سورة الناس هي إحدى سور المُفصّل التي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم بمكة المكرمة، وهي آخر سور الجزء الثلاثين، تحتوي السورة على الكثير من التوجيهات الإلهية؛ لذلك سنقوم في هذا المقال بتوضيح فوائد من سورة الناس بالتفصيل.
دروس مستفادة من سورة الناس
- يتمحور موضوع سورة الناس حول إثبات الربوبية، والملك، والألوهية لله سبحانه وتعالى وحده، فهو ربّ الناس، وملكهم، وإلههم.
- خصَّ الله تعالى النَّاسَ دون غيرهم من المربوبين؛ تشريفًا لهم، كما خصهم به من أنواع التكريم, وأخدم لهم تعالى ملائكة قدسه؛ ولأن العدو متربص بالناس، والشر المستعاذ منه مصبُّه إلى الناس حيث تُلقي الشياطين الوساوس في قلوب الناس فيَضِلُّون ويُضِلُّون.
- يُبين الله تعالى أنه الملك الحق، الغني عن الخلق، الذي له السلطة العليا في الناس، وله الملك الكامل، والتصرف الشامل، الذي له الأمر النافذ في خلقه، ينفذ فيهم أمره وحكمه، كيف شاء، ومتى شاء.
- تُشير سورة الناس إلى أن الله تعالى هو المعبود الجامع لجميع صفات الكمال، ونعوت الجلال. فيدخل في هذا الاسم: جميع الأسماء الحسنى. فالله هو مألوه الناس، الذي تألهه القلوب بعظمته، وهم لا يحيطون بكنه سلطانه، تألهه الخلائق وتحبه وتعظمه.
- وسَّط صفة الملك بين الربوبية والإلهية؛ لأن الملك هو المتصرف بقوله وأمره، فهو المطاع إذا أمر، وملكه سبحانه لهم تابع لخلقه إياهم، فملكه من كمال ربوبيته، وكونه إلههم الحق من كمال ملكه.
- أرشد الله عباده إلى الاستعاذة من أذى الشيطان الموكل بالإنسان الذي يوسوس عند الغفلة، ويختفي عند ذكر الله، لم يقل الشيطان ولكن الوسواس؛ لأن الوسوسة هي أبرز صفة للشيطان وأخطرها وأضرها على الإنسان.
- الحكمة في قوله: ﴿يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ﴾، ولم يقل: في قلوب الناس؛ فالصدر هو ساحة القلب وبيته، ومنه تدخل الواردات عليه، فتجتمع في الصدر، ثم تلج في القلب، فالوسوسة إذن في الصدور كما أن الخواطر في القلب، والقلب مما حواه الصدر، لذا يقال: إن الشك يحوك في صدره.
- الشر من الجهتين: وسوسة النفس ووسوسة الشيطان، فما كرهته نفسك لنفسك فهو من الشيطان فاستعذ بالله منه، وما أحبته نفسك لنفسك فهو من نفسك فانهها عنه.
فوائد من سورة الناس
التسمية
سُمِّيت هذه السورة بالناس لتكرار لفظ الناس في آياتها الستة، فقد تكرّر لفظ الناس في كلِّ آية من آياتها باستثناء الآية الرابعة، وفي الآيات الخمسة البقية تكرَّر لفظ الناس، لذلك سمِّيت هذه السورة بسورة الناس، والله تعالى أعلم.
فضل سورة الناس
كثرت الأحاديث النبوية الصحيحة التي تدلُّ وتشير إلى فضل هذه السورة المباركة، وفيما يأتي بعض هذه الأحاديث:
- عن عائشة أم المؤمنين قالت: “إنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- كانَ إذا أوَى إلى فِراشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمع كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِما فَقَرَأَ فِيهِما: قُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ وقُلْ أعُوذُ برَبِّ الفَلَقِ وقُلْ أعُوذُ برَبِّ النَّاسِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما ما اسْتَطاعَ مِن جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بهِما علَى رَأْسِهِ ووَجْهِهِ وما أقْبَلَ مِن جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذلكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ”.
- في حديث حسن صحيح عند الألباني، روى عبد الله بن خبيب -رضي الله عنه- قال: “خَرَجْنا في ليلةِ مَطَرٍ وظُلْمةٍ شديدةٍ نَطْلُبُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-، فأَدْرَكْناهُ، فقال: قُلْ، قلتُ: ما أقولُ؟ قال: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}؛ والمَعُوذَتَيْنِ، حين تُصْبِحُ وحين تُمْسِي ثلاثَ مراتٍ؛ تَكْفِيكَ من كلِّ شيءٍ”.
- عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- أنَّه قال: “كنتُ أقودُ برسولِ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- ناقتَه في السَّفرِ، فقالَ لي: يا عقبةُ ألا أعلِّمُك خيرَ سورتينِ قُرئتا؟ فعلَّمني قُلْ أعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ وقُلْ أعُوذُ برَبِّ النَّاسِ”.
التناسب بين سورة الناس والفلق
- في سورة الفلق أمر الله سبحانه بالاستعاذة من شر ثلاث؛ الغاسق، والنفاثات، والحاسد، بصفة واحدة وهي الربوبية، بينما في هذه السورة أمر بالاستعاذة من شر واحد، وهو الوسواس الخناس، بثلاث صفات؛ الربوبية والملك والألوهية.
- يرجع السبب في ذلك لأن المستعاذ منه في سورة الفلق أمور تأتي من خارج الإنسان، وقد تكون شرورًا ظاهرة، يمكن التحرز منها، أو اتقاؤها قبل وقوعها، وتجنبها إذا علم بها. بينما الشر الواحد في هذه السورة يأتي الإنسان من داخله، بهواجس النفس وما لا يقدر على دفعه إلا بالاستعاذة بالله.
اقرأ أيضًا:
المراجع