سورة الأحقاف إحدى سور القرآن الكريم المكيَّة، أي التي نزلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة أو التي نزلت قبل الهجرة إلى المدينة المنورة، نزلتَ بعد سورة الجاثية، تقع سورة الأحقاف في الحزب ذي الرقم واحدٍ وخمسين وفي الجزء السادس والعشرين، ويُقدم لكم موقع معلومات في هذا المقال فوائد من سورة الأحقاف.
فوائد من سورة الأحقاف
تعالج سورة الأحقاف قضية العقيدة والإيمان بوحدانية الله وربوبيته المطلقة لهذا الوجود ومن فيه وما فيه، والإيمان بالوحي والرسالة، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول سبقته الرسل، أوحي إليه بالقرآن مصدقاً لما بين يديه من الكتاب. والإيمان بالبعث وما وراءه من حساب وجزاء على ما كان في الحياة الدنيا من عمل وكسب ومن إحسان وإساءة.
تلك هي فوائد السورة من حيث الجملة، أما من حيث التفصيل، فقد تضمنت السورة الدروس التالية:
- تدعو سورة الأحقاف إلى العقيدة الصحيحة من توحيد الله تعالى إلى تصديق رسالة الرسل عليهم السلام إلى الإيمان باليوم الآخر، وما فيه من ثواب وعقاب.
- تؤكد سورة الأحقاف صحة رسالة رسولنا صلى الله عليه وسلم، وصدق ما جاء به عن ربه سبحانه.
- نستفيد من السورة أن استمرار نظام الحياة الدنيا للسماوات والأرض محدد بأجل مسمى، وأن الله خلق السماوات والأرض بالحق.
- بيان أن الذين كفروا معرضون غير عابئين بما أُنذروا به من إنذارات، بالإضافة إلى بيان الموقف الاستكباري، الذي وقفه أئمة الكفر والشرك في مكة إبان التنزيل من ضعفاء المؤمنين.
- أوضحت السورة ضلال الكفار وبهتانهم وخطأهم في عبادة الأوثان والأصنام، التي لا تضر ولا تنفع، ولا تبصر ولا تسمع، ولا تغني من الحق شيئاً.
- ردت السورة على المشركين مزاعمهم، وسفهتهم في زعمهم أن القرآن سحر مبين، قال تعالى: {قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم} (( الأحقاف:10 ))
- من فوائد سورة الأحقاف أنها جاءت بمثالين: أحدهما: للولد الصالح البار بوالديه، وقد بلغ كمال عقله ورشده، قال سبحانه: { رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه} (( الأحقاف:15 )) وثاني المثالين: جاءت به للولد الفاجر العاق لوالديه، الذي يقابل نصحهما له وحرصهما عليه بالسخرية والاستهزاء، وذلك عندما يدعوانه إلى الإيمان بالله، فيقول: {أف لكما أتعدانني أن أخرج} إلى أن يقول: {ما هذا إلا أساطير الأولين} (( الأحقاف:17 ))
- تضمنت السورة إنذاراً للمصرين على كفرهم من مشركي مكة، بأنهم إذا تماروا في غيهم، أهلكهم الله كما أهلك كفار أهل القرى من حولهم، فما نصرتهم آلهتهم التي كانوا اتخذوها من دون الله، كما تضمنت السورة بياناً إقناعيًّا موجهاً من الله سبحانه لمنكري البعث، مصحوباً بإنذار بعذاب النار يوم الدين.
- استعرضت السورة حال أولئك النفر من الجن الذين صرفهم الله ووجههم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لسماع القرآن الكريم، فأنصتوا إليه عند سماعه، ثم ذهبوا إلى قومهم منذرين ومخوفين لهم من أن يخافوه؛ لأن القرآن مصدق لما جاء به موسى عليه السلام؛ ولأنه يهدي إلى الحق الثابت والصراط المستقيم، وآمرين لهم باتباع ما جاء فيه ليغفر الله لهم ذنوبهم وينجيهم من عذاب أليم، وذلك تنبيه وتوبيخ للمشركين، حيث آمن به الجن، وكفر به المشركون وعاندوا.
- بينت السورة أن الله الذي خلق السماوات والأرض، ولم يصبه إعياء، أو ضعف، أو تعب، هو سبحانه وحده القادر على إحيائهم بعد موتهم، وحسابهم على ما اقترفوا من كفر ومعاص في الدنيا، وهذا تهديد لهم.
- عرضت السورة صورة من مصرع قوم هود وفي مصارع القرى حول مكة. وتجعل من السماوات والأرض كتاباً ينطق بالحق كما ينطق هذا القرآن بالحق على السواء.
- الثناء على الذين آمنوا بالقرآن، وذكر بعض خصالهم الحميدة، وما يضادها من خصال أهل الكفر، وحسدهم الذي بعثهم على تكذيبه.
- بيان أن الله أخذ أهل الضلال بكفرهم، وأهلك أمماً أخرى، فجعلهم عظة للمكذبين، وأن جميعهم لم تغنِ عنهم أربابهم المكذوبة، التي كانوا يدعون من دون الله من شيء.
- خُتمت السورة بتثبيت الرسول صلى الله عليه وسلم، وأمر من الله لرسوله أن يصبر على تكذيب قومه، وإيذائهم له كما صبر أصحاب العزائم العالية من الرسل عليهم السلام، ونهاه جل شأنه أن يستعجل لهم العذاب؛ فإنه آتيهم لا محالة، {كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار}. (( الأحقاف:30 ))
فوائد
يمكن استخلاص بعض الفوائد اللغوية من سورة الأحقاف وذلك في قوله تعالى: {قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ}، فقد يتبادر للأذهان أنّ الله تعالى في أغلب السور يذكر “الصراط المستقيم”، وفي هذه الآية الكريمة قال: “إلى طريقٍ مستقيم” فما الفرق بينهما؟
أجاب الدكتور فاضل السامرائي عن هذا التساؤل أثناء حديثه عمّا جاء من تأملات في سورة الأحقاف حيث قال: قبل الإجابة عن هذا التساؤل يجب معرفة معاني كلمات هذه الآية، أولًا ما الفرق بين الحق وطريق مستقيم؟، أمّا الحقّ فهو العقائد الصحيحة والأمور الثابتة الصحيحة، وأمّا الطريق المستقيم فهو ما يُسلك من الأعمال، وفي اللغة العربية الطريق هو ما تطرقه الأرجل وتسلكه وتمشي فيه.
أمّا بالعودة إلى ما جاء في الآية الكريمة فهي تتحدّث عمّا قاله الجن حيث قالوا: “إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ” وهو ما معناه أنّ هذا الطريق مسلوكٌ من قبل وقد سلكه موسى -عليه السلام- ولم يبتدعه صاحبه، ولهذا ذكر كلمة “طرقٍ مستقيم” الطريق الحق الذي سار عليه الأنبياء من قبل.
أمّا الصراط المستقيم فهو الطريق الواسع الذي يصرط الناس أي يبلعهم، وهو طريقٌ متّسعٌ ضخم، وليس هذا المقصود في الآية الكريمة بل المقصود أنّ نبيّ الله محمد -صلى الله عليه وسلم- سائرٌ على نهج ومسار أنبياء الله -عليهم السلام- من قبله ولم يبتدع شيئًا من عنده، والله تعالى أعلم.
اقرأ أيضًا:
المصادر: