الاسلام من وجهة نظر اليهود… رأي اثنين من علماء اليهود في الإسلام

نظرة عامّة على الاسلام من وجهة نظر اليهود

يُشكّل الاسلام من وجهة نظر اليهود تحدّيًا لم تكن قد واجهته الدّيانة اليهوديّة من قبل، ولكنّ سوء الفهم تجاه الاسلام من وجهة نظر اليهود لم يحصل أبدًا، ولم تختلط صورة الكعبة بصورة الأصنام التي كان يعبدها العرب في الجاهليّة قبل الإسلام، برغم أنّ فكرة الكعبة كصنم للمسلمين كانت سائدة بين اليهود، ولكن مع مرور الوقت، تعزّز الموقف بين علماء اليهود على أنّ الإسلام لم يكن عبادة للأصنام، وذلك بسبب فهم أكبر لليهود لشخصيّة الإسلام الحقيقيّة، وبالطّبع، حتّى في السّنوات الأولى من انتشار الإسلام، كان هناك الكثير ممّن رفضوا اعتبار الإسلام شكلًا من أشكال عبادة الأصنام.

نظرة سريعة على وضع اليهود في ظلِّ الحكم الإسلاميّ

لفترة طويلة كان اليهود موجودين في الجزيرة العربيّة، وكانوا يعيشون في جنوب وشمال حِميَر والحجاز، وعندما بُعث النّبيُّ محمد صلى الله عليه وسلّم، وهاجر إلى المدينة، قام بوضع دستور جديد للمدينة المنوّرة، وعلى إثره عاش المسلمون واليهود معًا، كلٌّ على دينه.

حافظ الإسلام على الوضع القانونيّ لليهود، على الرّغم من الاشتباكات بين القبائل اليهوديّة وجيش النّبي محمد صلى الله عليه وسلّم، لأنّ القرآن الكريم يعترف بالدّين اليهوديّ. في عهد الخليفة عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، كان وضع الأقلّيّات خاصًّا، ومنح شروطًا لحماية المسيحيّين واليهود، وسُمح لأهل الكتاب بامتلاك عقارات، وبممارسة شعائرهم الدّينيّة والانخراط في التّجارة.

بين الأعوام 622 و732 للميلاد، كان تأثير الإسلام كبيرًا على العالم، وانتشر العرب في أراضٍ واسعة تمتدُّ من إيران إلى إسبانيا، والمغرب، ومن شمال سوريا، إلى الطّرف الجنوبيّ من شبه الجزيرة العربيّة. واستمرّت هيمنة الإسلام في المناطق ذات العدد الكبير من السّكّان اليهود دون انقطاع حتّى العصر الحديث، حيث تمّ الحفاظ على نظام وطريقة الحياة التّقليديّة اليهوديّة، وظلّت العلاقات بين المسلمين واليهود مُتشابه مع تلك التي أدخلتها الأجيال الأولى بعد الفتح الإسلاميّ.

رأي موسى بن ميمون بالإسلام

موسى بن ميمون هو أحد عظماء اليهود في العصور الوسطى، ولد في مدينة قرطبة، وكان والده أحد أكابر العلماء وهو الطّبيب والقاضي ميمون بن يوسف، وكان يُعرف بين النّاس باسم موسى بن ميمون، أو بلقبه الميمونيّ، وبرع موسى في العديد من العلوم في زمنه، وهو يُقدّم إحدى وجهات النّظر عن الاسلام من وجهة نظر اليهود ويقول:

على الرّغم من وجهة النّظر السّائدة عن الاسلام من وجهة نظر اليهود في زمنه، والقائلة بأنّ الإسلام بدعة، وأنّ المسلمين لا يُعتبروا مشركين، إلّا أنّ هذا لم يمنع موسى بن ميمون من النّظر إلى الإسلام بصورة إيجابيّة، بالإضافة إلى نظرته الإيجابيّة عن المسيحيّة، وهذه الصّورة هي أنّه على الرّغم من أنّ الإسلام والمسيحيّة على حدٍّ سواء على خطأ، إلّا أنّهما لا يزال لديهما بعض القيمة، المتمثّلة في أنّهما يُعدّان العالم في نهاية المطاف لقبول الدّين الحقيقيّ، وهو الدّين اليهوديّ، وكان واضحًا من عدم مجادلته الكثيرة للإسلام على أنّه كان يقبل عقيدة التّوحيد الإسلاميّة.

رأي موسى بن ميمون بالإسلام
رأي موسى بن ميمون بالإسلام

رسائل الاضطهاد

ومن المهم أيضًا لفهم وجهة نظر الميمونيّ عن الإسلام، قراءة رسالته المعروفة جيّدًا (رسائل الاضطهاد) التي كتبها في عام 1165، عندما كان لا يزال مقيمًا في فاس، وهي موجهة إلى سكّان المغرب، الذين كانوا مُخيّرين بين الدّخول في الإسلام، أو النّفي، من قِبل دولة الموحّدين، التي حكمت إسبانيا والمغرب في القرن الثّاني عشر والثّالث عشر.

في ذلك الوقت أصدر عالم مجهول كان يعيش خارج نطاق دولة الموحّدين، حكمًا بأنّ الإسلام كان عبادة وثنيّة، ولذلك يجب على المرء أن يتخلّى عن حياته بدلًا من أن يعتنق الإسلام، وإذا حصل واعتنق أحد الإسلام، فلا بد من معاملته على أنّه لا يختلف عن المرتدّ الحقيقيّ عن اليهوديّة. لقد خلق هذا الحُكم نوعًا من الاضطراب بين اليهود في المغرب، وكانت ردّة الفعل على هذا الارتباك، الرّسالة التي كتبها موسى بن ميمون، والتي كانت دفاعًا رائعًا عن الجماعة اليهوديّة التي أُجبرت على إخفاء دينها بسبب الاضطهاد.

وجهة نظر الحاخام نسيم جروندي

تقبّلت جميع الجهات فكرة الاسلام من وجهة نظر اليهود بأنّه ليس دينًا وثنيًّا، وهي فكرة موسى بن ميمون، ولكن في الاتّجاه المعاكس تمامًا، في تعليق من القرون الوسطى نُسب خطأً إلى الحكيم الشّهير، الحاخام نسيم جروندي (1310‑1375)، ولكنه في الواقع تبيّن أنّه لأحد الباحثين المجهولين فيما بعد، وهو رأيٌ مروّع يقول بأنّ المسيحيّين ينحنون للأصنام المقدّسة، والمسلمين ينحنون لمحمد عليه الصّلاة والسّلام، وهذا تعليق خاطئ تمامًا حيث يصوّر المسلمين يعبدون محمد عليه الصّلاة والسّلام بدلًا من الله سبحانه وتعالى، ويُساوي الإسلام بعبادة الأصنام، وبالتّالي يضع المسلمين في فئة المشركين، وهذا انحراف خاطئ جدًّا في الفهم، حتّى في فهم نظريّات موسى بن ميمون، التي يُعلن فيها بشكل لا لبس فيه أنّ الإسلام بعيد تمامًا عن عبادة الأصنام.

وجهة نظر الحاخام نسيم جروندي

 

Exit mobile version