الاسلام في سويسرا
يرتبط الاسلام في سويسرا وجنيف غالبًا، وعلى وجه الخصوص بالأمراء وغيرهم من الشّيوخ الذين يعيشون في القصور الفخمة، ويتنزهون على طول المرفأ تحت ظلال النّوافير، ويتسوّقون من المتاجر الفاخرة، صحيح أنّ هؤلاء الزّائرين الخليجيين موجودون بالفعل، وهم معروفون للغاية، وتُقدّر أعمالهم تقديرًا عظيمًا، إلّا أنّ الجزء الأكبر من السّكّان المسلمين في سويسرا لا علاقة لهم بهم. يُشكّل الاسلام في سويسرا ثاني أكبر ديانة فيها بعد المسيحيّة؛ ففي عام 1990، كان عدد السّكّان المسلمين 152.200، أي ما يُعادل 2.2 ٪ من سكّان سويسرا المقيمين فيها بالفعل، وتطوّر هذا العدد مثير للدّهشة، لأنّ عدد المسلمين في سويسرا في أوائل سبعينات القرن الماضي، كان أقلّ من عشرين ألف مسلم.
المسلمون في سويسرا
تتألّف الجالية المسلمة في سويسرا من عدّة جنسيات، توجد فيها ثقافات ولغات وخصائص إثنية وثقافيّة مختلفة. في عام 1990، كانت الأغلبيّة السّاحقة من المسلمين الأتراك، وكان عددهم حوالي 65.000 شخص أو 42.8٪، من مجموع السُّكّان العامّ، ثمَّ مواطني يوغوسلافيا السّابقة وكان عددهم حوالي 55.000 شخص أو 30.4٪، أمّا المجتمع المسلم من شمال إفريقيا (المغرب، والجزائر، وتونس) يُمثِّل 4٪ من المجتمع ككلٍّ، بينما يُمثّل المجتمع اللّبنانيّ 3.3٪.
يتوزّع المسلمون بالتّساوي في أنحاء سويسرا جميعها، وبشكل رئيسيّ في المراكز الحضريّة الكبيرة، حيث يعيش هناك 73٪ من مجموع المسلمين، وأكبر عدد موجود في كانتونات زيورخ، وأورغاو، وسانت غالن، وبيرن. يعيش 76٪ من المسلمين في سويسرا في المناطق النّاطقة بالألمانيّة، و14٪ في مناطق سويسرا النّاطقة بالفرنسيّة، والتي تتوافق بشكل وثيق مع توزيع السُّكّان المقيمين، يتركّز المجتمع التُّركيّ في أغلبه في المناطق النّاطقة باللّغة الألمانيّة، بينما يعيش معظم مجتمع شمال إفريقيا في سويسرا في المناطق النّاطقة بالفرنسيّة، وينتشر مواطنوا يوغوسلافيا السّابقة في جميع أنحاء سويسرا.
نظرة السّويسريّين تجاه الاسلام
شمل استطلاع من 1003 شخص، حول الاسلام في سويسرا وقال 38% منهم إنّهم يشعرون بتهديد من قبل المسلمين في سويسرا، وهذه النّسبة ضعف النّسبة في الاستطلاع السّابق في عام 2004، وقال المتحدث باسم اتّحاد المنظّمات الإسلاميّة في سويسرا أوندر غنيز: إنّ هذه النّتيجة تُثير قلقًا كبيرًا بين المسلمين في سويسرا.
اعتقد 81٪ من مجموعة الاستطلاع أنّ السّلطات السّويسرية كانت مُتساهلة كثيرًا مع الدُّعاة المسلمين الذين يحرّضون على العنف، واعتقد 76٪ أنّ السّلطات يجب أن تكون قادرة على اعتقال الشّيوخ الذين يُعتبرون خطرين، من دون التّقيُّد بأحكام السّجن المنصوص عليها في القانون الحاليّ.
تزامن الاستطلاع مع انتشار أخبار حول بلدية نييداو السّويسريّة، التي تحاول إقناع إقليم بيرن بطرد إمام ليبيّ كان يُكرّس الكراهية، وبحسب ما ورد من الأخبار، إنّ الواعظ دعا إلى تدمير جميع أعداء الإسلام، بما في ذلك المسيحيّين، واليهود، والهندوس، والرّوس، والشّيعة.
بالإضافة إلى ذلك، فضّل 81٪ حظر السّلفيّة، و83٪ يرغبون في نظام يتطلّب من الأئمّة الحصول على تصريح رسميّ، قبل أن يتمكّنوا من نشر الاسلام في سويسرا كما أنّ 80٪، حبّذوا صياغة القواعد التي تتطلّب من شيوخ الاسلام في سويسرا الاعتراف بالمساواة بين الرّجال والنّساء، والاعتراف بمبدأ الفصل بين الدّولة والدّين.
علاوة على ذلك، اعتقد 65٪ أنّ الدّعوة إلى الاسلام في سويسرا يجب أن تتمَّ بلغة وطنيّة، في حين اعتقد 55٪ أنّ الأئمّة يجب أن يحظوا بالتّدريب في إحدى الجامعات السّويسرية، وأخيراً، كان 60٪ من الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع ضدّ فكرة الاعتراف أنّ الاسلام في سويسرا دين للدّولة.
مراكز الاسلام في سويسرا
منذ عشرين عامًا، لم يكن هناك سوى ثلاثة مساجد في سويسرا، اثنان منها في جنيف، واحدة في زيوريخ، أمّا الآن هناك حوالي 90 مسجدًا، ويشار إليها عمومًا باسم المراكز الثّقافيّة الإسلاميّة، وهي مفتوحة أحيانًا للصّلوات الخمس، وبالتّأكيد مفتوحة لصلاة الجمعة، والزّيادة في عدد المسلمين هي ظاهرة انقسام بين عدّة مجتمعات إسلاميّة، وعدّة مواقف.
يتمُّ توزيع كلٍّ من الأتراك، والبوسنيّين، والألبان في مراكز زيوريخ، مع فروع منتشرة في جميع أنحاء سويسرا، وتتمُّ إدارة هذه المراكز من قِبل وزارة الشّؤون الدّينيّة التّركيّة، من خلال ممثِّل في القنصليّة في زيوريخ، وتتمُّ إدارة عشرين مركزًا آخر من قِبل ميلي غورش، وهو فرع من حزب المعارضة الإسلاميّ السّابق. أمّا الجالية االعربيّة المُسلمة، فتتمُّ إدارتها فيما يُسمّى بالمراكز الرّسميّة، المموّلة جزئيًّا من المملكة العربيّة السّعوديّة، أو من قِبل الإمارات العربيّة المتّحدة، أو من قِبل الإخوان المسلمين.
المسجد المدنيّ في زيوريخ
تمّ إنشاء المسجد في عام 1996، تحت راية الجمعيّة الإسلاميّة السّويسريّة في زيوريخ، وكان الهدف من هذا المسجد هو توفير المرافق الدّينيّة للمجتمع النّاطق بالأورديّة، ولكنّه أصبح لجميع المسلمين الآخرين من مختلف الأصول التي تعيش في سويسرا. تُغطّى نفقات المسجد من خلال التّبرّعات المُقدّمة من مُجتمع الاسلام في سويسرا والتي تجمعها الجمعية الإسلاميّة السّويسريّة غير الرّبحيّة.