انتشار الاسلام في سريلانكا
انتشر الاسلام في سريلانكا عن طريق التّجارة البحريّة، لأنّه بعد فترة وجيزة جدًّا من ميلاد الإسلام في الجزيرة العربيّة، اعتنق الفرس الدّين الإسلاميّ، وتُعتبر بلاد فارس إلى جانب بلاد العرب أقرب التّجّار المسلمين في المحيط الهنديّ، وتمّ تحديد الموقع والأهمّيّة النّسبيّة للعديد من المراكز التّجاريّة إلى حدٍّ كبير بواسطة نظام الرّياح في المحيط الهنديّ، ولم يكن من الممكن السّفر من الخليج الفارسيّ إلى سومطرة بمساعدة الرّياح الموسميّة المفردة، لذلك كان على السّفن أن تنتقل بالرّحلة إلى السّواحل الهنديّة أو السّريلانكيّة.
تُشير الأدلّة المُقدّمة من مختلف المستكشفين مثل كوزموس، ماركو بولو وغيرهم إلى أنّ الفارسيين لعبوا دورًا مهيمنًا خلال المرحلة المبكّرة من التّجارة الإسلاميّة في المحيط الهنديّ، وكانت سريلانكا رائدة التّجارة الفارسيّة، خلال الفترة التي سبقت القرن السّابع الميلاديّ بقليل، وكانت سريلانكا معروفة باسم سرانديب بين التُّجّار المسلمين.
المسلمون في سريلانكا
يوجد المسلمون في سريلانكا منذ ازدياد أنشطتهم التّجاريّة في شبه الجزيرة الهنديّة، في الفترة بين 1000-1500 ميلاديّ، وما زالت آثارهم إلى اليوم في سريلانكا وبلدان جنوب شرق آسيا، وكانت الهجرة والتّجارة هما السّبب الرّئيسيّ في نمو الاسلام في سريلانكا وازدياد المجتمع الإسلاميّ، في القرنين السّادس والسّابع عشر، كان المسلمون في سريلانكا ينقسمون إلى فئتين كبيرتين، ويحملون لفظ “المغاربة” في الوثائق البرتغاليّة، لأنّ التّجارة التي كانت تصل من الهند، كان يتعامل معها المغاربة، وتتألّف المجموعة الثّانية بشكل رئيسيّ من التّجّار الذين قاموا بتشغيل وعمل القوارب الشّراعيّة بين البلدين، وكانت هذه المجموعة تزور سريلانكا سنة تلو الأخرى، وتأتي في بداية موسم الإبحار، وتذهب عند نهايته، أو خلال العام التّالي، وخلال كلِّ زيارة كانوا يُمضون عدّة أشهر في سريلانكا.
ومع الوقت تطوّرت العلاقات مع التّجّار المسلمين، والسُّكّان الأصليّين، وأصبحوا أصدقاء، ولديهم ممتلكات في سريلانكا، وتزوجوا سريلانكيّات، وكانت تُسمّى هذه المجموعة في الوثائق الهولنديّة والبريطانيّة المُبكّرة، باسم “ساحل المغاربة”، وطوال القرنين السّادس والسّابع عشر ازدادت أعداد المسلمين كثيرًا في سريلانكا على السّاحل الغربيّ، وخاصّة في بوتالام، تشيلو، مادامب، نيجومبو، كولومبو، كالوتارا، بيروالا، موغونا، باياغالا، ألوثغاما، بينتوتا، جالي، ويليغاما، ماتارا.
الثّقافة الإسلاميّة في سريلانكا
جلب الاسلام في سريلانكا العادات الإسلاميّة وطريقة حياة جديدة إلى الجزيرة، ولكن مع مرور الوقت تزوّجوا من السّكّان المحليين وتبنوا أساليب حياتهم التي كانت تتماشى مع الإسلام والتّقاليد الإسلاميّة، وهكذا أسّسوا أسلوبًا مميّزًا للحياة وشكلًا مميّزًا من أشكال الثّقافة الإسلاميّة الفريدة في سريلانكا.
بما أنّ المسلمين الأوائل كانوا تجّارًا، فقد تبنّوا لغة التّاميل، وفي هذه الفترة كانت التّاميل وسيلة للتّجارة والتّبادل التّجاريّ، وتمّ إدخال العديد من الكلمات العربيّة تدريجيًّا، إلى أن أصبحت التّاميل تُكتب باللّغة العربيّة، ممّا أدّى إلى ما يسمّى (العربيّة-التّاميليّة)، وتمّ تأليف العديد من الأعمال الأدبيّة والاحتفالات (باللّغة العربيّة-التّاميليّة) ومعظمها ما زال يملك شعبيّة حتّى اليوم. تمّ تبنّي العديد من العادات السّائدة في مجتمعات التّاميل والسّنهاليّة ودمجها مع عادات الاسلام في سريلانكا وهي سائدة إلى اليوم أيضًا.
لا يتكوّن المجتمع المسلم في سريلانكا من أحفاد التُّجّار العرب فقط، إذ أتى في وقت لاحق إلى سريلانكا عدد من المسلمين الهنود، ومن منطقة مالايان، وأحضروا معهم عادات وتقاليد جديدة أُدخلت أيضًا إلى عادات الاسلام في سريلانكا وأدّى هذا إلى اختلافات كبيرة في طريقة حياة المسلمين في سريلانكا.
المرأة المسلمة في سريلانكا
حدث تغيُّر كبير في موقف المسلمين تجاه المرأة في القرن العشرين، وتمكّنت النّساء المسلمات من ترك دورهنّ التّقليديّ لربّة المنزل، والأمِّ، وأصبحت مُتعلّمة ومُتحرّرة، وفي الوقت الحاضر هناك العديد من الطّبيبات النّاجحات والمُحاميات والأكاديميّات، وانضمّ عدد قليل من النّساء في سريلانكا إلى السّياسة، وكانت السّيّدة عائشة رؤوف نائب رئيس بلديّة كولومبو.
في الماضي أُجبرت الفتيات في سريلانكا على ترك المدرسة عندما يبلغن سنّ الرّشد، ويبقين في المنزل، ويتزوّجن في سنٍّ مبكّرة، على الرّغم من أنّ الاسلام في سريلانكا وفي جميع العالم يدعو إلى تعليم الإناث، إلّا أنّ التّعليم لا يعتبر مهمًّا للفتيات المسلمات في بلد مثل سريلانكا، والهدف الوحيد من التّعليم هو تدريب الفتيات على أن يكُنَّ زوجات مطيعات وأمّهات صالحات.
في العائلات الغنيّة، تمَّ تدريب الفتيات على الخياطة، والطّهي، وفي بعض الأحيان الموسيقى، بالإضافة إلى أنّ قراءة القرآن وتلاوته كان جزءًا أساسيًّا من تدريب الفتيات. تغيّرت هذه المواقف تجاه تعليم المرأة في سريلانكا في لثّلاثينات، في عام 1936، حيث شدّد مؤتمر (كُّل سيلان) للتّربيّة الإسلاميّة على أهمّيّة تعليم الإناث كخطوة في تقدم المجتمع، وفي عام 1943، طلب (السير رزق فريد) من الحكومة إنشاء مدارس للفتيات المسلمات.