الاسلام في ليتوانيا بشكل عامٍّ
انتشر الاسلام في ليتوانيا قبل العديد من الدّول الأوروبيّة الأخرى، عندما جلب الدوق فيتوتاس الكبير التّتار المسلمين من أقصى حدود الجنوب للدّفاع عن فيلنيوس والبلد، وكان هذا في القرن الخامس عشر. يوجد في ليتوانيا ثلاثة مساجد، واثنين قريبين من فيلنيوس عاصمة ليتوانيا.
جلب القرن العشرين المسلمين الجدد إلى ليتوانيا، أولًا من الاتّحاد السّوفييتيّ وبعد الاستقلال، جاءوا من الأراضي المضطربة في الشّرق الأوسط وإفريقيا، وعدد هؤلاء المسلمون الجدد يفوق مجتمع التّتار التّقليديّ، ولكن إلى الآن لا يوجد أيّ مسجد في فيلنيوس منذ أن هدم السّوفييت، مسجد التّتار الخشبيّ القديم الذي كان حتى عام 1968 موجود في حيّ لوكيسكوس القديم.
كانت ممارسة الاسلام في ليتوانيا صعبة جدًّا في ظلِّ الاتّحاد السّوفييتيّ بسبب إغلاق مُعظم المساجد، وبالكاد كان يُمكن الوصول إلى الحجّ، أو قراءة القرآن، وعندما أعاد الاستقلال في عام 1990 الحرّيّة الدّينيّة، ظهر الاسلام في ليتوانيا في المجتمع من جديد، وكان هناك ما يقرب من 3000 مسلم في ليتوانيا خلال تعداد عام 2001، أي حولي 0.1% من السّكّان، ويتّبع الاسلام في ليتونيا المذهب الحنفيّ.
حال المسلمين حاليًّا في ليتوانيا
إنّ صورة الاسلام في ليتوانيا لا تختلف عن الصّورة النّمطيّة المرّة في بعض البلدان، ولا يُخفي المسلمون المرارة التي يعيشونها نتيجة التّحيُّز الذي يواجهونه من قِبل المجتمع، ووفقًا لاستطلاع الرّأي الذي أجراه معهد الدّراسات الإثنيّة في ليتوانيا في عام 2015، فإنّ المسلمين في ليتوانيا هم إحدى أقلّ مجموعات المجتمع استحسانًا، مثل الغجر، والسّجناء السّابقين، والأشخاص الذين يعانون من أمراض عقليّة، والمثليين جنسيًّا، أو الشّيشانيين.
تُشير نتائج الدّراسة إلى أنّ ثُلث اللّيتوانيين يرفضون تأجير منازلهم للمسلمين، أو يرفضون العيش في الحيٍّ الإسلامي، وحوالي خُمس السّكّان لا يرغبون في العمل مع المسلمين في المكان نفسه، وتتساءل إحدى المُسلمات منذ إثنتي عشر سنة، عن سبب عدم تقبُّل المجتمع اللّيتوانيّ للمسلمين، ولا يُسمح للمسلمين بشرح وجهة نظر الاسلام في ليتوانيا لأنّه ممنوع، وقد يجد البعض أنّ نتائج هذه الدّراسة مبالغٌ فيها، ولكنّ متابعة الرّأي العامَّ السّائد تؤكّد هذه النّتائج.
في أحد المواقع الإخباريّة تمّ طرح سؤال حول بناء مسجد في العاصمة فيلنيوس أم لا؟ وكانت الرّدود مُشابهة للاستفتاء السّباق، حيث لم يعرف الكثيرون ما هو المسجد؟ ويجب أن يُصلّي الميلمون في بيوتهم، ويجب أن يُهدم مسجد عندما يحدث أيُّ عمل إرهابي حتّى لو كان خارج ليتوانيا، ووصف البعض المسلمين بأنّهم مثل الحيوانات، ويصفون الحجاب بألفاظ غريبة. عندما يتحوّل أحد إلى الاسلام في ليتوانيا فمن المُحتمل كثيرًا أن يفقد روابطه الاجتماعيّة جميعها، باستثناء الرّوابط القويّة، وهذه الحالات فيما نَدر.
المساجد في ليتوانيا
تُغلق المساجد في ليتوانيا في أيّام الأسبوع، وتُفتح فقط يوم الجُمعة، وفيما يلي ثلاثة مساجد ليتوانيّة:
المسجد الرّيعانيّ
يوجد في مسجد الرّيعانيّ أقدم منبر في ليتوانيا منذ عام 1686، ويرجع تاريخ بناء هذا المسجد الخشبيّ الذي يحتوي على مئذنة على سطحه، إلى عام 1889، وكان هو الوحيد الذي تُرك مفتوحًا خلال الاحتلال السّوفييتي، مما جعل قرية التّتار القديمة الصّغيرة نوعًا ما عاصمة ليتوانيا الإسلاميّة.
مسجد التّتار الأربعون
إنّه مسجد خشبيٌّ بسيط في إحدى ضواحي فيلنيوس، واسم القرية التّتار الأربعون، وتمّ تأسيسها في عام 1397، من قِبل مُسلمين استُأجروا للدّفاع عن العاصمة ليتوانيا، وبرغم أنّ نسبة المسحيين تتجاوز 75%، إلّا أنّ التّراث الإسلاميّ يذكره التّاريخ هُنا، ويحتوي مسجد التّتار الأربعين على ثلاثة مقابر إسلاميّة قديمة، ويُعتقد أنّ أقدم شواهد قبور منقوشة، يعود تاريخها في أقلِّ تقدير للقرن الرّابع عشر، وتعود أقدم الشّواهد الباقية إلى القرن السّابع عشر.
مسجد كاوناس
تمتزج العمارة العربيّة وفن الزّخرفة الفرنسيّة في هذا المسجد، وأنشئ للمسلمين التّتار الذين أتوا من قُراهم النّائية، لحماية العصمة المؤقّتة كاوناس، واحتفلت الحكومة بمرور 500 عام على وفاة الدّوق فيتوتاس الكبير، الذي يرجع إليه الفضل في جلب المسلمين إلى ليتوانيا، وسُمِّي المسجد باسم فيتاوتاس، ومن المثير للاهتمام أن هذا يجعل من فيتاوتاس اسمًا لكنيسة ومسجد. يُعتبر مسجد كاوناس الآن المسجد الأكثر شعبيّة في ليتوانيا، وقد دمّر السّوفييت للأسف المقبرة الإسلاميّة القريبة منه.
مئذنة كيدايناي
مئذنة كيدايناي أحد المعالم التي تدلُّ على الاسلام في ليتوانيا في إحدى فتراته، وهي المئذنة الوحيدة في ليتوانيا من دون مسجد، وبُنيت من قِبل مالك قصر محلّيّ، حارب في حرب القرم، واستوحى تصميمها من العمارة الإسلاميّة، ونقش عليها جزءًا من آية الكرسي: ( وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ )، ويوجد لوحة أخرى لا علاقة لها بالإسلام، من المُحتمل أنّه نهبها من قصر عثمانيّ.