سورة العنكبوت هي السورة التاسعة والعشرون بترتيب سور القراَن الكريم، وهي السورة الخامسة والثمانون في ترتيب نزول السور، تقع بالجزء الحادي والعشرون وتأتي بترتيب سور المصحف الشريف بعد سورة القصص وقبل سورة الروم، ويُوضح لكم موقع معلومات في هذا المقال فوائد من سورة العنكبوت وأبرز ما اشتملت عليه السورة من دروس.
فوائد من سورة العنكبوت
هناك العديد من الفوائد التي يمكن استخلاصها من سورة العنكبوت مثل:
- تثبيت المسلمين الذين فتنهم المشركون، وصدوهم عن الإسلام، أو عن الهجرة مع من هاجروا.
- من الفتن التي ذُكرت في هذه السورة فتنة طول مكث الأعداء وتسلطهم على المؤمنين؛ فربما ينظر الإنسان إلى طول مكث أعداء الله في الأرض، إلى طول مكثهم يتمتعون بالقوة، إلى طول مكثهم وهم الذين يسيطرون مقاليد الأمور، ويسيرونها وفق الوجهة التي تخدم مصالهم وأغراضهم، فربما يحمله ذلك على أن تُزين له الدنيا، وأن يصد عن سبيل الله، وقد يفتتن بطول مكث الأعداء، فهذه السورة نبهت المؤمن الصادق إلى أن القصد من الفتن تمييز المؤمن الصادق من غير الصادق، {وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين}، {فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين}.
- وعدت السورة الكريمة المؤمنين بالله بتكفير ذنوبهم ومضاعفة حسناتهم، وأمرتهم بالإحسان للوالدين كسبيلٍ لكسب الحسنات ومحو الذنوب.
- الأمر بمجافاة المشركين ومفاصلتهم، والابتعاد منهم، ولو كانوا أولي قربى.
- وجوب صبر المؤمنين على أذى المشركين، وأن لهم في سعة الأرض ما ينجيهم من أذى أهل الشرك.
- مجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن ما عدا الظالمين منهم للمسلمين.
- أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالثبات على إبلاغ القرآن وشرائع الإسلام.
- التأسي في ذلك بأحوال الأمم التي جاءتها الرسل، وأن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم لم يكن بدعاً من الرسل، بل جاء بمثل ما جاؤوا به.
- الاستدلال على أن القرآن الكريم منزل من عند الله؛ بدليل أمية من أنزل عليه صلى الله عليه وسلم. وتذكير المشركين بنعم الله عليهم؛ ليقلعوا عن عبادة ما سواه.
- إلزام المشركين بإثبات وحدانيته بأنهم يعترفون بأنه خالق من في السماوات ومن في الأرض.
- الاستدلال على البعث بالنظر في بدء الخلق، وهو أعجب من إعادته.
- إثبات الجزاء على الأعمال، وأن كل نفس توفى بما كسبت، ولا يظلم ربك أحداً.
- في سورة العنكبوت توعد للمشركين بالعذاب الذي يأتيهم بغتة، وهم يتهكمون باستعجاله.
- تشتمل سورة العنكبوت على ضرب المثل لاتخاذ المشركين أولياء من دون الله بمثل، وهو بيت العنكبوت؛ ففي هذا المثل إشارة إلى أن من اعتمد على قوة الأصنام وحفظها عن العذاب كالعنكبوت، اعتمدت على قوة بيتها الذي لا يحتمل مس أدنى الحشرات والرياح، وحفظها عن الحر والبرد. وهذا أتم في الدعوة إلى التوحيد الذي هو أعظم مقاصد القرآن.
- النهي عن مجادلة أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن، إلا الذين ظلموا منهم. وبيان وحدة الدين كله، واتحاده مع دين الإسلام آخر الأديان، الذي يجحد به الكافرون، ويجادل فيه المشركون. وختم السورة بالتثبيت والبشرى والطمأنينة للمجاهدين في الله المهديين إلى سبله.
- ختمت السورة الكريمة ببيان اغترار المشركين بالدنيا الفانية، وتوعدهم بالعقاب الأليم، ووعدت المؤمنين بتبصيرهم سُبل الحقّ في الدنيا والآخرة.
دروس مستفادة من سورة العنكبوت
ذكر الله تعالى الجهاد في سبيله في موضعين من سورة العنكبوت: الموضع الأول قوله: (وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)، أما الموضع الثاني قوله: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)، مما يدل على أن الجهاد فرض في مكة المكرة، وليس في المدنة المنورة، والمقصود من ذلك الجهاد في الدعوة والتبليغ، وجهاد النفس في الصبر والتحمّل، والانقياد والخضوع لأوامر الله تعالى.
بيّن الله تعالى في سورة العنكبوت أن الابتلاء سُنّة من السُّنَن، حيث قال: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ*وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)، فالابتلاء من الأمور الملازمة للمؤمنين دون النظر إلى حالهم، سواءً أكانوا في شدّة أم في رخاء، حيث قال الله تعالى: (وَنَبلوكُم بِالشَّرِّ وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينا تُرجَعونَ)، كما أن النبي عليه الصلاة والسلام والصحابة رضي الله عنهم الابتلاء، وبعد صبرهم على الأذى مدة ثلاثة عشر عاماً أذن الله تعالى لهم بالهجرة إلى المدينة المنورة.
من الدروس المستفادة من سورة العنكبوت توضيح الله تعالى لحال الأنبياء عليهم السلام، وانتقامه ممّن عاداهم؛ فقد كان خطاب الله تعالى لنبيّه محمّد في سورة العنكبوت بأنه سينصره، وينتقم من أعدائه، كما بيّن الله تعالى حال إبراهيم عليه السلام عندما أراد قومه حرقه بالنار، فأنجاه الله تعالى منهم، ثمّ هاجر، وقد قال الله تعالى في أمره: (وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، وذلك ما حدث مع محمد صلى الله عليه وسلم عندما أراد المشركون قتله، فبعد أن نجّاه الله هاجر.
فوائد
في قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ}، تتحدّث الآية عن قصة نوح -عليه السلام- مع قومه، ومن الملاحظ عند دراسة الفوائد البيانية التي اشتملت عليها سورة العنكبوت في هذه الآية أنّ الله تعالى قال: “أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا” ممّا يطرح تساؤلًا عن الفرق بين السنة والعام في لغة القرآن الكريم.
وقد أجاب الدكتور فاضل السامرائي عن هذا التساؤل بقوله: “كلمة سنة في القرآن تدلّ عادةً على الشدّة والقحط والعذاب، أما كلمة عام فهي عادةً تستعمل في الخير، وفي قصة نوح -عليه السلام- أتت الكلمتان لدلالة أنّه لبث في الدعوة 950 سنة مع قومه بشدةٍ وصعوبةٍ وتكذيبٍ له واستهزاءٍ به، أمّا الخمسين عامًا فهي ما كان بعد الطوفان حيث قضاها مع المؤمنين في راحة وطمأنينة”، والله تعالى أعلم.
اقرأ أيضًا:
المصادر: