انتشار الاسلام في بنغلاديش
بدأ التحوّل الكُلّيّ إلى الاسلام في بنغلاديش في القرن الثّالث عشر، واستمرّ على مدى مئات السّنين، وكان هذا التّحوّل جماعيًّا أكثر من كونه فرديًّا، أو بين جماعات قليلة. على الرّغم من أنّ الهندوس الفرديين أصبحوا منبوذين لأيّ سبب تقريبًا في كثير من الأحيان من قِبل المسلمين، إلّا أنّ المساواة الإسلاميّة، ولا سيما المثل العليا للمساواة، والأخوّة، والعدالة الاجتماعية، ساهمت في جذب العديد من البوذيين والطّبقات الدّنيا من الهندوس إلى الإسلام، وكان المسؤول عن إسلام هذه الفئات المبشّرون المسلمون والمتصوفة، الذين قد اعتُبِر بعضهم فيما بعد قدّيسين، وكانوا يعرفون عادة باسم الأقران في بنغلاديش، وكانوا يتجوّلون في القرى والمدن، ويدعون النّاس إلى الإسلام.
المسلمون في بنغلاديش
معظم أتباع الاسلام في بنغلاديش من الطّائفة السُّنّيّة، ويوجد القليل من الطّائفة الشّيعيّة، ومُعظم الشّيعة يقيمون في المناطق الحضريّة، على الرّغم من أنّ الطّائفة الشّيعيّة قليلة العدد، إلّا أنّ تقاليدهم منتشرة على نطاق واسع بين المسلمين السُّنّة، مثل ذكرى عاشوراء.
الصّوفيّة في بنغلاديش
بالنّسبة للتّقاليد الصّوفيّة الإسلاميّة، يبدو وجودها مُبكّرًا جدًّا في الإسلام، وأصبحت في الأساس حركة شعبيّة تؤكّد على محبة الله بدلاً من الخوف منه، تُشدّد الصّوفيّة على الولاء الشّخصيّ المباشر وغير المنظَّم إلى الله، بدلًا من التَّقيُّد الشّعائري بالدّين.
من المعتقدات الهامّة في التّقاليد الصّوفية أنّ المؤمن العاديّ قد يستخدم أدلّة روحيّة في سعيه وراء الحقيقة، ويُطلع مصطلح (البير) الذي يجمع بين المعلِّم والقدّيس، على شيوخ الصّوفيّة في بنغلاديش. لطالما كانت العلاقة متوتّرة بين العلماء المسلمين، وعلماء الصّوفيّة، وكلُّ مجموعة تُدافع عن طقوسها على أنّها الطّريقة الصّحيحة للعبادة، وفي بنغلاديش كانت هناك جهود دوريّة للتّوفيق بين النّهجين. على مرّ العصور، استوحى العديد من العلماء الموهوبين والشّعراء العديد من الأفكار الصّوفيّة ،على الرّغم من أنّهم ليسوا معتنقين لها فعليًّا.
المعلّمون الصّوفيون
كان المعلّمون الصّوفيون العامل الوحيد الأكثر أهمّيّة في تحويل جنوب آسيا إلى الإسلام، لا سيما نشر الاسلام في بنغلاديش، ويتأثّر معظم المسلمين في بنغلاديش إلى حدٍّ ما بالصّوفيّة، وينطوي هذا التّأثُّر على حضور الاحتفالات بين الحين والآخر بدلًا من الانتماء الرّسميّ للصّوفيّة، والصّوفيون مشهورون في جميع القُرى، يتمُّ استخدام مصطلح “فاكر أو بير” بشكل تبادليّ، ولكن بشكل عامّ يُشير الأوّل إلى رجل مقدّس، والآخر إلى المرشد، وهو رجل مقدّس حققّ مستوًى أعلى من الرّوحانيّة، وفي بعض المناطق يفوق عدد المقامات المقدّسة عدد المساجد.
تطبيق الاسلام في بنغلاديش
القانون في بنغلاديش مدنيّ بريطانيّ مُعدَّل، ولا يوجد محاكم شرعيّة رسميّة، إلّا أنّ معظم الزّيجات الإسلاميّة يرأسها قاضٍ، وهو قاض مسلم تقليديّ، يتمّ طلب مشورته أيضًا بشأن مسائل قانون الأحوال الشّخصيّة الإسلاميّة، مثل الميراث، والطّلاق، وإدارة الأوقاف الدّينيّة.
دور علماء الاسلام في بنغلاديش
في أواخر الثّمانينات من القرن الماضي، كان علماء الاسلام في بنغلاديش لا يزالون ينظرون إلى وظيفتهم على أنّها تدريس وحِفظ طريقة الحياة الإسلاميّة ضدَّ التّحدّيات الخارجيّة، وخاصّة من الأفكار الاجتماعيّة والسّياسيّة الحديثة القائمة على التّقاليد المسيحيّة أو الشّيوعيّة، وكان ينظر علماء الاسلام في بنغلاديش إلى أيّ جهد للحداثة باعتباره تهديدًا للقيم والمؤسّسات الدّينية الأساسيّة؛ لذلك، كان العلماء معارضين دائمًا لأيّ حلٍّ وسط في مسائل الشّريعة الإسلاميّة.
كان يُحاول العديد من علماء الاسلام في بنغلاديش دولة دينيّة إسلاميّة، وشاركوا بعمق في النّشاط السّياسيّ من خلال العديد من الأحزاب السّياسيّة، وتركّزت جهودهم على المُثل الاجتماعيّة والسّياسيّة الحقيقيّة للإسلام، وإزالة جميع التّقاليد غير الإسلاميّة، بشكل جذريّ، وقد اجتذبوا العديد من خريجيّ الكلّيّات والجامعات، الذين وجدوا أنّ الحركة عاطفيّة، وطريقة عمليّة للتّعامل مع الضّيق الاجتماعيّ والسّياسيّ المستشري في بنغلاديش.
التّقاليد التي علقت بتقاليد الاسلام في بنغلاديش
هناك عدد من التّقاليد التي امتزجت بتقاليد الاسلام في بنغلاديش وخاصّة في جنوب آسيا، وقد خضع العديد منها إلى الإصلاح عبر السّنين، على سبيل المثال ذكرى الاحتفال بوفاة (البير) سنويًّا، ويسود اعتقاد شائع بأنّ ذكرى وفاته مناسبة خاصّة لطلب الشّفاعة، وتتشابه هذه الاحتفالات مع الاحتفالات الهندوسيّة، في الشّكل والمضمون، ويحضُر هذه الاحتفالات أعداد كبيرة من المسلمين، ومع كُلِّ الحركات الإصلحيّة للتّخلُّص من هذه العادة، إلّا أنّها بقيت منتشرة كثيرًا حتّى ثمانينات القرن الماضي.
من التّأثيرات الهندوسيّة الأخرى على مظاهر احتفالات الاسلام في بنغلاديش هي إضاءة المنازل للاحتفال بمهرجان ليلة النّصف من شعبان، وهو عرفٌ مستمدٌّ من الممارسات الهندوسيّة في عيد ديوالي (مهرجان الأضواء)، وكثيرًا ما يفشل القرويون في التّمييز بين الاحتفالات الهندوسيّة والإسلاميّة. بعد العام 1971 ازداد دور الحكومة في الحياة الدّينيّة في بنغلاديش، وقدّمت وزارة الشّؤون الدّينيّة دعمًا ومساعدات ماليّة للمؤسّسات الدّينيّة، بما في ذلك المساجد وأراضي الصلاة الجماعيّة.