نظرة عامّة على الاسلام في كينيا
لا يُشكِّل الاسلام في كينيا نسبة كبيرة من السُّكّان، فالمسلمون في كينيا حوالي 4.3، أي ما يُساوي أكثر من عشرة في المئة بقليل من المجموع الكُلّيّ للسّكّان في كينيا، ويُشكّلون حوالي ثلاثين في المئة من مجموع سكّان المناطق السّاحليّة، تتمركز مجموعات كبيرة من المسلمين الكينيّين في مقاطعة السّاحل، والمنطقة الشّماليّة الشّرقيّة، والعاصمة نيروبي، لا سيما في حيّ إيستلي. يعود أصل المسلمين في كينيا في المقام الأوّل إلى السّواحليّة أو الصّوماليّة، بالإضافة إلى أنّ هناك مجموعات عربيّة وآسيويّة كبيرة، غالبيّتهم من الهند والباكستان.
ممارسة الاسلام في كينيا
بالإضافة إلى اختلاف الأعراق بين المسلمين في كينيا، هناك اختلافات جوهريّة في أنواع الاسلام التي يُمارسونها، ويُقسّم الباحث بيورن مولر طوائف الاسلام في كينيا على النّحو التّالي:
- ينتمي غالبيّة المسلمين الكينيّين الأصليّين إلى الصّوفيّة، وأغلب انتشارها في المناطق الرّيفيّة.
- ينتمي المسلمون المحافظون والإصلاحيّون إلى المدن، وفي المناطق التي يسكنها الكينيّيون العرب، وهم مجموعة أساسيّة في كينيا.
- الطّائفة السُّنّيّة تنتشر بين الكينيّين الآسيويّين.
- عدد صغير من الطّائفة الشّيعيّة أيضًا بين الكينيّين الآسيويّين.
- طائفة الأحمديّة الصّغيرة، ولا يتجاوز عددهم بضعة آلاف، وهي التي كانت مسؤولة عن التّرجمة الأولى للقرآن الكريم إلى اللّغة السّواحليّة.
تاريخ الاسلام في كينيا
استقرّ المسلمون في جزيرة بات، وهي جزء من أرخبيل لامو، في مقاطعة السّاحل، منذ مبكّر من القرن الثّامن، ونما هذا الوجود بشكل كبير خلال القرن الثّاني عشر؛ حيث ازدادت التّجارة في المحيط الهنديّ بشكل عامّ، وعلى طول ساحل شرق إفريقيا بشكل خاصّ، جاء المسلمون الأوائل بداية من عُمان واليمن وإيران، حيث أسسوا مجتمعات على طول السّاحل الصّوماليّ، ولامو، ومومباسا، وزنجبار، ومناطق ساحليّة أخرى في شرق إفريقيا.
ومع تطوّر العلاقات بين المسلمين والسّكّان الأصليّين، وزواجهم من بعضهم البعض، تطوّرت الثّقافة السّواحلية بمرور الوقت، وأصبح الإسلام جوهر الثّقافة السّواحليّة، ولكنّ الثّقافة تأثّرت أيضًا بالعديد من الجوانب التّقليديّة للمعتقدات الدّينيّة الإفريقيّة الأصليّة التي كانت سائدة في وقتها، وما زالت إلى الآن.
أصبحت لامو ومومباسا المناطق الرّئيسيّة للتّعليم الإسلاميّ، والمنح الدّراسيّة في كينيا، وظلّت الثّقافة السّواحليّة والإسلاميّة، محصورة إلى حدٍّ كبير في المناطق السّاحليّة حيث ازدهرت التّجارة، على الرّغم من ذلك كان للإسلام موطئ قدم في العاصمة نيروبي، وكان من بين المسلمين سادة، وقد مُنحوا سلطة كبيرة داخل المجتمع المُسلم، إلّا أنّ هذه السّلطة كانت موضع تحدٍّ خلال القرن العشرين، وما زالت سببًا للخلاف بين الجماعات الإسلاميّة المختلفة اليوم.
مع نهاية القرن التّاسع عشر وبداية القرن العشرين، استعمرت الإمبراطوريّة البريطانيّة الأراضي التي تُعتبر كينيا اليوم، وتمّ تأجير الجزء الدّاخليّ من كينيا لشركة إمبريال البريطانية بشرق إفريقيا في عام 1888، وأصبحت محميّة رسميّة في عام 1895، ثُمَّ مستعمرة في عام 1920، ولكنّ المنطقة السّاحليّة ظلّت منطقة مُسلمة، وكان هُناك اختلاف عمليٌّ بسيط حول أن تكون محميّة أم مُستعمرة.
حال الاسلام في كينيا أثناء الاستعمار البريطانيّ
صنّف البريطانيون النّاس من النّاحية الإدارية، على أنّهم مواطنون أصليّيون أم غير أصليّين، وقدموا امتيازات مختلفة لكلّ منهم، وكانت هناك معاملة تفضيليّة لفئة دون الأخرى، ولم يتماشى السّواحليّون بسهولة مع أيّ من هاتين الفئتين، واحتلّ معظمهم الموقف المتمثّل في عدم وجود هويّة قبليّة إفريقيّة معترف بها، ولم يعترفوا بالوضع القانونيّ الأعلى لغير المواطنين.
بحلول نهاية الحقبة الاستعماريّة، ساهم هذا الموقف الغامض في إدراك السّواحليّين على أنّهم أفارقة تمامًا، أو كينيّيون على حدٍّ سواء، ولا يزال تراث ذلك التّقسيم حتّى اليوم؛ حيث لا يزال العديد من الكينيّين المعاصرين ينظرون إلى المسلمين كأجانب أكثر من كونهم كينيّين أصليّين.
من الممارسات الاستعماريّة الأخرى التي عملت على إقصاء المسلمين من المجتمع هو تقديم المسيحيّة والمعاملة الخاصة لها، يقول المؤلّف عبد الله بوجرة: إنّ المسيحيّة أصبحت هي السّائدة في كينيّا، وطوّرت الثّقافة الغربيّة بشكل عامّ هذه الأفضليّة من خلال النّظام المدرسيّ، ومن خلال أمثلة وضعها المسؤولون الاستعماريون والمستوطنون البريطانيون، وأصبح الاسلام في كينيا معزولًا ثقافيًّا مع تأسيس الكنيسة المسيحيّة، ونظام التّعليم الغربيّ في بقيّة البلاد.
حال الاسلام في كينيا بعد الاستعمار البريطانيّ
لم يكن تميّيز المسيحيّة فقط من ساهم في تشويه صورة الاسلام في كينيا حيث يقول عبد الله بوجرة: من خلال أنشطة الكنيسة والتّعليم، وبعد ذلك من خلال التّعليم والإعلام الاستعماريّ، قامت كلٌّ من الكنيسة، والإدارة الاستعماريّة، والجماعات الأوروبيّة المستوطنة، بنشر معلومات مضلّلة ودعائيّة قويّة مناهضة للعرب ومعادية للإسلام، ومن ثمَّ توقّفت التّأثيرات السّياسيّة السّواحليّة العربيّة بشكل أساسي في كينيا، ولم يتمّ معالجة هذا الوضع إلى الآن، وما يزال هناك شكاوٍ مُستمرّة من مُسلمي كينيا على هذا الوضع.
المراجع
https://ndupress.ndu.edu/Media/News/Article/607564/islamic-radicalization-in-kenya/