سيرة حياة تميم الداري
سيرة حياة تميم الداري
كان تميم الداري قبل إسلامه، كاهنًا مسيحيًّا، وكان ينتمي إلى بني الدّار وهي إحدى عشائر قبيلة لخم، في فلسطين، وكان أوّل اتّصال له مع الرّسول عليه الصّلاة والسّلام في عام 628 للميلاد، عندما كان على رأس وفد من عشرة أعضاء آخرين من بني الدّار.
قبل هذا اللّقاء كان الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، منح بني الدّار جزءًا من الإيرادات بعد انتصار المسلمين في معركة خيبر، وكان هذا اللّقاء لاستلام تلك الإيرادات، وأسلم تميم، واستقرّ في المدينة المنوّرة.
بعد إسلامه، كان تميم الداري رضي الله عنه، يقدّم العديد من المشورات للرّسول عليه الصّلاة والسّلام، مثل: إنارة المساجد بمصابيح الزّيت؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوّل من أسرج في المسجد تميم الداري.
وهو أوّل راوٍ للقصص الدّينيّة الإسلاميّة، مثل قصص نهاية العالم، والمسيح الدّجال. وهو أوّل من اقترح على الرّسول عليه الصّلاة والسّلام المنبر، فعن ابن عمر أنّ تميم الداري، قال للرّسول صلّى لله عليه وسلّم: ألا اتّخذُ لك منبرًا يا رسول الله يجمع أو يحمل عظامك؟ قال: بلى. فاتّخذ له منبرًا.
قبل وفاة النّبي عليه الصّلاة والسّلام، مُنح الصّحابيّ تميم إقطاعيّة كبيرة جدًا في مدينة الخليل، على الرّغم من أنّ فلسطين في ذلك الوقت، كانت لا تزال تحت السّيطرة البيزنطيّة.
كتب هذا العطاء علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه، وعندما تولّى الخليفة عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه فلسطين، أعطى الداري حصّته في المنطقة، ولم يكن له إلّا بنت واحدة اسمها رقيّة، وورث عنه المنطقة أحفاد شقيقه نعيم.
كان يعمل الداري في جمع ضرائب الأراضي، وفي عام 655 للميلاد، انتقل تميم الداري رضي الله عنه، من المدينة المنوّرة، ليعيش في فلسطين، وتوفيّ في عام 661 للميلاد، ودفن في بلدة بيت جبرين، وهي إحدى قرى الخليل.
موقف من حياة تميم الداري
ظنت زوجته أنّه مات، وتزوّجت غيره، وأُبلغت القضيّة إلى الخليفة عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، وأحالها إلى عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه، الذي قال إن النّبيّ صلى الله عليه وسلّم، قد توقّع كل ما سيحدث لتميم، وترك الزّوجة لتختار بين الزّوجين، وقرّرت العودة إلى تميم.
مواقف من عبادته
كان الصّحابيّ تميم الدّاري كثير العبادة، والصّلاة، وقيام اللّيل، وقراءة القرآن؛ حدّث عنه مسرق بن الأجدع، وهو ثقة، قال: أخبرنا رجل من مكّة أنّه رآى تميم الداري قام ليلة كاملة، أو إلى قٌبيل الصّبح بقليل، وهو يقرأ آية ويبكي ويركع ويسجد، وهي: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} الجاثية: 21.
ورد أيضًا في كتاب شُب الإيمان لأبي بكر البهقيّ أنّ تميم الداري كان يختم القرآن كلّ أسبوع.
وذكر الفقيه صفوان بن سليم أنّ تميم الداري كان قائمًا في المسجد، بعد أن صلّى العشاء، فمرّ على آية: {تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ} المؤمنون: 104، فبقي يُعيدها حتّى أذّن الصّبح.
موقف عن ورعِهِ
يُروى أنّه عندما قرأ تميم الداري آية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} المائدة: 106، قال: برئ النّاس منها غيري وغير عدي بن بداء، وهذه القصّة تعود إلى ما قبل إسلامهما رضي الله عنهما، حيث كان هو وعدي يذهبان في تجارة إلى الشّام، ومرّة جائهما بديل بن أبي مريم وهو مولًى لبني هاشم، وأعطاهما جامًا من فضّة، هو كلُّ ما ربحه من تجارته، والجام هو إناء من الفضّة يوضع فيه الماء أو نحوها “إبريق”.
لكنّه مرض فأوصاهما بإيصاله إلى أهله. فلمّا مات الرّجل باعا الجام بألف درهم واقتسما حقّه، فلمّا ذهبا إلى أهله وسألوهم عن الجام، قالا أنّ لم يترك معهما شيئًا، وأعطيا أهله المال الذي كان معهما، وأنكرا ثمن الجام.
بعد أن أسلم تميم رضي الله عنه، شَعَر بذنبه، وأخبر الرّسول عليه الصّلاة والسّلام ما حدث، وذهب إلى أهل بديل ودفع إليهم خمسمئة درهم، وأخبرهم أنّ لدى عدي مثلها، فأتوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وطلبوا منه بيّنة، وحلّفوه أن يقضي لهم كما يقضي للمسلمين،
فأنزل لله تعالى الآيات من سورة المائدة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ ۚ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۙ وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الْآثِمِينَ (106) فَإِنْ عُثِرَ عَلَىٰ أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ (107) ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَىٰ وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (108).
فقام الصّحابيّ عمرو بن العاص ورجل آخر فحلفا، وأُخذت الخمسمئة درهم من عدي بن بداء.
المراجع
- https://www.revolvy.com/page/Tamim-al%252DDari
- https://www.islamstory.com/ar/artical/34010/%D8%AA%D9%85%D9%8A%D9%85_%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D9%8A