كثرت الأحاديث التي نُقلت عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وتعددت أنواعها؛ منها: الحديث الصّحيح والحَسَن والمُرسل والمنقطع والضعيف والموضوع، ومن المهم أن يتعرف المسلم على معنى كل نوع من هذه الأنواع وحكم العمل به، لذلك يُوضح لكم موقع معلومات في هذا المقال تعريف الحديث المرسل وحكمه وشروط العمل به.
تعريف الحديث المرسل
المرسل في اللغة يطلق على الإطلاق وعدم المنع، وهو من الإرسال، ويُجمع على مراسيل ومراسل، والمُرسل بفتح حرف السين اسم مفعول، أمّا اصطلاحاً فقد تعدّدت تعريفات الحديث المرسل عند المحدّثين والفقهاء، فيذكر الفقهاء والأصوليين أنّ يقول الراوي الذي لم يلتقِ بالنبي -صلّى الله عليه وسلّم-: “قال رسول الله”، سواءً كان الراوي تابعي أو غير تابعي، صغيراً أم كبيراً.
أمّا عند المحدّثين فالحديث المرسل هو ما رفعه التابعي إلى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- من فعلٍ أو قولٍ أو تقريرٍ، أيّ أن يرفع التابعي الحديث إلى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- دون ذكر الواسطة بينه وبين النبي.
حكم الحديث المرسل
اختلف أهل العلم في حجيّة الحديث المرسل؛ فذهب الإمام أبي حنيفة إلى القول بأنّه حجةٌ على الإطلاق، وهو أقدم الأئمة الأربعة، أمّا الإمام مالك فيعتبره حجةً إذا عضده عمل أهل المدينة.
وذهب الإمام الشافعي إلى القول بأنّه حجةٌ إن ورد ما يُؤيده من الحديث الصحيح الموقوف، أو ممّا يُمكن جبره من الحديث الضعيف، ويرى الإمام أحمد أنّه ليس بحجةٍ.
والقول المُعتمد عند العلماء المخرجين أنّه ليس حجةً بذاته وضعيفٌ لا يُعتمد عليه، لكنّ ضعفه يُعدّ ضعفاً يسيراً يُمكن جبره ولا يُتساهل به في الأصول.
شروط العمل بالحديث المرسل
ذهب بعض المحدّثين والفقهاء إلى القول بجواز العمل بالحديث المرسل إذا اقترنت به قرائن تُقوّيه وتدلّ على أنّ له أصلاً؛ كأن يُروى من وجهٍ آخرٍ مرسلاً أو من طريقٍ موصولٍ آخرٍ، أو أن يعضده قياسٌ صحيحٌ.
وذكر ابن القيم أنّ الحديث المرسل إذا اتصل به عملٌ أو عضده قول صحابيٍّ يُعمل به، وذهب جمهور العلماء إلى القول بأنّ الاحتجاج به ليس لذاته بل لِما يُقويه من قرائن، أمّا إذا انفرد المرسل بالحكم دون أن يتصل به ما يُقويه فليس بحجةٍ، ويُعد الحديث المرسل من أقسام الحديث الضعيف.
أشهر التَابعين في رواية الحديث المرسل
- عبيد الله بن عدي بن الخيار.
- أبو أمامة بن سهل بن حنيف.
- عبد الله بن عامر بن ربيعة.
- سعيد بن المسيّب.
- سالم بن عبد الله.
- أبو سلمة بن عبد الرحمن.
- القاسم بن محمد.
- علقمة بن قيس.
- مسروق بن الأجدع.
- ابن سيرين.
- سعيد بن جبير.
الآثار الفقهية لحجية الحديث المرسل
لقد كان لتبايُنِ آراء العلماء واختلاف مذاهبهم في الاحتجاج بالحديث المُرسَل أثرٌ كبير في اختلاف الأحكام الشرعية، ومِن أمثلة ذلك:
مسألة نقض الوضوء بالقهقهة:
ذهبت الحنفية إلى أن القهقهة في الصلاة تنقض الوضوء والصلاة، واستدلوا بما رُوِيَ عن النبي صلى الله عليه وسلم: “أنه أمر رجلًا ضحك بالصلاة أن يعيدَ الوضوء والصلاة”. (( الراوي : رفيع بن مهران أبو العالية الرياحي | المحدث : الذهبي | المصدر : سير أعلام النبلاء، الصفحة أو الرقم: 4/212 | خلاصة حكم المحدث : من مراسيل أبي العالية الذي صح إسناده إليه ))
وذهب الشافعيُّ والجمهور إلى أن الوضوء لا ينتقض بالقهقهة أثناء الصلاة، ولم يعمَلوا بالحديث؛ لأنه مُرسَل.
مسألة اشتراط الوليِّ في النكاح:
فقد احتجَّ المالكية على افتقار النكاح إلى الولي بقوله صلى الله عليه وسلم: (لا نكاحَ إلا بولي). (( الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 4075 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه ))
خالفهم الحنفية فقالوا بعدم اشتراط الولي، وأجابوا عن الحديث فقالوا: هذا الحديث يرويه أبو إسحاق، عن أبي بردةَ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بردةَ لم يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يقول التلمساني: والجواب عند أصحابنا: أن المراسيل مقبولةٌ عندنا؛ فإنه لم يزَلِ التابعون رضوان الله عليهم يرسلون الأحاديث ويحتجون بها؛ لعلمهم أنهم لا يرسلون إلا عن عدل… وقد كانوا يحدِّثون الحديث فيرسلونه، فإذا قيل لهم: عمن؟ أسنده، وقد رواه جماعة عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم.
مسألة وجوب القضاء على مَن أفسد صوم التطوع:
ذهب الحنفية ومالك إلى أن مَن صام تطوعًا فأفطر وجَب عليه قضاءُ يوم مكانه، واستدلوا على ذلك بحديث عائشة رضي الله عنها قالت: “أصبحت أنا وحفصة صائمتين متطوعتين، فأُهديَ إلينا طعام فأفطرنا عليه، فدخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبدرتني حفصة، وكانت بنتَ أبيها، فسألته عن ذلك، فقال عليه الصلاة والسلام: (اقضيَا يومًا مكانَه). (( الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الطبراني | المصدر : المعجم الأوسط، الصفحة أو الرقم: 7/243 | خلاصة حكم المحدث : لم يرو هذا الحديث عن هشام بن عروة إلا هشام بن عكرمة تفرد به يعقوب بن محمد الزهري ))
وذهب الشافعيُّ والجمهور إلى أنه لا يجب عليه القضاء، ولم يعمل بالحديث؛ لأنه مُرسَل.
اقرأ أيضًا:
المصادر:
مصدر 1