته بحرمتها عليه كأمه وأخته، وكان الظهار طلاقًا في الجاهلية، أمَّا في الإسلام فإذا حدث فهو حرام وعليه كفارة كبيرة، وهذا بإجماع أهل العلم.
من فوائد سورة المجادلة أنها تُعرفنا بأن كفارة من ظاهر امرأته تحرير رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا، كما أنَّ على المسلم التوبة من هذا الفعل وعدم العودة إليه أبدًا، حيث قال تعالى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ ۖ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ ۚ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ * وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ۚ ذَٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ۖ فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ۚ ذَٰلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۗ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
بيَّنت الآيات أنَّ أحكام الشريعة التي جاء بها القرآن الكريم لم تنزل على الناس دفعة واحدة وإنَّما نزلت بشكل تدريجي وفقًا لما يحدث من أحداث، وهذا ما يرتبط ارتباطًا وثيقًا بعلم أسباب نزول الآيات القرآنية في الإسلام.
تناولتْ هذه الآيات الحديث عن آداب المجالس وكيفية رفع درجات أهل العلم في مجالس المسلمين، ثمَّ أقرَّت الآيات أنّه على كلِّ مسلم يريد محادثة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فعليه أن يقدم صدقة، وعندما شقَّ الأمر على المسلمين خفَّف الله عن الناس وأمرهم بالنافلة من صلاة وزكاة وطاعة وغير ذلك، كما تناولت الآيات تحريم المناجاة بالإثم والعدوان، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}.
الإعلام بإيقاع البأس الشديد، الذي أشارت إليه سورة الحديد بمن حاد الله ورسوله؛ لما له سبحانه من تمام العلم، اللازم عنه تمام القدرة، اللازم عنه الإحاطة بجميع صفات الكمال.
تُشير آيات سورة المجادلة إلى أن الله تعالى يعلم جميع ما في السماوات والأرض، ومن ذلك أنه يعلم السر والنجوى، وبيان مصير الذين يتناجون بالإثم والعدوان ومعصية الرسول صلي الله عليه وسلم.
أمَّا الآيات الأخيرة من سورة المجادلة فقد تناولتِ الحديث عن المنافقين، فنزلتْ هذه الآيات تعرِّي خبث نفوسهم وتبيِّن مصيرهم المشؤوم يوم القيامة، حيث تبين السورة ضلالات المنافقين ومنها مناجاتهم بمرأى المؤمنين ليغيظوهم ويحزنوهم، ومنها موالاتهم اليهود، وحلفهم على الكذب.
اختتمت الآيات بالحديث عن حقيقة حب المسلمين بعضهم بعضًا في الله تعالى، والبغض أيضًا في الله تعالى، وأمرت الآيات المسلمين بعدم مناصرة أعداء الإسلام والمسلمين تحت أي ظرف من الظروف.
تُوضّح السورة أن من يتركون مودة من يحادون الله ورسوله -ولو كانوا أقاربهم- أولئك كتب الله في قلوبهم الإيمان، وأيدهم بروح منه، وأنهم سيدخلون جنات تجري من تحتها الأنهار.
فوائد
الحديث عمّا ذكر أهل العلم في إعجاز القرآن الكريم، يصل للخوض فيما فتح الدكتور فاضل السامرائي لنفسه من الأبواب في دراسة الإعجاز البياني للقرآن الكريم، ومن خلال خوض أبحاثه في هذا المجال، كان له استعراض لبعضٍ من الفوائد اللغوية في سورة المجادلة واللمسات البيانية فيها، تأتيكم كما وردت عنه تباعًا فيما يأتي:
- اللمسة البيانية في تكرار لفظ الجلالة {الله} في جميع آيات السّورة، على خلاف باقي السّور، وعلى الرغم من وجود سور أطول من هذه السّورة لم يذكر فيها لفظ الجلالة، بعيدًا عن ذكر أحد صفاته العظيمة -سبحانه وتعالى-، وذلك لما تقتضيه مضامين الآيات من ذكر لله -جلّ في علاه-.
- في قوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ۖ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}، تحديد أعداد المتناجين -الثلاثة والخمسة- ليس من باب التقيّد بالعدد، وإنّما كان ذلك في القوم الذين نزلت بهم الآية الكريمة، وهو عرضٌ للواقع، واللمسة البيانية الأخرى أنّ التناجي لا يكون أقلّ من شخصين، فبدأ في الثلاثة لقوله تعالى: {وَلَا أَدْنَىٰ مِن ذَٰلِكَ}، وبذلك استوفى التناسب بين عرض الواقع وبيان أصل النجوى.
اقرأ أيضًا:
المصادر: