سورة الفتح هي سورةٌ مدنيّة بكاملها، فهي من السور التي نزلت على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في السنة السادسة بعد الهجرة، مع أمين الوحي جبريل -عليه السلام- كغيرها من السّور، نزلت في وادي كُراع الغميم بين مكة والمدينة، عدد آياتها تسعٌ وعشرون آية، ويستعرض موقع معلومات في هذا المقال فوائد من سورة الفتح.
فوائد من سورة الفتح
- بُدِئت السورة الكريمة بالبشارة بالفتح المبين، وبما أفاء الله به على رسوله والمؤمنين من نصر عزيز وتأييد مبين.
- تضمنت السورة بشارة المؤمنين بحسن عاقبة صلح الحُدَيْبِيَة، وأنه نصر وفتح، فنزلت به السكينة في قلوب المسلمين، وأزال حزنهم من صدهم عن الاعتمار بالبيت، وكان المسلمون عِدَة لا تُغلب من قلة، فرأوا أنهم عادوا كالخائبين، فأعلمهم الله بأن العاقبة لهم، وأن دائرة السوء على المشركين والمنافقين.
- إبراز أن الله سبحانه أرسل رسوله محمداً للناس شاهداً ومبشراً ونذيراً؛ ليتحقق الإيمان بالله ورسوله، ويعم الخير والحق بين الناس بطاعته وتعظيمه.
- التنويه بكرامة النبي صلى الله عليه وسلم عند ربه، ووعده بفتح آخر، يعقبه فتح أعظم منه، وبفتح مكة.
- التأكيد على أن الذين بايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم وعاهدوه على نصرته، والاستشهاد في سبيل دعوته، أنهم بعملهم هذا ومبايعتهم له إنما يبايعون الله، ويد الله فوق أيديهم بالنصر والتأييد، فمن نقض منهم العهد بعد ميثاقه، فضرر ذلك عليه، ومن أوفى بالعهد، فسيؤتيه الله أجراً عظيماً.
- ذِكْرُ بيعة الحُدَيْبِيَة، والتنويه بشأن من حضرها، وفضح الذين تخلفوا عنها من الأعراب، ووصفهم بالجبن والطمع وسوء الظن بالله وبالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنعهم من المشاركة في غزوة خيبر، وإنبائهم بأنهم سيدعون إلى جهاد آخر، فإن استجابوا غُفر لهم تخلفهم عن الحُدَيْبِيَة.
- تناولت الآيات أصحاب الأعذار الذين يباح لهم التخلف عن القتال؛ لعجزهم عن مباشرته، وأنهم لا إثم عليهم في ذلك.
- ذكرت السورة مِنَّة الله في كف الكافرين عن المؤمنين، والمؤمنين عن الكافرين يوم فتح مكة، بعد أن نصرهم الله وأقدرهم عليهم.
- من فوائد سورة الفتح بيان أن الله صدق رسوله الرؤيا بالحق، وكان الرسول قد رأى في منامه أنه يدخل هو ومن معه من المؤمنين المسجد الحرام آمنين محلقين رؤوسهم ومقصرين لا يخافون.
- الثناء على المؤمنين الذين بايعوا رسوله الأمين وأيدوه ونصروه، وأن الله قدم مثلهم في التوراة وفي الإنجيل.
- خُتمت السورة ببيان خُلِق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه: {أشداء على الكفار رحماء بينهم} (( الفتح:29 )) وببيان نعتهم وصفتهم في التوراة والإنجيل، وبذكر ما أعده الله للذين آمنوا وعملوا الصالحات من المغفرة والأجر العظيم.
فوائد
من فوائد سورة الفتح أن السكينة في القرآن وردت في ستة مواضع، ثلاثة منها في سورة الفتح، وقال ابن قيم الجوزية: “كان -شيخ الإسلام- ابن تيمية -رحمه الله- إذا اشتدت عليه الأمور: قرأ آيات السكينة، وسمعته يقول في واقعة عظيمة جرت له في مرضه تعجز العقول عن حملها، من محاربة أرواح شيطانية ظهرت له إذ ذاك في حال ضعف القوة، قال: فلما اشتد علي الأمر قلت لأقاربي ومن حولي: اقرأوا آيات السكينة، قال: ثم أقلع عني ذلك الحال، وجلست وما بي قَلَبَة، وقد جربت أنا أيضًا قراءة هذه الآيات عند اضطراب القلب مما يرد عليه، فرأيت لها تأثيرًا عظيمًا في سكونه وطمأنينته”.
أصل السكينة هي الطمأنينة والوقار والسكون الذي ينزله الله في قلب عبده عند اضطرابه من شدة المخاوف، فلا ينزعج بعد ذلك لما يرد عليه، ويوجب له زيادة الإيمان وقوة اليقين والثبات، ولهذا أخبر الله -سبحانه وتعالى- عن إنزالها على رسوله وعلى المؤمنين في مواضع القلق والاضطراب كيوم الهجرة ويوم الحديبية ويوم حنين، فيقرؤها المؤمن في مواقف الخوف والفزع، أو في مواقف الشبهات والفتن، أو عند الهم والحزن، أو عند اشتداد وسواس الشيطان، يقرؤها رجاء أن يثبت الله قلبه بما ثبت به قلوب المؤمنين فلا حرج عليه، ورجي أن يكون له ذلك، كما كان ل-شيخ الإسلام- ابن تيمية وتلميذه ابن القيم
قال البقاعي: “ومن عجائب هذه السورة: أنها تسع وعشرون آية، وقد جمعت حروف المعجم وهي تسع وعشرون حرفاً، في آخر آية فيها، وهي: {محمد رسول الله…} إلى آخرها، ولم تجتمع هذه الحروف في آية إلا في هذه السورة، وفي آية في أواخر سورة آل عمران، إشارة إلى علو التوحيد على كل كفر، كما أشارت إليه الآية التي قبلها”.
ركّز الدكتور فاضل السامرائي على توضيح هذه اللمسات البيانية فيما فتحه الله عليه، ونزولًا عند فهم السورة، والخوض فيما ذكره الدكتور فاضل، سيتم ذكر بعض الفوائد البيانية في سورة الفتح فيما يأتي:
- التناسب في سور القرآن الكريم في ترتيبها، مع مضمون ما نزلت به كل سورة، قال تعالى في أواخر سورة محمد قبل سورة الفتح: {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ}، ثم كانت بداية سورة الفتح بالنصر المبين، فالله غالبٌ على أمره، لا يخلف الميعاد، قال تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا}.
- في قوله تعالى: {وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّه}، واللمسة البيانية هي في ضمّ الهاء بعد حرف الجر على، وهي من لغة أهل الحجاز، وقد استخدم الضمّ هنا لبيان ثقل البيعة في الحديبية، فقد جاءت بالضمّة تناسبًا مع أثقل الحركات، ولتفخيم لفظ الجلالة، لتفخيم هذه البيعة وهذا العهد الذي عاهد به الله -جلّ في علاه-.
اقرأ أيضًا:
المصادر: