تُعد سورة الزلزلة واحدة من سور المُفصّل التي نزلت على النبي بمكة قبل الهجرة إلى المدينة، وكان نزولها قبل سورة الحديد وبعد سورة النساء، وتخلو هذه السورة من لفظ الجلالة وتكثر فوائد من سورة الزلزلة.
فوائد من سورة الزلزلة
علامات يوم القيامة
- كان الكفار يسألون كثيرًا عن موعد يوم القيامة، فأوضح الله في سورة الزلزلة أشراط ذلك اليوم ليعلم الناس أن هذا اليوم قادم لا محالة لكل يُجزى كل إنسان بما عمل، حيث يشتمل الحساب على أصغر الأعمال، ويكون الجزاء على الخير بالخير والشر بالشر.
- تُصاب الأرض بزلزال شديد، واختار الله تعالى لفظ “زلزالها” بدلًا من أن يقول إذا زلزلت الأرض زلزلًا لكي يُخبرنا أن الزلزال الذي سيُصيبها ليس كمل الزلزال التي نراها في الدنيا، بل هو زلزال عظيم يليق بجرم الأرض وحجمها الكبير.
- بدأ الله تعالى سورة الزلزلة بهذا التعبير من أجل توجيه المعرضين عن دين الله والغافلين عن عبادته إلى ضرورة والرجوع إلى الله والتراجع عن العناد، فالأرض نفسها ستضطرب لما في يوم القيامة من أهوال، فما بالنا بحال البشر أنفسهم!!
- تتشقق الأرض من شدة الزلزلة بحيث تقذف ما في باطنها سواء الموتى أو الكنوز ويكون ذلك بالتزامن مع النفخة الثانية، حيث يخرج الناس من أجداثهم للحساب والجزاء.
ذهول الناس من الأهوال
- يلحق البشر ذهولٌ كبير من الأهوال التي يشاهدونها يوم القيامة لدرجة أن الإنسان يسأل مستنكرًا ما يحدث للأرض فيقول “ما لها” وذلك بسبب تعجبه مما يراه من العجائب التي لم يسبق له رؤيتها.
- لا تتوقف الأهوال عند هذا الحد، بل يُوحي الله تعالى للأرض لكي تُحدث أخبارها، فتشهد على العاملين على ظهرها بما عملوا في حياتهم الدنيا سواء خيرًا أو شرًا.
- الغرض من شهادة الأرض وتحديثها بأخبارها في ذلك اليوم هو بيان تمام عدل الله عز وجل، فلا يستطيع أحد إنكار أعماله.
اختلاف الناس أشتاتًا
- عندما يصدر الناس من الموقف أشتاتًا، يبدأ الله في عرضهم على أعمالهم حتى يُجازيهم بما كانوا يعملون في حياتهم الدنيا، وعندها يُعطي كل واحد منهم كتابه إما بيمينه وإما بشماله ومن وراء ظهره.
- يرى الإنسان أعماله الصغيرة والكبيرة إلا ما تجاوز الله عنها بالحسنات أو بالدعاء، وتتمثل عظمة هذه الآية في أنها تحث الإنسان على ألا يُقدم على أي قول أو فعل إلا بعد التحقق من رضا الله عنه؛ لأنه سيُدوّن في صحيفته ويحاسب عليه يوم القيامة.
- ينقسم الناس إلى أصناف وأنواع مختلفة، فيكون منهم الشقي ومنهم السعيد، ويرجع كل فريق من الناس إلى جهة مأواه سواء إلى النار أو الجنة.
دروس مستفادة من سورة الزلزلة
جزاء كل إنسان بحسب عمله
- إذا عمل الإنسان مثقال ذرة من خير، فإنه سيرى هذا الخير يوم القيامة، وبالتالي ينال ثواب هذا العمل ويفرح به، وإذا عمل مثقال ذرة من شر، فإنه سوف يرى ذلك الشر ويُعاقب عليه.
- بالنسبة إلى قوله {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}، فإن هذه الآية من جوامع الكلم، ولذلك قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم “مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا هَذِهِ الآيَةُ الجَامِعَةُ الفَاذَّةُ”
- تعتبر هذه الآية بمثابة ترغيب في المواظبة على فعل الخير مهما كان قليلًا؛ كما تحتوي على أقصى التحذير من فعل الشر مهما ظنه الإنسان أمرًا تافهًا لن يتسبب في ضرر كبير.
الأعمال توزن يوم القيامة
يدل قوله تعالى “مثقال ذرة” على أن الأعمال سوف توزن يوم القيامة، والله تعالى قادر على أن يجعل الأمور المعنوية مثل الأعمال أجسامًا، ويمكن أن تكون صحائف الأعمال هي التي توزن أو العامل نفسه.
فوائد
فضل سورة الزلزلة
- روى معاذ بن عبد الله الجهني -رضي الله عنه- قال: “إنَّ رجلًا من جُهَينةَ أخبرَهُ أنَّهُ سمعَ النَّبيَّ -صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ- يقرأُ في الصُّبحِ إذا زُلزِلَتِ الأرضُ في الرَّكعتينِ كلتيْهما، فلا أدري أنسِيَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ- أم قرأَ ذلِكَ عمدًا.
- روى أنس بن مالك -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: “مَنْ قَرَأَ {إِذَا زُلْزِلَتِ} عُدِلَتْ لَهُ بِنِصْفِ القرآنِ”
- عَنْ صَعْصَعَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ: ﴿فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره﴾ إلخ. قَالَ: حَسْبِي، لَا أُبَالِي أَنْ لَا أَسْمَعَ غَيْرَهَا.
في نهاية هذا المقال نكون قد استعرضنا فوائد من سورة الزلزلة ورغم أنها من قصار السور إلا أنها ذات فائدة كبيرة ويمكن أن تُؤثر في حياة الإنسان تمامًا لما تتضمنه من تبشير لمن يعمل الخير وتحذير لمن يفعل الشر؛ ولهذا وُصفت آياتها بالجامعة الفاذة.
اقرأ أيضًا:
المراجع
