سيرة حياة ابن تيمية

سيرة حياة ابن تيمية

ابن تيمية هو أحمد بن عبد الحليم بن عبد السّلام، ولقبه تقيّ الدّين أبو العبّاس، المعروف بابن تيمية. اخلف العلماء في سبب هذه التّسمية، فمنهم من قال أنّ أحد أسلافه كان ذاهبًا إلى الحجّ عن طريق تيماء، ورأى هناك خادمة خارجة من الخيمة، وعندما عاد إلى بلده، كانت زوجته قد أنجبت فتاة، وعندها قال: يا تيمية، يا تيمية، كأنّها كانت تشبه تلك الخادمة التي رآها في تيماء.

ورواية أخرى تقول أنّ والدة جدّه اسمها تيميّة، ثمّ أصبح يُنادى باسمها. ولد ابن تيمية في حرّان، وهي مدينة قديمة في شبه الجزيرة العربيّة، بين بلاد الشّام والعراق، في العاشر أو الثّاني عشر من شهر ربيع الأوّل، من عام 661 للهجرة، وبسبب احتلال التّتار هرب مع عائلته إلى دمشق.

كان ابن تيمية من عائلة معروفة بالعلم والدّين، ومكانتها عالية، وكان والده وجدّه من ذوي السّمعة الحسنة، وتميّز إخوته أيضًا في الدّين والعلم.

حياته المبكّرة

تمّت تربية ابن تيمية على يد والده، وحصل على المعرفة من علماء عصره، ووجّه انتباهه إلى أعمال العلماء قبل وقته، عن طريق الاطّلاع والحفظ.

كان ابن تيمية قويّ الذّاكرة، وسريع الفهم، وكان صارمًا جدًّا في تقيّده في الوقت، منذ صغره إلى بقيّة حياته، وهذا الالتزام قاده إلى امتلاء حياته بالأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، وكتابة الكتب، والرّسائل، والجهاد، والتّدريس.

كان ابن تيمية قويّ التّأثير والحجج، وعندما كان لا يزال صغيرًا، أسلم على يده يهوديّ، وبدأ بإصدار الأحكام القانونيّة في سنِّ التّاسعة عشر، وبدأ تدريس الحديث عندما كان في الثّانية والعشرين تقريبًا.

تركّزت مصادره الأوّليّة للمعرفة حول علوم متنوعة مثل: التّفسير، وعلوم القرآن، والسّنّة، واللّغة، والرّياضيّات، والتّاريخ، وعلم الفلك، والطّب والهندسة، وكلّ موضوع يتناوله القارئ من كُتُب ابن تيمية، يظنّ كأنّ ابن تيمية متخصّص فيه وحده. وحصل أيضًا على علمه من دراسة الكتب السّتّة وهي: مسند الإمام أحمد، وسنن الدّارمي، ومعجم الطبراني، وعلوم الحديث، وعلوم الحديث وأصوله، وأصول الدّين والطّوائف.

شيوخه

أخذ ابن تيمية معرفته عن عدد كبير من العلماء، يتجاوز عددهم المئتي شيخ، وذكر هو نفسه عددًا منهم، والباقي ذكرته التّراجم، وكان على صلة مباشرة معهم.

من هؤلاء العلماء، أبو العبّاس أحمد بن أحمد المقدسي، أبو نصر عبد العزيز بن عبد المنعم، أبو محمد إسماعيل بن إبراهيم التّنوخي، أبو العباس المؤمّل بن محمد البليسي، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن سليمان العامريّ، أبو الفرج عبد الرّحمن بن سليمان البغداديّ، شرف الدّين المقدسيّ، محمد بن عبد القويّ المقدسيّ، تقيّ الدّين الواسطي إبراهيم بن عليّ الصّالحيّ الحنبليّ، المنجا بن عثمان التّنوخيّ الدّمشقيّ، عمّته ستّ الدّار بنت عبد السّلام بن تيمية.

تلاميذه

كان لدى ابن تيمية عدد لا يحصى من التّلاميذ، والكثير منهم أصبح عالمًا، مثل: ابن قيّم الجوزيّة، وابن كثير، وأحمد بن حسن ابن قاضي الجبل.

الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر

شرح ابن تيمية للنّاس عن أنّ الأضرحة والقبور لا تضرّ ولا تنفع، وأنّ التّبرُّك بها إشراك، وأنّ العديد من القبور التي تمّ تمجيدها، هي في الواقع ليست حتّى لأولئك الذين تعزى إليهم. وقام عن طريق الحجج المنطقية والخطاب الفكريّ والمناظرات، بدحض آراء المؤيّيدين للقبور.

لم يكن ابن تيمية يقتصر على المسلمين في دعوته، وتخليص النّاس ممّا علق بهم من معتقدات لا أصل لها، بل شارك أيضًا في مناظرات مع مسيحيين، وبعضها ذكرها في كتابه الجواب الصّحيح، كما أنّه كتب رسالة إلى ملك قبرص المسيحيّ، يدعوه فيها إلى الإسلام.

اتّخذ ابن تيمية مواقف كثيرة من الصّوفيّة، وكان أحد أشهر معارضيهم، وأوضح أنّ أفعالهم مهما كانت خارقة لا يمكن أن تكون طبيعتهم تختلف عن البشر، مثل مشيهم على النّار وخروجهم دون أذًى.

كان لابن تيمية تأثير في قرارات الحُكّام، مثلًا عندما أصبحت الرّشوة منتشرة في عام 712 للهجرة، وأصبحت جميع الأمور الصّعبة تُحلُّ بها حتّى عقوبة الإعدام، كتب ابن تيمية مرسومًا إلى السّلطان، واستشهد بأدلّة دينيّة ومنطقيّة، بأنّه لا ينبغي منح أيّ منصب أو إلغاء عقوبة الإعدام أو غيرها بالرّشوة، فصدر مرسوم بأنّ القاتل يعاقب وفق الشّريعة الإسلاميّة.

منزلة ابن تيمية

شيخ الإسلام ابن تيمية يحتلّ مكانة عالية بين علماء عصره، ويرجع هذا لعدّة أسباب كقدرته على توضيح الأمور التي كانت غامضة للعلماء الآخرين في عصره، مثل قضية محاربة التّتار، وقضية الثّروة التي تمّ الحصول عليها من بعض طوائف الرّافدة.

في عام 701 للهجرة، جاء يهوديّ من خيبر زاعمًا أنّ لديه رسالة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتي ألغت الجزية التي كان على اليهود أن يدفعوها للمسلمين، وقام ابن تيمية بعرض أكاذيبه وأبطل هذه الحجّة، من وجهة نظر الحديث، والاعتماد على المعرفة التاريخية.

وفاته

توفّي رحمه الله، في العشرين من ذي القعدة من عام 728 للهجرة، في السّجن بسبب مرضه في دمشق، ويعتبر المؤرّخون جنازته من الجنازات النّادرة ويقارننوها بجنازة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله.

المراجع

http://sunnahonline.com/library/biographies/154-taymiyyah

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *