الاسلام في موزمبيق قبل الاستعمار البرتغاليّ
إنّ البيانات التّاريخيّة فيما يخصُّ الاسلام في موزمبيق أو المسلمين في موزمبيق قبل القرن السّادس عشر نادرة جدًّا، ولم يكن البحث منهجيًّا أو شاملًا، ولكنّ الأدلّة الثيولوجيّة تشير إلى أنّه على الأقل في القرن الثّامن، كانت منطقة السّاحل الشّماليّ في موزمبيق جزءًا من العالم السّواحليّ، ومن ثمّ على الأرجح انتشرت مفاهيم وممارسات دينيّة إسلاميّة مشتركة مع اللّغة السّواحيليّة.
الاسلام في موزمبيق زمن وصول البرتغاليين
تشهد السّجلّات البرتغاليّة منذ القرن السّادس عشر وما بعده، بشكل لا لبس فيه على التّقارب بين شمال موزمبيق وساحل شرق إفريقيا، وجزر القمر إلى حدٍّ ما، وشمال مدغشقر، ويدعم هذا القرب فكرة الاسلام في موزمبيق وتحديدًا في شمال موزمبيق ومنطقة السّواحل، على الرغم من عدم وجود بحوث كافية للفترة السّابقة للقرن التّاسع عشر، إلّا أنّه عندما وصل فاسكو دا غاما عام 1498، ذكر أنّ جزيرة موزمبيق كان يحكمها شيخ، وكان خاضعًا لسلطان كيلوا.
في عام 1505 استولى البرتغاليون على جزيرة موزمبيق، وفي وسط موزمبيق وجزيرة (إنهامبانس) التي تقع في الجنوب، كانوا تحت الحكم الإسلاميّ السّواحيليّ. حاول البرتغاليون القضاء على الحكم السّواحيليّ في وسط موزمبيق، ولكنّها استمرّت بالازدهار في الجزء الشّمالي من البلاد، وخاصة على السّاحل الممتدّ من بيبان إلى بالما.
بعد المواجهات الأوّليّة مع المسلمين، لم يتّبع البرتغاليون أيّ جهود متضافرة للتّدخل في الشّؤون الدّينيّة الدّاخليّة في المنطقة، كان هناك ارتباط بين الإسلام والعشائر السّواحيليّة الحاكمة، وعلى وجه الخصوص، ما يسمى بالشيرازيّة، الذين حافظوا على السيطرة على الاسلام في موزمبيق وكان لديهم علاقات اقتصادية قويّة، وعلاقات قرابة مع العالم السّواحيليّ، حتّى أنّ التّبشير الكاثوليكيّ لم يكن منتشرًا في موزمبيق.
الاسلام في موزمبيق وتجارة الرّقيق
خلال القرنين الثّامن عشر والتّاسع عشر، انخرطت منطقة شمال موزمبيق وخاصّة السّواحيليّة في التّجارة الدّوليّة بالعاج والعبيد؛ بسبب موقعها بالقرب من الموانئ التي تعمل كمنافذ لتصدير العبيد، وكانت تقوم بدور الوسيط بين مورّدي الرّقيق في إفريقيا ومشتري الرّقيق القادمين من جميع أنحاء العالم، وفي هذه الظّروف، توسّع الاسلام في موزمبيق وتأثيره السّياسيّ لبعض السّواحيليّة.
المسلمون والاحتلال البرتغاليّ الفعليّ
منذ عام 1895 إلى أوائل القرن العشرين، شنّ البرتغاليون حملات عسكريّة للاحتلال الفعليّ، نتيجة التّدافع الأوروبيّ من أجل إفريقيا، بالإضافة إلى مؤتمر برلين 1884-1885، والاقتراح البريطانيّ لعام 1890 بشأن الحدود المستقبليّة بين البرتغاليين والبريطانيين في إفريقيا، حملَت هذه الحملات غزو الأراضي الإفريقيّة عسكريًّا، مع السّيطرة الإداريّة والسّياسيّة الشّديدة عليها، وترسيم الحدود بين البرتغال وبريطانيا وألمانيا.
في هذه الظّروف المُتأزّمة، كان يدور في شمال موزمبيق أمران مُهمّان فيما يتعلّق بانتشار الاسلام في موزمبيق أوّلهما هي الطّريقة الشّاذليّة التي انتشرت في ياشروتيا في عام 1897، وجاء بها الشّيخ محمد معروف بن شيخ أحمد بن أبي بكر (1853-1905) من جزر القمر، والذي كان مؤسّس النّظام في شرق إفريقيا، وثانيهما الطّريقة القادريّة، وتمّ جلبها إلى إلى جزيرة موزامبيق في عام 1905 (أو 1904) من قِبَل الشّيخ عيسى بن أحمد، المقيم في زنجبار، والذي كان في الأصل من نجازيدجا من جزر القمر، وكان تلميذًا للشّيخ عمر عويس بن محمد البراوي (1847-1909)، مؤسّس النّظام في شرق إفريقيا.
أدّت هاتين الحركتين الجديدتين إلى تحوّلات كبيرة في مفاهيم الاسلام في موزمبيق وكانت على النّقيض من سلطة الحكّام المسلمين القدامى، ولكنّها لم تتدخّل في السّلطة الوراثيّة والشّرعيّة لزعماء القبائل الإفريقيّة، أو العائلات الشّيرازية، وتمكّنت الفرق المحلّيّة من محاربة الفساد، وتمكّنت من تخصيص سلطة إسلاميّة ساهمت بشكل كبير في توسّع الاسلام في موزمبيق بشكل ملحوظ خلال النّصف الأوّل من القرن العشرين.
الاسلام في موزمبيق بعد انتهاء الاستعمار
خلال السّنوات الأولى التي تلت الاستقلال، لا سيما في عام 1977، تبنّى فريليمو الماركسيّة وما يسمى بالاشتراكيّة العلميّة، وسعى إلى القضاء على مجموعة واسعة من الممارسات والمعتقدات الاجتماعيّة، التي اعتبرت ظلاميّة، ومتخلّفة ومناقضة للحداثة، وتمّ تعريف الدّين على أنّه عنصر ظلاميّ، وحظرت الحكومة التّعاليم الدّينيّة من المدارس، بالإضافة إلى المؤسسّات الدّينيّة، واضطهدت القادة الدّينيين، وعانى المسلمون كثيرًا. في عام 1981، قرر فريليمو إعادة النّظر في مواقفه تجاه الاسلام في موزمبيق وإنشاء منظّمة وطنيّة إسلاميّة، وتمّ تنفيذ هذا القرار من قِبل المنظّمة الإسلاميّة الدّوليّة غير الحكوميّة التي تتخذ من السّعوديّة مقرًّا لها.
رابطة العالم الإسلامي في موزمبيق
تمّ تأسيس المجلس الإسلاميّ في موزمبيق، في اجتماع بين الحكومة ومجموعة من الأئمّة، في عام 1981، وعقد هذا الاجتماع أبو بكر إسماعيل مانجيرا، وكان معظم المسلمين مُنظّمين أصلًا في فترة الاستعمار، انتخب الاجتماع مانجيرا كمنسّقٍ مشارك، وهو أوّل أمين وطنيّ للمجلس الإسلاميّ فيما بعد، وفي كانون الأول 1982، غيّر فريليمو سياسته بشكل جذريّ تجاه الاسلام في موزمبيق بشكل عامّ.