سورة التكوير هي إحدى السور المكيّة ويبلغ عدد آياتها تسعًا وعشرين آية، وترتيبها في المصحف الشريف هو الحادي والثمانين، وتتعدد فوائد من سورة التكوير حيث أنها تُوضّح الانقلاب الكوني الذي يحدث يوم القيامة بالإضافة إلى حقيقة الوحي مع التأكيد على إن مشيئة الله متقدمة على مشيئة العباد.
فوائد من سورة التكوير
بيان حقيقة يوم القيامة بالتفصيل
- تُعتبر سورة التكوير من السور التي تشرح مشاهد يوم القيامة بشيءٍ من التفصيل؛ ولذلك قال النبي- صلى الله عليه وسلم- من سره أن يرى يوم القيامة رأي العين فليقرأ “إذا الشمسُ كُوّرتْ” حيث أنها تحمل أحداث يوم القيامة رغم أنها لا تتعدى في المصحف الشريف صفحة واحدة فقط.
- اشتملت السورة على اثنتي عشرة علامة من العلامات الكبرى ليوم القيامة، من بينها ستة أحداث تقع بعد النفخة الأولى في الصور، وعندها تزول الدنيا ويموت جميع الأحياء، وبعد حدوث النفخة الثانية تحدث ستة علامات أخرى أشد وطأً، لا يستطيع الإنسان احتمال واحدة منها فقط فضلًا عن جميعها.
انطفاء ضياء الشمس والنجوم
تبدأ السورة بأول هذه العلامات حيث يقول الله تعالى “إذا الشمسُ كُوّرتْ” أي انطفى نورها ولم يصبح لها شعاع ولا ضياء، وبالتالي تُظلم الدنيا، ولا يقتصر الأمر على الشمس فقط حيث أن النجوم تنكدر أي ينتثر لونه ويتعكر بحيث لا يكون فيه من الصفاء والضياء.
زوال الجبال من أماكنها
تزول الجبال من أماكنها وتتحرك من المواقع الخاصة بها بعدما كانت راسخة شديدة الثبات يستحيل تحركها، بينما في هذه اللحظة تُسيّر بحيث تكون أشبه بالسراب.
تعطيل العِشار
لا يقتصر الأمر على الآيات الكونية فحسب، بل إن العشار من الحيوانات تتعطل بحيث لا تحمل الأرحام، وإذا كان الرحم حاملًا فإنه يسقط ما فيه من فرط الأحداث الرهيبة.
هروب الوحوش
مع مجيء يوم القيامة تُحشر الوحوش التي كان الناس يخافون منها بشدة، بحيث تنضم بعضها إلى بعض من شدة خوفها من القيامة، وتبدأ هذه الوحوش في الدخول إلى الأوكار لأنها تظن أن هذه الأوكار سوف تنجيها من أمر الله تعالى.
اشتعال النيران في البحار
بالنسبة إلى البحار، فإنها تُسجر وذلك بعدما تجمع الشمس والقمر فيها فتشتعل فيها النيران ويجف مائها، ومن شدة هذه النار أصبحت البحار بلا شاطئ، بل إن النار تفجر جميع الشواطئ، بحيث يكون هناك خراب ممتد بلا نهاية.
اجتماع الناس يوم القيامة في جماعات
هذه هي العلامات الست التي تحدث بعد النفخة الأولى، أما بالنسبة لباقي العلامات فإنها تحدث تباعًا بعد النفخة الثانية، ويسرد الله هذه العلامات فيقول “إذا النفوسُ زُوّجت” والمقصود بذلك هو حشر الناس يوم القيامة في جماعات وليس المراد هو الزواج، لأن يوم القيامة لا يوجد زواج ولا إنجاب.
سؤال المظلومين لتخويف الظالمين
بعد أن جمع الله الناس في جماعات، يأتي ببعض المظلومين ليسألهم عن السبب الذي ظُلموا من أجله ومن أبرز هؤلاء المظلومين البنت التي قتلها والدها وهي لا تزال صغيرة وبريئة بلا خطيئة، حيث كان العرب يخافون من إنجاب البنات لأنها قد تُلحق العار بهم.
اطلاع كل شخص على صحيفته
ينشر الله تعالى الصحف على عباده لكي يطلع كل شخص على ما قام به في الدنيا ويقرأ ما في الصحيفة بوضوح، وتكون الكتابة في هذه الصحيفة واضحة يمكن رؤيتها بالعين أو تحسسها باليد؛ لكي لا يتمكن أحد من إنكار ما قام به.
استعداد جهنم لأهل النار واقتراب الجنة من أهلها
- من المعروف أن نار جهنم موقدة منذ قديم الأزل، ولكنها تزداد بسبب الخطايا التي يرتكبها الناس، وفي هذا اليوم تستعد لاستقبال أهل الجحيم الذين يدخلون إليها أفواجًا.
- مثلما تستعد الجحيم لأصحابها، فإن الجنة تقترب من أهلها أيضًا، حيث أن كل نفسها وقتها قد تكون عرفت مصيرها تبعًا لما كانت تعمل في الحياة الدنيا.
دروس مستفادة من سورة التكوير
الوحي حقيقة من الله تعالى لرسوله
القرآن هو قول رسول كريم والمقصود به هو أمين الوحي جبريل والذي يتميز بالكرم في الطبع فهو لا يمكن أن يخفي شيئًا على النبي صلى الله عليه وسلم بجانب تمتعه بالقوة فهو الذي استطاع أن يُهلك قوم لوط عندما حملها على طرف جناحه نظرًا لأنه ذو مكانة عند الله تعالى ومطاع من الملائكة في الملأ الأعلى.
تنزيه الرسول صلى الله عليه وسلم
- أطلق مشركو مكة بعض التهم على النبي؛ لذلك جاء القرآن الكريم لينفي هذه التهم، ويُذكّر الله تعالى بأنه الرسول ليس بضنين على الغيب حيث أنه يبلغ جميع ما أمر الله به فلا يكتم شيئًا منه.
- نفى الله تعالى تهمة نقل الرسول للقرآن عن الشيطان الرجيم حيث يقول الله “ومَا هوَ بقَولِ شَيطانٍ رجيمٍ” وأن هذا القرآن هو أبين السبل للحق، فلماذا تبحثون في غيره؟!
القرآن الكريم ذكر للعالمين
أنزل الله تعالى القرآن الكريم للعالمين ويستطيع من أراد الاستقامة أن ينتفع به، وضبط الله مشيئة العبد بمشيئته حتى لا يمن المؤمن على الله بإسلامه، بل إن الله هو الذي هداه لذلك ولولاه لم يكن ليهتدي إلى هذا الدين.
في نهاية هذا المقال نُشير إلى أن أبرز فوائد من سورة التكوير هي الدعوة إلى توحيد الله من خلال ذكر أهوال يوم القيامة والرد على افتراءات الكفار على الرسول والقرآن الكريم، ويمكن أن نعتبر السورة استكمالًا لما ورد في نهاية سورة عبس بجانب أنها تشترك مع سورة عبس في توضيح شرف القرآن الكريم.
المراجع